وجهة نظر  قانون التنظيم النقابي 84
إلياس زيتون إلياس زيتون

وجهة نظر قانون التنظيم النقابي 84

نتابع من خلال هذه المادة سعينا الجاد لإبراز الجوانب الأكثر أهمية في الرؤية العامة لقانون التنظيم النقابي الجديد المفترض، بما يتناسب في الظروف الناشئة في البلاد.

كنا قد أوضحنا سابقاً، أن القاعدة الأساس لأيّة صياغة وصناعة للقانون الجديد، لا بدّ أن تكون منطلقة من الضمان الكامل والحقيقي لجميع الحقوق السياسية والنقابية للطبقة العاملة، بعيداً عن قوى الوصاية والهيمنة، وبذلك يتم تحقيق ما يلي، أولاً: تمكين العمال من صياغة برنامجهم المعبر عن مصالحهم الطبقية والحقوقية، وتطويره وتعديله كلما استدعت الضرورة ذلك، وتوفير الوسائل الضرورية لتنفيذه. ثانياً: تمكين العمال من انتخاب قياداتهم على طول خط التسلسل الهرمي من القاعدة إلى رأس الهرم، وهذا كفيل ببناء هيكل تنظيمي صلب قادر على قيادة التنظيم وإدارة شؤونه وبرنامجه، والوصول إلى كافة الأهداف قصيرة الأجل منها والإستراتيجية. ثالثاً: إمكانية فرض أشد رقابة من قبل العمال على أداء تنظيمهم النقابي وقدرتهم على المحاسبة والتغيير في حال الترهل والانزياح، وهنا يأتي دور القانون في متنه ومواده المفترض بناؤها وفق الأهداف السابقة، ليكون بذلك أحد أهم روافع الوزن النوعي للطبقة العاملة والتنظيم النقابي، ومعززاً لدوره المطلوب منه.

ماذا عن اللجنة النقابية؟

لنبدأ بطرح مجموعة من الأسئلة التي ستشكل الإجابات عنها أرضية صلبة للنقاش وإطلاق العنان للأفكار والطروحات، وتحرض على الدخول بتفصيل التفصيل المؤدي لتبلور برنامج يتماهى مع الفضاء الجديد، ولنبدأ من اللجنة النقابية، وهي القاعدة التنظيمية الأولى، لكنها الأكثر أهمية لفكرة البناء من تحت إلى فوق، حيث يعتبر أعضاؤها النقابيون الأكثر احتكاكاً بالعمال والعمل، والمطلعون على كل صغيرة وكبيرة. فاللجنة النقابية هي الحلقة الأولى من سلسلة الهيكل التنظيمي، ومرآة التنظيم أمام العمال، ومرآة العمال أمام التنظيم.
نبدأ من سؤال: من ينتخب هذه اللجنة؟ هل الهيئة العامة التي تُعرف بأنها مجموع العمال المنتسبين للنقابة ضمن التجمع العمالي الواحد؟ أم أنّ هذا الحق لجميع العاملين بغضّ النظر عن انتسابهم؟ ما آلية الانتخاب الأكثر نزاهة والأعلى تمثيلاً للعمال وحقوقهم؟ ومن يحقّ له الترشح وعلى أيّ أساس؟ ألا يجب أن تكون الآلية مقوننة بالكامل؟ إن المنطق المستمد من التجربة وما لآلت إليه أوضاع الحركة النقابية يجعلنا نجزم بأن المفترض أن تكون الهيئة العامة هي مجموع كل العمال المنتسبين وغير المنتسبين للتنظيم النقابي، وللجميع حق الانتخاب واختيار ممثلهم في اللجنة، كون اللجنة النقابية لاحقاً ستكون معنية بكامل عمال التجمع دون استثناء في حين ينحصر حق الترشح بالمنتسبين للنقابة.

انتخاب البرامج والأمانات

أما آلية الانتخاب، فبالإضافة إلى الاقتراع السرّي لا بدّ من إضافة عدة بنود أخرى، ومنها: حق الترشح، يجب أن يكون حرّاً وليس ضمن شروط القائمة المغلقة، بل يحق الترشح الفردي على مقعد واحد، ويحق للمرشحين أيّاً كان عددهم التكتل الانتخابي ضمن قوائم متوافقة على برنامج عمل واحد، مع إلزام المرشحين بعرض برنامجهم الانتخابي في اللوحات الإعلانية، أياً كانت طريقة الترشح وشخص المترشح، بالإضافة إلى ضرورة الترشح على مقعد الأمانة التي يستهدفها المرشح، كون الاختصاص أمراً مهماً للغاية، فالعامل الراغب بترشيح نفسه يجب أن يُعلن لناخبيه أية أمانة يستهدف في ترشحه، ليجري تقيمه من الناخبين وفق ذلك، فلكل أمانة مواصفات ومهام خاصة، فالتنظيم يختلف عن الخدمات وعن الثقافة الإعلام.. إلخ، ليجري فرز الأصوات لاحقاً وإعلان المرشح وفق النسبية على الأمانات، فصاحب أعلى أصوات لمقعد الخدمات مثلاً سيكون المقعد والعضوية من نصيبه، وهذا الإجراء سيضمن بالحد الأدنى طرح البرنامج من قبل المرشح، ويجعله في موقع محاسبة وتقييم ناخبيه طوال مدة عضويته.
لا بدّ من نقاش أوسع (على قاعدة لا فيتو) لمسألة اللجنة النقابية حتى على صعيد عدد أعضائها، وتوزيع المهام بين أعضائها على الأمانات، وإن كانت آلية الانتخاب بخطوطها العامة قد اتضحت بشكل مقبول، لا بدّ من الانتقال في مواد صحفية لاحقة لنقاش آلية الرقابة والمحاسبة، وتجديد الثقة أو سحبها، وتحليل أهمية عقد مؤتمر سنوي للجنة النقابية ومناقشة من يمثل التجمع العمالي لمؤتمر النقابة، وآلية انتخابهم، وكل ما يتعلق باللجنة النقابية، ولا ضَير من التوسع والتمهل والاستمرار بفتح الملفات التي حان وقت فتحها وللحديث صلة...

معلومات إضافية

العدد رقم:
927
آخر تعديل على الإثنين, 19 آب/أغسطس 2019 15:18