نتنياهو يحاول تركيب «بازل» حكومته
حلمي موسى حلمي موسى

نتنياهو يحاول تركيب «بازل» حكومته

بعد تكاثر العقبات التي تعترض طريق تشكيل حكومته قرر بنيامين نتنياهو تكثيف لقاءاته مع «إخوته الأعداء» في معسكر اليمين القومي، زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت وزعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان.

ولكن لا يبدو أن اللقاءات تفتح الطرق المغلقة في المساعي التي تبذلها طواقم المفاوضات للخروج من متاهة واسعة. فالمعطيات المتوفرة تظهر اشتراطات متناقضة، تجعل من شبه المستحيل تشكيل حكومة يمين ضيقة، في حين أن التوجه إلى حكومة «وحدة وطنية» يعني إقرار اليمين بهزيمته في الانتخابات.

وللمرة الأولى منذ ثلاثة أسابيع ونصف، التقى نتنياهو مع بينت على أمل تسهيل تشكيل الحكومة الجديدة، قبل ثلاثة أيام من توجهه لطلب مهلة إضافية من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، لمواصلة مساعيه الائتلافية.
وواضح أن هذه اللقاءات، التي تأتي بعد شهر على انتهاء المعركة الانتخابية، جزء من خطة لتكثيف حضوره، بقصد تحقيق اختراق قريب والسماح بتشكيل حكومة خلال المهلة الثانية التي يمنحها القانون. ومن المؤكد أن نتنياهو يضغط على نفسه كثيراً عندما يلتقي مع بينت وليبرمان، جراء الخصومة التي تصاعدت بينهم أثناء الانتخابات. ولم يعلن عن أية نتائج للقاءات نتنياهو مع بينت وليبرمان، وكل ما قيل إنه تم الاتفاق على مواصلة الحوارات.
وتشير الأنباء الإسرائيلية إلى أجواء عدم ثقة بين نتنياهو وكل من بينت وليبرمان لأسباب مختلفة. فبينت يعتبر أن نتنياهو أخل بتعهدات قدمها إلى «البيت اليهودي» خلال الحملة الانتخابية، و «الليكود» يرد بأن «البيت اليهودي» لم ينل العدد الكافي من المقاعد الذي يسمح بمنح زعيمه وزارة الدفاع. ومن جهة أخرى فإن الصراع بين نتنياهو وليبرمان أشد تعقيداً، وله تاريخ طويل.
ورغم أن المفاوضات التي يجريها طاقم «الليكود» لم تتوصل إلى اتفاقات مع أي من «الشركاء الطبيعيين»، «البيت اليهودي» و «إسرائيل بيتنا» و «شاس» و «يهدوت هتوراه»، إلا أن بعض التفاهمات تحققت، وخصوصا مع القائمتين الحريديتين. وتمحورت التفاهمات مع الحريديم أساساً حول تعديل قوانين وتمويل مؤسسات أكثر مما تركزت حول مناصب وزارية. ومع ذلك يبدو أن تقدماً قد تحقق مع «شاس»، على أساس منحها وزارة اقتصادية مهمة بدلا من وزارة الداخلية التي طالب بها زعيم الحركة أرييه درعي. كما يوجد تفاهم بمنح «شاس» أيضا وزارة الأديان.
غير أن تفاهمات «الليكود» مع الحريديم، والرغبة في التوصل سريعاً إلى اتفاقات ائتلافية معهم، خلافا للتكتيك الذي تم إتباعه في البداية، تفسر عند البعض بأنها تسهل الضغط على «البيت اليهودي» و«إسرائيل بيتنا»، ولا تمنع تشكيل حكومة «وحدة وطنية». وربما لهذا السبب، أظهر «البيت اليهودي» اعتراضه على احتمال منح وزارة الأديان إلى «شاس»، على اعتبار أنه يطالب بها لنفسه. كما أن «إسرائيل بيتنا» اعترضت على التفاهمات بشأن القوانين مع الحريديم وطالبت «الليكود» بالتراجع عنها.
لكن المشكلة في حكومة اليمين الضيقة ليست فقط في المنافسة بين «البيت اليهودي» و «إسرائيل بيتنا» من جهة والحريديم من جهة أخرى، وإنما أيضا في المنافسة بين «البيت اليهودي» و«إسرائيل بيتنا». وقد أعلن قادة «البيت اليهودي» رفضهم المشاركة في الحكومة إذا بقي أفيغدور ليبرمان في وزارة الخارجية التي يطالبون بها لزعيمهم، ولم ينالوا هم منصباً وزارياً كبيراً. وفي المقابل فإن ليبرمان يشترط، للتنازل عن مطلبه تولي وزارة الدفاع في الحكومة المقبلة، توسيع صلاحيات وزارة الخارجية تحت إمرته.
وعمد حزب «إسرائيل بيتنا»، قبيل لقاء ليبرمان بنتنياهو، إلى الإعلان عن أن ليبرمان «لن يلفظ أبداً كلمة وزارة أو وزارات. وسوف يركز على الخطوط الأساسية للحكومة، وعلى مواضيع الدين والدولة ـ قوانين التهويد والتجنيد». وأضاف بيان صادر عن الحزب أن ليبرمان عدا ذلك ينوي الإصرار على هذه المسائل وأنه سوف يعارض زيادة عدد الوزراء في الحكومة. وكان رئيس كتلة «إسرائيل بيتنا» في الكنيست روبرت أيلتوف أعلن أن حزبه لا يواجه أي مشكلة في خدمة الإسرائيليين من صفوف المعارضة، إذا لم يتراجع نتنياهو عن وعوده وتفاهماته بعيدة المدى مع الحريديم. ولكن في إطار الحرب النفسية الدائرة بين المتفاوضين، قال مسؤولون في «الليكود» إن ليبرمان يهدد باعتزال الحياة السياسية، وهو ما نفته مصادر «إسرائيل بيتنا».
وترددت أنباء عن أن «الليكود» عرض ثلاث وزارات على «البيت اليهودي» الذي يملك ثمانية مقاعد في الكنيست، لكنه اشترط نيل الوزارة الثالثة بتوسيع الحكومة. وقيل إن «الليكود» عرض استمرار نفتالي بينت في وزارة الاقتصاد وتعيينه أيضا وزيراً للشؤون الإستراتيجية. كما عرض منح وزارة الزراعة لأوري أرييل الذي يشغل حاليا منصب وزير الإسكان، لأن حزب «كلنا» برئاسة موشي كحلون يريد هذه الوزارة.
في كل حال يبدو أن نتنياهو أشبه بمن يقوم بتركيب أجزاء «بازل»، أو قيادة نفسه في متاهة يصعب الخروج منها، في ظل اضطراره لمسايرة شركائه الذين من دونهم لا يستطيع تشكيل أو تسيير حكومة. ومع اقتراب نهاية مهلة الـ 28 يوما الأولى سيضطر نتنياهو إلى التفكير فعليا في حسم خياراته، مع حكومة يمين ضيقة تحوي كل هذه التناقضات والمصالح المتضاربة أو حكومة وحدة تعهد هو بعدم قيامها.
وكانت القناتان الأولى والعاشرة في التلفزيون الإسرائيلي بثتا في اليومين الأخيرين أنباء عن لقاءات سرية جرت إما بين نتنياهو وزعيم «المعسكر الصهيوني» اسحق هرتسوغ أو بين هرتسوغ وريفلين. وقالت القناتان إن الموضوع في هذه اللقاءات كان البحث في حكومة الوحدة التي يسعى ريفلين للتوسط بين الأطراف من أجل تشكيلها.

 

المصدر: السفير