ندوة قاسيون الاقتصادية: السياسات الحكومية مسؤول أساسي عن تخفيض قيمة الليرة

ندوة قاسيون الاقتصادية: السياسات الحكومية مسؤول أساسي عن تخفيض قيمة الليرة

انتهت منذ قليل وقائع الندوة الاقتصادية التي أجرتها جريدة قاسيون بعنوان «قيمة الليرة السورية وسعر صرفها مقابل الدولار»، وحضر الندوة مجموعة من الأكاديميين الاقتصاديين والمختصين، وجرى النقاش حول وضع الليرة السورية، والسياسات المطبقة خلال فترة الأزمة والاقتراحات المقدمة..

شهدت الندوة توافقات على عدد كبير من النقاط، في انتقاد السياسة الاقتصادية المطبقة، والإجراءات الضرورية التي كان من المفترض اتباعها

ورقة عمل الندوة تضمنت عدة محاور أولها تقدير القيمة التوازنية لليرة السورية، وتقييم السياسات الاقتصادية المتبعة، والإجراءات النقدية والمالية، والمقترحات.


(خيانة المواطن)
الدكتور منير الحمش تحدث عن الأثر السلبي للسياسات النقدية والمالية، والتي يرى أنها سارعت منذ بدايات الأزمة، في إفقاد الليرة وظيفة الادخار، وذلك بإعطاء الإشارة للسوق بتحويل المدخرات إلى دولار، ورأى بأن الإجراءات المغايرة لبعث الثقة في الليرة السورية، لا يمكن أن تتم دون التوقف عن سياسة اقتصاد السوق، واتباع سياسة تنموية معاكسة، تقوم على دور الدولة..

الدكتور عمار يوسف تحدث عن أثر القوى الاقتصادية الكبرى في استملاك أهم مفاصل الاقتصاد، وأن للسياسة الاقتصادية اليد الطولى في موضوع تراجع قيمة الليرة، متحدثاً عن الآثار المستمرة للبرلة الاقتصاد قبل الأزمة، وفي مقدمتها السماح بإدخال وإخراج الأموال، معتبراً أن ما يجري هو (خيانة للمواطن).

بدوره تحدث الدكتور علي كنعان حول مشاكل الاقتصاد السوري، التي أوصلته إلى بطالة 30%، وفقر 30% قبل الازمة. معتبراً أن سياسة (تجفيف منابع السيولة) التي طبقت خلال الفترة القريبة الماضية لتثبيت سعر الصرف، هي سياسة غير مجدية، وتؤدي إلى شلل النظام المصرفي. وقدم طرحاً حول الحل من وجهة نظر مالية، معتبراً بأنه يجب ترك سعر الصرف في السوق، وإصدار سندات خزينة لتمويل العجز.

الدكتور رسلان خضور، أشار إلى أن التفريق بين إدارة سعر الصرف، وسياسة سعر الصرف أمر ضروري، فالسياسة ليست مسؤولية المركزي وحده، الذي يتحمل مسؤولية سوء إجراءاته. معتبراً أن سعر الصرف مسألة إنتاجية بالدرجة الأولى، متسائلاً حول مصادر الموارد المتوفرة، مثل الأموال التي هربت بسهولة للخارج، والأرباح التي إذا ما تم دفع ضرائبها الفعلية فقط، قادرة على تغطية جزء هام من عجز الموازنة.

الدكتور حسان قطنا، تحدث عن أثر سعر الصرف على قطاع الزراعة، معتبراً أنه مساهم رئيسي في تكاليف الإنتاج، التي ازدادت بمعدلات قياسية في الإنتاج الزراعي، مقابل تضييق كبير في العملية الإنتاجية الزراعية، ومنظومة الإقراض..

أما الدكتور عابد فضلية فقد تحدث عن ربط سعر الصرف بالتضخم، معتبراً أن كل أنواع التضخم اليوم موجودة في سورية، بالإضافة إلى إطلاق التضخم المكبوت الناجم عن رفع الدعم. معتبراً ان قيمة الليرة من قوة الاقتصاد، ومنتقداً سياسة إيقاف الإقراض المطبقة منذ شهر 3-2012، ما أدى إلى إعاقة استخدام النقود في تمويل العمليات الإنتاجية، وهو إجراء لم يطبق في أي بلد شهدت حروباً.

الدكتورة رشا سيروب ركزت على كيفية الحد من تدهور قيمة الليرة، وتضخم سعر الصرف، واعتبرت أن السيطرة على التضخم هي المفتاح، وذلك بإيقاف الرفع المتعمد للتكاليف، وبالتقشف في الاستيراد، فالسوق السورية مليئة بكافة مواد الاستهلاك الرفاهية، وبإيقاف تحويل الأرباح للخارج، مستشهدة باليونان التي منعت تحويل حتى 100 يورو خارج البلاد مع اندلاع أزمتها، كما أشارت إلى القطاعات التي خسّرت الدولة مواردها وأهمها قطاع الاتصالات، حيث لا تزال هذه الشركات مملوكة لشركات أجنبية، مسموح لها بتصدير أرباحها للخارج.

وعلقت الدكتورة على مسألة طرح سندات الخزينة، من موقع أن الأموال لن تستثمر في سندات الخزينة الحكومية إلا بفائدة مرتفعة، ترفع من النفقات العامة، أما السندات بالدولار، فإن حائزي الدولار اليوم، يربحون يومياً من المضاربات على قيمته، ولن ينجذبوا إلى تجميده مقابل معدل فائدة.
الدكتور زياد عربش تحدث بأن أزمة الاقتصاد السوري ليست جديدة، مبيناً أن الأزمات تؤدي إلى انكشاف ضعف الفعالية في الاقتصاد السوري، معتبراً أنه من البديهي دعم الإنتاج وتوسيعه.

مداخلة قاسيون قدمتها محررة الشؤون الاقتصادية عشتار محمود، وقد تحدثت عن أن تقدير قيمة الليرة التوازنية اليوم وحتى نهاية 2015، يشير إلى توافقها مع مقدار تراجع القيمة الشرائية لليرة السورية، وكلا الطريقتين في الحساب، تشير إلى أن القيمة التوازنية تقارب 287 ليرة في نهاية 2015، بينما السعر الرسمي لم يكن بعيداً عن هذا الحد.
إلا أن الموجة المضاربية التي حدثت خلال 2016، تلقت تجاوباً عالياً معها من جانب السعر الرسمي، والأهم أن رفع أسعار المحروقات ثبت التراجع، برفع الأسعار.

وحول السياسات اعتبرت أن زيادة الناتج، وتخفيض العجز، وتخفيض أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية، هي دعائم رفع قيمة الليرة، وكل ما جرى من سياسات كانت معاكسة لهذه الضرورات. كما تم تقديم نماذج من تجربتين لسياسات التعامل مع تراجع قيمة العملة، من لبنان خلال حربها، ومن روسيا خلال الحرب الاقتصادية عليها منذ منتصف 2014، لتوضيح أثر تغير السياسات إيجاباً في روسيا، على تحسين قيمة العملة.

ستفرد قاسيون في عددها القادم 769 قراءة لتفاصيل الندوة والمداخلات والنقاشات التي طرحت فيها.

آخر تعديل على السبت, 23 تموز/يوليو 2016 17:47