بوتين يقنع أردوغان «بأن الله حق»!

بوتين يقنع أردوغان «بأن الله حق»!

بعيداً عن الشماتة، رغم أنها حق لنا، كيف يمكن قراءة اعتذار« رجل تركية القوي» لروسيا عن إسقاط الطائرة، بعد أشهر من المكابرة الجوفاء، والعنجهية في البداية، واللف والدوران، مؤخراً:

-إن الاعتذار- الهزيمة، هو استمرار لتراجع كل المعسكر الذي ينتمي إليه أردوغان، من واشنطن، إلى مدينة الضباب الضائعة هذه الأيام، إلى مشايخ النفط، وانتهاء بـ «ثوريي النفط» الذين كادوا أن يجعلو من أنقرة قبلة العلمانية والحداثة. 

-إنه هزيمة جديدة، لبقايا الإسلام السياسي بصيغته الإخوانية التابعة للمركز الرأسمالي الغربي على طول الخط، والطائفي في البنية والتكوين.

-إنه تقدم جديد على طريق الحل السياسي للأزمة السورية، باعتباره تقليماً لأظافر قوة إقليمية، طالما كانت واحدة من أهم معيقي تقدم العملية.

-إنه درس تاريخي – بهدله-، لقوى المعارضة السورية التي زاودت على أردوغان وأركان حكمه، في الدفاع عن الموقف التركي، وهي في نفس الوقت سحب للبساط من تحت أقدام متشددي الطرف الآخر، التي طالما استندت إلى الموقف التركي المتهور والاستفزازي، للتهرب من استحقاق الحل السياسي.

وفي سياق آخر، ربما من المفيد، الإجابة عن السؤال الذي يمكن أن يطرحه كل المتابعين للشأن السياسي، وهو، كيف «اقتنع» أردوغان « بأن الله حق»..؟

لم تصطدم سياسات أردوغان حتى ما قبل لحظة الاعتذار، بدور ومصالح القوى الدولية الصاعدة فحسب، ولم تشكل حرجاً للتيارات «العقلانية» في المراكز الرأسمالية فقط، بل اصطدمت أيضاً، بمصالح قوى البرجوازية التقليدية في جهاز الدولة التركي، وتلك الطبقات والشرائح الاجتماعية التي خسرت الكثير جراء هذه السياسة المتبعة مع القوى الإقليمية والدولية، وبسبب توتير الوضع في الداخل التركي نفسه، وخصوصاً ما يتعلق بالملف الكردي.. بمعنى آخر، إن سياسات أردوغان تنتمي إلى مرحلة ما قبل تشكل التوازن الدولي الجديد، وبالتالي فإنها قد فقدت مبررات وجودها، واستمرارها.

السؤال الآخر، ماذا بعد الاعتذار؟

إن انتهاء الخيار الأردوغاني سياسياً، لا يمنع قوى رأس المال العالمي، وبالأخص المركز الفاشي، من استخدام فضلات السياسة الأردوغانية، وإعادة تدويرها، وتوظيفها باتجاه آخر، وتحديداً باتجاه القضية الكردية، الأمر الذي يعني استمرار الدور الوظيفي السابق في توتير الأوضاع الإقليمية، وإن كان من بوابة الاشتغال على العامل القومي.

إن استراتيجيات و بنية القوى الدولية الصاعدة، التي لجمت الحصان التركي، قائمة على تهدئة كل الساحات، وبالتالي من غير المسموح لتركية بوجود أردوغان، أو دونه، العبث والشغب في هذا الفضاء بعد الآن، ومن هنا يمكن التأكيد، بأن أي دور جديد لتركية لا يتوافق مع هذا الخيار، ستكون نتيجته بالضرورة، هزيمة أخرى لقوى الحرب.       

 

آخر تعديل على الثلاثاء, 28 حزيران/يونيو 2016 14:02