توزّع عوائد موسم الحمضيات...  بين المنتجين والتجار والمصدرين

توزّع عوائد موسم الحمضيات... بين المنتجين والتجار والمصدرين

سنوياً وفي مثل هذا الموسم الشتائي تمتلأ الأخبار المحلية بشكاوى مزارعي الحمضيات السوريين، وبالمقترحات المسوّفة منذ عقود، وبصور الأشجار المحمّلة بثمارها والتي تركها أصحابها للذبول. الفائض السوري الذي يتجاوز نصف كميات الإنتاج كان دائماً مشكلة لا ثروة، بينما سنوياً تحاول الحكومات الإيحاء بالحركة. وفي هذا العام تقول الحكومة إنها وجدت حلاً للتصدير!

الإنتاج المقدّر لهذا العام يقارب 817 ألف طن من الحمضيات، مقابل 1.2 مليون طن العام الفائت بتراجع يرتبط بكميات الأمطار وتوقيتاتها. الاستهلاك المحلي يقارب 500 ألف طن فقط وفق التقديرات المعتادة، والباقي عوضاً عن تحوّله لمصدر دخل قد يتحول إلى موضع خسارة للمزارعين نظراً لصعوبات التصدير...

تصدير 140 ألف طن

الحديث عن كميات التصدير متضارب، ولكن تشير تصريحات رسمية إلى وصول الكميات إلى 140 ألف طن. هذه الكميات المصدّرة تشكل نسبة تقارب 28% من الفائض المتعارف عليه والمقدّر بـ 500 ألف طن من الثمار. ولكنه أيضا ًرقم مرتفع إذا ما قسناه بكميات التصدير في عام 2017 التي لم تتجاوز عملياً 3000 طن من ثمار البرتقال وفق منظمة الفاو.
العراق هو السوق الأساسية المعتادة للحمضيات السورية وحتى الآن لم يتم تصدير إلا 20 ألف طن للعراق عبر معبر البوكمال. الجزء الأساس تمّ تصديره إلى روسيا 100 ألف طن صدّرها القطاع الخاص. بينما وزارة الزراعة لم تستطع بعد التوصل إلى اتفاق للتصدير المستدام مع الطرف الروسي، وفق تصريحات لمدير الزراعة في اللاذقية الذي قال إنه قد تمّ تصدير 8000 طن وكانت التوقُّعات أعلى مع وجود صعوبات لم يشر إليها..
ويأتي هذا بعد أن كثر الحديث عن الاتفاق على خروج شحنتين بحريتين شهرياً ومباشرة من الموانئ السورية إلى الموانئ الروسية تحمل كل منهما 1500 طن من الحمضيات وبتكاليف شحن قليلة.

«الاعتمادية» جديدُ الحكومة

جديدُ الحكومة، هو الحديث عن الآلية الجديدة «الاعتمادية» لتصدير الفوائض، بتعاون بين وزارتي الزراعة والاقتصاد وهيئة دعم الإنتاج المحلي والتصدير، إذ تمّ التعاقد مع شركتي مراقبة دوليتين إحداهما إسبانية والأخرى إيطالية، لاعتماد سلسلة تصدير كاملة: اختيار مَزارع بمواصفات محددة بأولوية للمزارع ذات الحجم الكبير 2.5 هكتار للمزرعة، وتحقق شروط الاعتمادية الأخرى 138 مزرعة، ومراكز توضيب وفرز، ومصدّرين أو شركات تصدير. والحديث هنا عن تحسين شروط الإنتاج والتوضيب لرفع إمكانات تسويق الثمار السورية عالمياً.
كما قالت الحكومة إنها ستدعم بمبلغ 40 ألف ليرة الطن المصدّر، وهذه تذهب مناصفة بين المزارع والمصدّر. وفي هذا طبعاً عدم عدالة في توزيع الدعم، حيث سيتم توزيع مبلغ واحد على عدد كبير من المزارعين، قد يصلون إلى عشرات الآلاف مع وجود 52 ألف أسرة تزرع الحمضيات في سورية، وبالمقابل سيتم توزيع المبلغ ذاته كدعم لعدد أقل من المصدّرين قد لا يتعدى عملياً 10 شركات بأفضل الأحوال!

كِلَفُ المزارعين وأسعار التجار

دائرة التسويق أشارت إلى أن الكلفة التقديرية في أرض المزرعة بلغت هذا العام 25.5 ليرة للكغ الواحد وسطياً من أنواع الحمضيات، واقترحت شراء المحصول بسعر وسطي 29 ليرة. ولكن الأسعار المعتمدة أتت أعلى من هذا والأسعار التأشيرية تراوحت للأنواع بين 30 وصولاً إلى 50 ليرة للأنواع المختلفة.
ولكن تقديرات المزارعين تختلف عن هذه التقديرات الرسمية التي تمّ اعتمادها وحسابها في شهر أيلول وقبل الارتفاع الجنوني في أسعار الدولار ومستوى الأسعار العام. وفي تقدير لمصادر زراعية لقاسيون تبين أن التكلفة الوسطية للكغ تصل إلى 75 ليرة، وقد قدرت كلفة الطن بحوالي 50 ألف ليرة مضافاً إليها قرابة 25 ألف ليرة للنقل والعبوات التي ارتفعت أسعارها في هذا الموسم. وبناء على هذه التكلفة فإن أنواعاً عديدة من البرتقال التي تسعّر بسعر 50 ليرة لسعر الجملة خاسرة، بينما تربح الأنواع الأخرى التي تسعيرة الجملة منها 100 ليرة. بينما الحامض الذي سعر جملته قارب 100-150 ليرة فهو رابح عموماً بنسبة بين 25% وصولاً إلى 100%، وارتفعت الأرباح في بعض أنواع الحامض المصدّر كالحامض الفرنسي إلى 300%.
وقد وصل سعر الجملة للحامض المعد للتصدير إلى 300 ليرة، أي قرابة 0.4 دولار وفق سعر دولار 700 ما يعني أن سعر التصدير سيكون أعلى من ذلك.
لذلك إذا لم تُعدّل الجهات الحكومية التي تشتري من المزارع أسعارها فإنها عملياً لن تحصل على مبيعات من المزارعين، ولن تستطيع أن تقوم بتجميع كمِّيات كافية للتصدير، الذي سينحصر عملياً بالقطاع الخاص كما جرى حتى الآن.

 

 

إن إنتاجاً بكمية 817 ألف طن، يعادل وفق الأسعار العالمية 325 مليون دولار تقريباً، ولكنه وفق السعر المحلي الوسطي لهذا الموسم الذي قارب 250 ليرة للمستهلك، فإننا نتحدث عن قيم إنتاج تقارب 200 مليار ليرة. لقد تمّ توزيع هذه القيم على 50 ألف أسرة زراعية مع العمال المأجورين العاملين ضمن المزارع ليحصلوا على قيم قاربت 80 مليار ليرة، ونسبة 40% تم توزيعها على مئات الآلاف من المنتجين والعمال.
60% من قيم هذه الحمضيات تذهب إلى حلقات التجارة المختلفة، حصة هامة لتجار سوق الهال، والحصة الأهم لقلة من المصدّرين مع فتح باب التصدير، حيث سعر التصدير السوري كان في 2017: 0.5 دولار ما يعني أنه بأقل أسعار دولار اليوم يعادل 350 ليرة وربح 250 ليرة في الكغ المصدّر. وإذا ما تمّ تصدير 140 ألف طن من القطاع الخاص، فإنه قد حقق ربحاً يقارب: 35 مليار ليرة سورية تقريباً لمجموعة مصدرين قد لا تصل إلى العشرات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
951
آخر تعديل على الأربعاء, 05 شباط/فبراير 2020 13:43