الرأسمالية تدمر الأرض...  نحن بحاجة إلى حق إنساني جديد للأجيال القادمة

الرأسمالية تدمر الأرض... نحن بحاجة إلى حق إنساني جديد للأجيال القادمة

يشير الكاتب جورج مونبيوت في مقال له في صحيفة الغارديان البريطانية، إلى أن الشباب الذين خرجوا إلى الشوارع للتظاهر لهم كامل الحق: فمستقبلهم سُرق، وأصبح الاقتصاد عبارة عن مخطط هرمي بيئي، يلقي التزاماته على الشباب وعلى الذين لم يولدوا بعد.

إعداد وترجمة:
رامان شيخ نور

 

ففي صميم النظام الرأسمالي، يوجد افتراض شائع: يحق لك الحصول على حصة كبيرة من موارد العالم بقدر ما تستطيع أموالك شراءه، ويمكنك شراء أكبر قدر ممكن من الأراضي، أو مساحة كبيرة في الغلاف الجوي، أو العديد من المعادن، كما يمكنك شراء كميات كبيرة من اللحوم والأسماك، بغض النظر عن الأشخاص المحرومين، إذا كنت تستطيع دفع ثمنها، فيمكنك امتلاك سلاسل جبال كاملة وسهول خصبة، ويمكنك حرق الكثير من الوقود كما تريد. فكل دولار يضمن حقاً معيناً على ثروة العالم الطبيعية.
ولكن لماذا؟ ما المبدأ الذي يساوي بين الأرقام الموجودة في حسابك المصرفي وحق امتلاك ما على هذه الأرض؟ فمعظم الأشخاص الذين أسألهم لا يستطيعون الإجابة عن هذا السؤال.
ويدعي القانوني الإنكليزي ويليام بلاكستون: أنّ حق الرجل في «السيطرة الاستبدادية الوحيدة» على الأرض قد أنشأه الشخص الذي احتلها أولّاً، ويمكن بعد ذلك تبادل هذا الحق مقابل المال، هذا هو الأساس المنطقي لمخطط الهرم الكبير، وهذا ما قامت به الولايات المتحدة مع الهنود الحمر.
وليس فقط يمكن للمستعمر محو جميع الحقوق السابقة، بل يمكنه أيضاً محو جميع الحقوق المستقبلية، وأنت بذلك تمنع جميع المطالبين في المستقبل من الحصول على الثروة الطبيعية بنفس الوسائل.
والأسوأ من ذلك أن «عملك» يشمل عمل أولئك الذين يعملون من أجلك، ولكن لماذا يجب ألّا يكون الأشخاص الذين يقومون بالعمل هم الذين يكتسبون الحقوق؟
حتى لو كان من الممكن رفض الاعتراضات على ذلك بطريقة أو بأخرى، فما الذي يدور حول العمل الذي يُحوّل بطريقة سحرية، أي شيء يلمسه إلى ملكية خاصة؟ لماذا لا تثبت حقك في الثروة الطبيعية من خلال التبول عليه؟ الحجج التي تدافع عن نظامنا الاقتصادي واهية وغزيرة.
ويطلب الكاتب بأن نزيلهم بعيداً، وسترون أن البنية بأكملها تقوم على النهب: النهب من الآخرين والنهب من الدول الأخرى والنهب من الأنواع الأخرى والنهب من المستقبل.
ومع ذلك، وعلى أساس هذه العبث، فإن الأثرياء يدّعون لأنفسهم الحق في شراء الثروة الطبيعية التي يعتمد عليها الآخرون.
ويحذِّر الكاتب من تبريرات «هناك ما يكفي، وجيد، مشترك بين الآخرين»، فاليوم، سواء كنت تتحدث عن الأرض أو الجو أو الأنظمة الحية أو الأودية المعدنية الغنية أو معظم أشكال الثروة الطبيعية الأخرى، فمن الواضح أنه لم يعد هناك «كافٍ وجيّد»، كل ما نأخذه لأنفسنا نأخذه من شخص آخر.
إذن ما الذي يجب أن يحل محله؟ يبدو لي أن المبدأ التأسيسي لأي نظام عادل هو أن أولئك الذين لا يزالون على قيد الحياة بعد، سوف يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها أولئك الذين هم على قيد الحياة اليوم.
للوهلة الأولى، يبدو أنّ هذا لا يغير شيئاً: تنص المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن «جميع البشر يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق». لكن هذا البيان لا معنى له تقريباً، لأنه لا يوجد شيء في الإعلان يصرّ على أن جيلاً واحداً لا يمكن أن يسرق من الجيل التالي. وهذا يبدو كما يلي: «لكل جيل الحق المتساوي في التمتع بالثروة الطبيعية».
من الصعب الجدال حول هذا المبدأ، لكن يبدو أنه يغير كل شيء، فعلى الفور، يخبرنا أنه لا ينبغي استخدام أية موارد قابلة للتجديد تتجاوز معدل التجديد. لا ينبغي استخدام أي مورد غير قابل للتجديد لا يمكن إعادة تدويره بالكامل وإعادة استخدامه. وهذا يؤدي حتماً إلى نوبتين رئيستين: الاقتصاد التدويري الذي لا تضيع منه المواد؛ ونهاية احتراق الوقود الأحفوري.
ولكن ماذا عن الأرض نفسها؟ في هذا العالم المكتظ بالسكان، تمنع ملكية الأرض بالضرورة ملكية الآخرين.
فالمادة 17 من الإعلان العالمي متناقضة، تقول: «لكل شخص الحق في التملك»، ولكن لأنه لا يضع أي حد على المبلغ الذي يمكن أن يمتلكه شخص ما، فإنه يضمن عدم امتلاك كل شخص لهذا الحق.
ويريد الكاتب أن يغيرها إلى ما يلي: «لكل شخص الحق في استخدام الممتلكات دون انتهاك حقوق الآخرين في استخدام الممتلكات». والنتيجة هي أن كل من يولد اليوم سيحصل على حق متساوٍ في الاستعمال، أو سيحتاج إلى تعويض عن استبعاده.
فطريقة واحدة لتنفيذ ذلك، وهي من خلال الضرائب على الأراضي الرئيسة، المدفوعة في صندوق الثروة السيادية، ومن شأن ذلك أن يغير ويقيد مفهوم الملكية، ويضمن أن الاقتصادات تميل نحو التوزيع، بدلاً من التمركز.
هذه الاقتراحات البسيطة تثير ألف سؤال. ليس لدي كل الإجابات. ولكن يجب أن تكون هذه القضايا موضوع محادثات حية في كل مكان. إن منع الانهيار البيئي وانهيار النظام يعني تحدي أعمق معتقداتنا.

معلومات إضافية

العدد رقم:
908