أسرانا في ذكرى يومهم
د. فايز رشيد د. فايز رشيد

أسرانا في ذكرى يومهم

حلّت ذكرى يوم الأسير الفلسطيني (17 أبريل الحالي 2015) وما فتئ العدو الصهيوني ومؤسساته الامنية والعسكرية توسّع سياسة اعتقالات الفلسطينيين, حتى الأطفال والشيوخ والنساء, ليتجاوز عدد المعتقلين الفلسطينيين منذ عام  1967حتى 1967بداية أبريل الحالي مليون معتقل فلسطيني من مختلف الشرائح.

إن عدد المعتقلين الفلسطينيين حاليا يتجاوز بقليل (6500 ) أسيرا وأسيرة. من بينهم (480 ) صدر بحقهم أحكام مؤبدة : مرة أو عدة مرات. من بينهم (200) طفلا دون سن الثامنة عشر, (24) أسيرة من بينهن قاصرتان, (480) معتقل إداري, (13) نائبا, (1500)أسيرا يعانون أمراضا مزمنة, بينهم قرابة (80) أسيرا في حالة صحية خطيرة. يتوزع الأسرى على (22) معتقلا صهيونيا.

 قامت سلطة السجون مؤخرا بإغلاق سجني " نفحة" و "ريمون  ". بالطبع الإغلاق يعني: اقتحامات يومية من قبل قوات إسرائيلية مدججة بالأسلحة لغرف السجناء ولكل أقسام السجن!. قوات العدو قامت باقتحام السجنين بضعة أيام على التوالي. كما اعتدت على ذوي الأسرى الذين جاؤوا لزيارة أبنائهم المعتقلين في سجن "بئر السبع" , وفرضت على الأهالي سياسة " التفتيش العاري"( الذي لم يطبّقه النازيون ولا الفاشيون) وهو ما رفضه الأهالي. أسرى الحرية قد يعلنون إضرابا جديدا عن الطعام في بداية الشهر المقبل(مايو), ردا على عدم تنفيذ سلطة السجون الصهيونية لما جرى الاتفاق عليه  بينها وبين لجنة الأسرى, وردّا على الاستمرار في تطبيق الأساليب الهمجية, التي تفوقت على الأساليب النازية ضد أسرانا.

 ووفقا لنادي الأسير الفلسطيني في رام الله فان 95% من الأسرى الفلسطينيين يتعرضون لصنوف التعذيب , منذ لحظة اعتقالهم حتى نقلهم الى مراكز التوقيف والتحقيق الإسرائيلية .كثيرون من الأسرى يعانون مرض السرطان , ومنهم بينهم (مثلما قلنا) من يُمارس بحقهم الاعتقال الاداري التعسفي  (من بقايا قوانين عهد الانتداب البريطاني على فلسطين ) .اسرائيل ما تزال تحتجز (30) أسيرا من الأسرى القدامى ( ما قبل اتفاقية أوسلو ) بعد أن تم اطلاق سراح ثلاث دفعات من الاسرى منهم , وفقا لاتفاق بين الكيان وبين السلطة الفلسطينية. الكيان يرفض اطلاق سراح أسرى الدفعة الرابعة .

معركة الأسرى الفلسطينيين تنصّب أساساً على تحسين ظروف اعتقالهم، وهي القاسية, والتي تهدف إلى قتل الأسرى بطريقة الموت البطيء, يعيشون الاكتظاظ والظروف الحياتية الصعبة في مجالات الحريات، والتغذية، وقلة العلاج ورداءته, ومنع إدخال الكتب ومنع سماع البرامج في الإذاعات, ورؤيتها في الفضائيات، وتجريب الأدوية عليهم, وإصابة بعضهم بالأمراض المزمنة الخطيرة والعاهات الدائمة، وصعوبة زياراتهم من قبل ذويهم، فسلطات السجون الصهيونية تضع حاجزين من الأسلاك المشبكة, بينهما مسافة مترين وما يزيد، الأمر الذي لا يسمح للطرفين بالتحقق السليم من وجه الأخر/الآخرين.

ولعل من أخطر الطرق التي تتبعها إسرائيل مع المعتقلين الفلسطينيين هي: محاربتهم نفسياً من خلال الاعتقال الإداري الذي يمتد لسنوات طويلة في السجون ( اسرائيل تنكرت لتعهدها بوقف هذا الاعتقال في الاتفاقية التي عقدتها مع السجناء بوساطة مصرية واستمرت فيه ), ومنع الزيارات عنهم، واستعمال وسائل التعذيب النفسي بحقهم, الأمر الذي يؤدي إلى اصابتهم  بأمراض نفسية مزمنة .

منذ عام 1967 فإن ما يزيد عن ال  (207) من المعتقلين استشهدوا في أقبية المخابرات والمعتقلات الصهيونية التي تذكّر بمعسكرات الاعتقال النازية والفاشية. من السجينات أيضاً من جرى اعتقالهن في فترات الحمل، ولادتهن تتم في ظروف قاسية في غرفة(يطلق عليها زوراً اسم: مستشفى) في السجن، يشرف عليها ممرض. المولود يبقى مع أمه(سجينا) في السجن. هذه هي ظروف حياة أسرانا في المعتقلات الإسرائيلية. إسرائيل تقترف وسائل العقاب الجماعي بحق المعتقلين, فكم من مرّة أحضرت سلطات السجون, قوات حرس الحدود، التي يهجم أفرادها على المعتقلين بالأسلحة الرشاشة والقنابل المسيلة للدموع، وغيرها من الوسائل, لا لشيء ,الا فقط لأن المسجونين يطالبون بتحسين ظروف اعتقالهم. لا يمر أسبوع واحد دون أن يُشهد اقتحامات صهيونية لغرف المعتقلين في هذا السجن الصهيوني أو ذاك .

الغريب أن إسرائيل تروّج: بأنها دولة ديموقراطية, والأغرب: أن العالم يصدّقها! وهو يعمي عينيه عن قضية الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الصهيونية, وركّز( كما شهدنا ) على أسر جندي إسرائيلي واحد جاء غازياً وهو شاليط, فأسره الفلسطينيون. مسؤولون كثيرون على الصعيد العالمي طالبوا بإطلاق سراحه ليعيش مع عائلته المشتاقة إليه وعرف كل العالم عن قضيته وتم اطلاق سراحه في اتفاقية تبادل الأسرى الأخيرة , بينما لا يتفوه هذا العالم  بكلمة واحدة عن الأسرى الفلسطينيين, وكأنهم ليسوا أبناء عائلات, وليس لهم أمهات يشتقن إلى أبنائهن!.

رغماً عن العدو وقمعه ومخططاته وأساليبه الفاشية وهجوماته المتعددة عليهم، استطاع أسرانا تحويل معتقلاتهم إلى مدارس نضالية تساهم في رفع وتيرة انتمائهم وإخلاصهم لشعبهم وقضيته الوطنية, فيزداد المعتقل إيماناً بعدالتها، وإصراراً على تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والكرامة والعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة.

رغم الانقسام الفلسطيني, فإن المعتقلين الفلسطينيون موحدون, إن في حرصهم على تحقيق الوحدة الوطنية بين المنتمين لكافة التنظيمات الفلسطينية أو في مجابهتهم لمخططات العدو الصهيوني, الذي يستهدف كسر إرادتهم أولاً وأخيراً. لقد تمكن المعتقلون من تحقيق ورقة أُطلق عليها اسم (ورقة الأسرى) لتحقيق المصالحة الفلسطينية، ورغم اتفاق كافة التنظيمات على الورقة في مباحثات القاهرة قبلا، لم تتم المصالحة، وفي هذه القضية فإن خيانة من نوع ما تجري بحق معتقلينا المستائين من بقاء الانقسام! بين الفينة والاخرى يلجأ أسرانا الى السلاح الوحيد بأيديهم وهو سلاح الأضراب عن الطعام من أجل تحقيق مطالبهم , تصوروا لو أن يهوديا واحدا في مطلق سجن في أية دولة يضرب عن الطعام لفترة طويلة..لكانت قضيته أصبحت شأنا دوليا ولاتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا بأطلاق سراحه ! انها سياسة الكيل بمكيالين.!

 الأسرى الفلسطينيون هم أسرى الحرية والضمير الأنساني . لم يقترفوا ذنبا سوى الدفاع عن شعبهم وقضيتهم الوطنية العادلة . انهم يجابهون الأحتلال وهو حق مشروع وفقا للدساتير والمواثيق  والاتفاقيات والمعاهدات الدولية . يتوجب أن تصبح قضية الأسرى الفلسطينيين قضية الشعب الفلسطيني والأمة العربية بأسرها, وأن تقوم المنظمات المعنية الفلسطينية والعربية, بطرح قضيتهم عالياً على الساحة الدولية،وهذه أبسط حقوقهم علينا واجبنا جميعا أن نعطي قضيتهم ما تستحقه من الاهتمام . التحية كل التحية لأسرانا الأبطال.

 

المصدر: الوطن