افتتاحية قاسيون 923: حرب الناقلات  و«التسامح الغربي»!

افتتاحية قاسيون 923: حرب الناقلات و«التسامح الغربي»!

لم يكد ينقضي شهر على إسقاط إيران للطائرة المسيرة الأمريكية، وما تلاه من أخذ ورد، حتى دخل التوتر مرحلة جديدة عبر حرب الناقلات المتنقلة من جبل طارق إلى مضيق هرمز ووصولاً إلى البرازيل.

»البَعْبَعة» الأمريكية بعد إسقاط الطائرة، والتي تضمنت أحاديث صاخبة عن تكثيف العقوبات ووصلت حد الإعلان عن الجاهزية لتوجيه ضربات عسكرية سرعان ما تم التراجع عنه، انتهت إلى دعوات ترامب إلى حوار دون شروط مسبقة مع إيران. ولا ينبغي أن يسقط من الحساب في تفاعلات إسقاط الطائرة الأمريكية، الرد الهزيل وغير المؤكد حول إسقاط طائرة مسيرة إيرانية على بعد أقل من 1 كم من بارجة عسكرية أمريكية، والذي إنْ صح فهو فضيحة عسكرية للأمريكي تكشف أن حدود حصانة أساطيله البحرية ضاقت إلى أقل من 1 كم، يمكن لأية طائرة مسيرة أن تستهدفه من خارجها! 

بالعودة إلى احتجاز الناقلة البريطانية، والذي جاء رداً مسبوقاً بعدة تحذيرات، على استمرار الأمريكيين والأوروبيين بسياساتهم في محاولة تدمير إيران عبر حصارها اقتصادياً، فإنّ الرد الأمريكي الذي أعرب عن تضامنه مع البريطانيين، لم يفته على لسان ترامب، أن يعيد التأكيد أنّ اهتمام واشنطن بمضيق هرمز وانتقال النفط ضمنه ليس اهتماماً عالياً لأنها «مكتفية ذاتية ولديها مصادرها»، الأمر الذي يتناقض مع واقع الاعتماد الهائل، الغربي والأمريكي ضمناً، على الطرق البحرية كطرقٍ للتجارة العالمية بصفة عامة، وليس تجارة النفط فحسب، وهو ما يمكن تفسيره كمحاولة أمريكية لتطبيق مزيد من الابتزاز على حلفائها لتدفيعهم الأثمان المباشرة لسياساتها في المنطقة والعالم. 

من جهة ثانية، فقد بيّنت الحادثة، أنّ أساطين أوروبا التاريخيين، وخاصة المملكة المتحدة وفرنسا، ولدى أول مواجهة جدية مع وقائع العالم الجديد، لم يعودوا سوى قوى من الدرجة الثانية على المستوى العالمي، إنْ لم يكونوا من الدرجة الثالثة وما بعد. الغرب المتجبر والمسيطر على العالم طوال خمسمئة عام مضت، بات اليوم داعية للحوار والتفاوض، وبات «متسامحاً»، لأنّ أنيابه ما عادت قادرة على تقطيع لحوم الشعوب... إنّ النتائج الأولية التي يمكن تسجيلها من مجمل حرب الناقلات، هي التالية: أولاً: التوازن الدولي الجديد الذي بات أمراً واقعاً، دخل مرحلة جديدة؛ حيث انتقل الغرب من وضع الخطط والهجوم، إلى وضع خطط غرضها إعاقة خطط الآخرين فقط لا غير، والآن إلى مرحلة الدفاع. 

ثانياً: حجم «التسامح» الغربي، هو تعبير مباشر عن حجم «البهدلة» التي تعيشها القوى الغربية، والتي لن تقف عند الحد الذي وصلته خلال هذين الشهرين بل ستمضي بسرعات أعلى وباتجاهات أكثر وضوحاً. 

ضمن هذا الاتجاه العام، وفيما يتعلق بالأزمة السورية، وفي ظل «التسامح» الغربي، الذي سيزداد تسامحاً مع الأيام، فإنّ الطريق بات مفتوحاً بالمعنى الموضوعي على حل حقيقي وجذري وشامل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
923
آخر تعديل على الأحد, 21 تموز/يوليو 2019 19:27