العمال الفرنسيون والعمال السوريون؟

العمال الفرنسيون والعمال السوريون؟

مع تعقد الأزمة العامة للرأسمالية ودخولها بأطوار جديدة من التأزم، أدى ذلك إلى الهجوم المباشر على المصالح والحقوق المباشرة للعمال ولكل العاملين بأجر، وبالتالي خسارة العمال لتلك الحقوق التي انتزعوها في لحظة التوازن في ميزان القوى الدولي بعد الحرب العالمية الثانية

تلك المرحلة التي كانت تسمى بمرحلة الرفاه الاجتماعي، التي كانت في الغالب على حساب الشعوب التي كانت تتحكم باقتصاداتها الدول الاستعمارية لترشي بجزء منها شعوبها، ولكن هذه الحالة لم تدم طويلاً، بل أخذت بالتغير مع تبني السياسات الليبرالية، أو ما يسمى بالليبرالية الجديدة وعنوانها الأساس تجريد الشعوب سواء بالمراكز الإمبريالية أو بالأطراف من حقوقها الاقتصادية والسياسية وحقها بالدفاع عن مصالحها المباشرة في مواجهة آلةِ النهب المتوحشة.
العمال الفرنسيون نزلوا إلى الشارع وهذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، بل هي موجات من الحراك المتصاعد في مواجهة النهب المتصاعد أيضاً، وقد يكون تغيير قانون التقاعد الذي طرح الشرارة التي ستشعل السهل كله باعتبار هذا القانون بالشكل الذي طرح سيمدد سني الاستغلال للعمال لهذا نزل العمال.
بالمقابل، العمال السوريون الذين يتعرضون كرفاقهم العمال الفرنسيين من حيث درجة الاستغلال والهجوم على مصالحهم وحقوقهم، والسبب واحد، السياسات الليبرالية التي تتبناها الحكومات السورية والتعليمات التي تتبعها كنصائح من قبل المراكز المالية صندوق النقد والبنك الدوليين، والحجة تخفيف العبء الذي تتحمله الحكومات جرّاء التزامها بالحقوق العمالية، والحل انسحاب الحكومات من التزاماتها تجاه العمال وعموم الفقراء وتركه لقوى السوق الكبرى التي أوصلت شعبنا وبلادنا إلى حالة كارثية من الأوضاع المعيشية وغيرها.
العمال الفرنسيون ينزلون إلى الشارع من أجل تقصير سنوات العمل والعمال، السوريون يجهدون من أجل إطالة سنوات العمل ليس هذا فحسب، بل إن العامل السوري يبحث جاهداً عن عمل إضافي قد يمتد لثماني ساعات أخرى أو أكثر ليس حباً في إفناء قدراته التي يبذلها في العمل المختلف لساعات طويلة، بل من أجل أن يتمكن من تأمين جزء يسير من احتياجاته الضرورية التي لا يمكنه تأمينها بأجره الذي يعمل به، فشعار من أجل ثماني ساعات عمل الذي ناضل العمال السوريون من أجله، وكانوا ينزلون إلى الشوارع لتحقيقه عبر الضغط على أرباب العمل أصبح الآن شعاراً بعيد المنال بالنسبة لهم، والعودة إليه يعني انتزاع حق التعبير وحق الإضراب من أجل دفاع العمال عن كرامتهم وحقهم في الحياة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
943