كنوز «الأربعين حرامي» بداية الحلول
إلياس زيتون إلياس زيتون

كنوز «الأربعين حرامي» بداية الحلول

«مقسوم لا تاكل وصحيح لا تقسم وكول لتشبع»، تبدو هذه الجملة مناسبة لموضوعة زيادة الأجور وهي معبرة بشكل كبير عن عقلية الحكومة بهذه القضية، فالمطالبة المستمرة بزيادة الأجور ما زالت تصطدم بمبررات حكومية مباشرة وغير مباشرة، ولا يمكن إنكار صدق الحكومة ببعض المبررات ليس حباً بالحكومة وعقليتها الفوضوية بل من باب الموضوعية، فمسألة عدم وجود الموارد الحكومية الكافية والكفيلة بتغطية الزيادة المطلوبة هي بالفعل حقيقة موضوعية، ولكنها حقيقة ناقصة فالموارد موجودة وبوفرة كبيرة، لكنها خارج الأطر الحكومية ومؤسساتها، ولا يحتاج الوصول إليها سوى لكلمة السر (افتح يا سمسم) المتمثلة بالقرار والإرادة والوصول إلى كنوز الأربعين حرامياً.

تحت ضغوط المعيشة والوضع الاقتصادي الكارثي، يطالب العمال بشكل دائم ومستمر عبر جميع منابرهم وقواهم بزيادة الأجور، وليست أية زيادة بل الزيادة الحقيقية التي تعني ارتفاع القيمة الشرائية لها، وليست تلك الزيادة النقدية التي طالما كانت نقدية فقط، بل إنها تضعف القيمة الشرائية أكثر وأكثر، ويمكن القول بأن المطالبات العمالية والنقابية التي صيغت على مبدأ إعادة النظر بكامل سياسة الأجور، وربطها بالحد الأدنى للمعيشة الضرورية هي الأكثر وضوحاً والأكثر جدوى، فلا حاجة لأجرٍ مهما زادت أصفاره وأرقامه إن لم يكن مساوياً للحد الأدنى الضروري لمتطلبات الحياة، وبنظرة أولية للفارق الخيالي بين الأجر الحالي والحد الأدنى للضرورات الحياتية نجد بأن الوصول إلى تطابق بين الرقمين يحتاج إلى مضاعفة القيمة الشرائية للأجور لأكثر من 12 ضعفاً، أو إلى تخفيض سعر المتطلبات بالنسبة ذاتها فهل هذا ممكن؟ وكيف؟
من الطبيعي والبدهي ألّا يطالب أحد بتبخير الفارق المضاعف بكبسة زر وبمدة زمنية قصيرة، فذلك ليس موضوعياً بشكل أو بآخر، ولكن عدم البدء بالحلول هو بحد ذاته تخاذل وخروج عن البدهيات، فالحكومة الباحثة عن الموارد ما زالت بوصلتها غريبة عجيبة بل ومعطوبة أيضاً، حيث إنها تبحث في المكان غير المناسب، تارة تسحب من جيوب العمال والشرائح الفقيرة، وتارة من الصناعيين والحرفيين وأصحاب الأعمال الصغيرة، وتخرج قرارات زيادة الرسوم والضرائب بالجملة وما زالت أسيرة هذه الحلقة المغلقة، فلا هي تخرج ولا تُخرج القابعين تحت خط الفقر المدقع من عقم هذه الأفكار والتوجهات، أضف إلى ذلك العديد والعديد من القرارات والقوانين والتعديلات التي لا تعد ولا تحصى، متجاهلة كنوز الفاسدين وأرصدة الناهبين ومزايا النخب المالية التي أرهقت الدولة والمجتمع، فكما فعلت تلك القوى المالية الناهبة فعلتها في تكون عوامل نشوء الأزمة الوطنية الكبرى واستمرارها، ها هي تزيد من ممارساتها وحصص نهبها لتقضي على كل ما تستطيع الوصول إليه من موارد لتتحول إلى عبء كبير على الاقتصاد الوطني لحمل ثقيل لا يمكن بوجوده المضي بأية تنمية قادمة أو آنية، حتى إن الحلول الإسعافية أصبحت بلا جدوى في ظل هذه المنظومة المتشعبة والمتجذرة، وعليه، فإن أولوية أي برنامج عمل وطني اليوم أياً كان مصدره وتعبيره الطبقي والسياسي هو ضرب هذا الفساد ومحاصرته واجتثاثه من جذوره، ولا سبيل آخر أو حلول.
إن طريق الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي للخلاص والعبور واضحٌ، ولطالما تلمَّست الطبقة العاملة طريقها وبرنامجها الوطني الطبقي، ولطالما كانت رأس الحربة في أي مشروع وطني وفي طليعة الطبقات الاجتماعية، عالمة بحقوقها وواعية لواجبها، لذلك نرى أن موقفها من الفساد والنهب هو الموقف الأشد والأوضح، ولكن هناك الكثير من المعيقات والموانع التي تمنع الطبقة العاملة من أخذ زمام المبادرة في رد العدوان على حقوقها ومصالحها، والتي ستعمل على تجاوزه بحكم الضرورة..

معلومات إضافية

العدد رقم:
931