نريد قانوناً دستورياً لا عصرياً
أديب خالد أديب خالد

نريد قانوناً دستورياً لا عصرياً

أوضح مدير العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أن تعديل قانون العمل رقم 17 لعام 2010 جاء في ضوء الحاجة لمواكبة التطورات وتقديم قانون عصري يخدم مصلحة جميع الأطراف، مبيناً أنه تم تعديل 26 مادة في القانون تتوافق مع الاتفاقيات الدولية والعربية، أهمها: زيادة الراتب بمقدار 9% يستحقها العامل كل سنتين.

كما لا يجوز للعامل ترك العمل من دون سابق إنذار ومن دون إعلام صاحب العمل، حيث ستكون ضوابط لهذا الأمر، ومن التعديلات أيضاً الترخيص بافتتاح مكاتب خاصة للتشغيل، وذلك بقرار من الوزير المختص تتولى تأمين متطلبات أصحاب العمل من العمال السوريين المسجلين لدى هذه المكاتب والتعاقد معهم، كما جاء في التعديلات منح العاملة التي أمضت 6 أشهر متصلة لدى صاحب العمل إجازة أمومة بكامل أجرها مدتها 120 يوماً عن كل ولادة من الولادات الثلاث الأولى، ومن التعديلات: التزام صاحب العمل بأن يؤدي للعامل غير المشمول بأحكام التأمينات الاجتماعية أو المشمول بإصابات العمل فقط عند انتهاء عقد العمل مكافأة عن مدة خدمته تحسب على أساس أجر شهر عن كل سنة خدمة، كما يستحق مكافأة عن كسور السنة بنسبة ما قضاه في العمل، وأشار مدير العمل في الوزارة: أنه بعد الانتهاء من إبداء الملاحظات سيكون هناك اجتماع نهائي مع وزارة العدل ونقابة العمال لرفعه نهائياً إلى الجهة المعنية لإصداره رسمياً.

تعديلات لا تساوي قيمة الحبر الذي ستكتب به

توضيح وزارة العمل على أن تعديل قانون العمل رقم 17 لعام 2010 جاء ليواكب التطورات ويقدِّم قانوناً عصرياً يخدم مصلحة جميع الأطراف فيه، نوعٌ من التجميل لهذه التعديلات التي لن تقدم، بل ستؤخر من حال الطبقة العاملة، حيث لم تقدم هذه التعديلات أيّ جديد للطبقة العاملة سوى بعض الحقوق الصغيرة وربما المتناهية في الصغر، والتي لن يلاحظها أحد ولا أي عامل أو نقابي أو حقوقي أو أي شخص مهتم بشؤون الطبقة العاملة.

الحفاظ على جوهر الاستغلال في القانون

هناك سلبيات جديدة ستضاف إلى قانون العمل رقم 17 أولاً: من حيث حفاظ القانون على جوهره القائم على استغلال العمال، وجعل صاحب العمل هو الحكم والخصم وإخضاع عقود العمل إلى سلطان إرادة صاحب العمل وحده، وتأكيداً على حجب الحقوق المنصوص عنها في الدستور عن العمال كحق الإضراب والعدالة الاجتماعية وحماية قوة العمل، لا بل يتضمن التعديل الجديد تراجعاً، حيث يُعد تنازلاً من قبل الدولة عن واجبها الدستوري في تأمين فرص عمل للمواطنين عبر السماح بافتتاح مكاتب تشغيل خاصة، حيث يعد هذا بمثابة إعلان عن أنّ الدولة رفعت يدها عن هذا الموضوع الهام جداً وتركته للقطاع الخاص. وبالتالي، سيصبح العمال مجردين كأيةِ سلعة في السوق خاضعة لقانون العرض والطلب.

ضرب مؤسسة التأمينات الاجتماعية

الأخطر من هذا أيضاً، إيجاد باب لأرباب العمل للتهرب من تسجيل عمالهم في التأمينات الاجتماعية، وهذه من أبسط حقوق العامل، حيث سيعطى العامل غير المسجل في التأمينات عند انتهاء عقد عمله مكافأة عن مدة خدمته تحسب على أساس أجر شهر عن كل سنة خدمة، وهذا يعتبر طوق نجاة لأرباب العمل، ومن جهة أخرى كيف سيتم إلزام أصحاب العمل بدفع هذه المكافأة ؟؟ أم هي مجرد بدعة لخداع الطبقة العاملة، وإلّا يتسبب ذلك في خسارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وقطعاً للموارد عنها.

اتفاقيات منظمة العمل أم اتفاقيات صندوق النقد الدولي؟؟

عن أية تعديلات تراعي الاتفاقيات الدولية تحدثت وزارة العمل؟؟ هل قصدت الاتفاقيات الدولية لمنظمة العمل التي تؤكد على حرية التنظيم النقابي رقم (87) وعلى العدالة الاجتماعية، أم تعديلات تراعي الاتفاقيات الدولية لصندوق النقد الدولي؟! ولماذا لم تأتِ قبل أن تصف هذا التعديل بالعصري على ذكر النصوص الدستورية التي تؤكد على ضرورة ربط الأجور بالأسعار، وعلى حق الإضراب كسلاحٍ بيد الطبقة العاملة، وعلى حماية قوة العمل، وعلى تفعيل دور المحاكم العمالية في تحصيل حقوق العمال وليس العكس، أليس حرياً بها أن تصف مشروع قانونها بالدستوري قبل أن تصفه بالعصري؟
من المؤكد، أن الحكومة ما زالت تسير بالسياسات الليبرالية الاقتصادية والتي أدت إلى إفقار 85% من السوريين، وما زالت ترفع شعار (دع الأغنياء يغتنون فهم قاطرة النمو) ولن تقدم قانون عمل عصرياً ولا دستورياً بل جُلّ ما ستقدمه، هو قانون عمل يناسب أرباب العمل ويقدم لهم مزيداً من التنازلات على حساب الطبقة العاملة، وعلى حساب الإنتاج ومصلحة البلاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
905
آخر تعديل على الإثنين, 18 آذار/مارس 2019 12:35