سباق الوقت بين الحل الليبي و«داعش»

سباق الوقت بين الحل الليبي و«داعش»

 

تكرَّس انهيار جهاز الدولة الليبي بعد غزو «الناتو» في عام 2011، محولاً مساحة البلاد إلى ثلاث نقاط نفوذ: حكومة طبرق المعترف بها دولياً في الشرق، وقوات «فجر ليبيا» ومعها بعض الفصائل المسلحة في غرب البلاد، فيما يبرز «داعش» كذراع فاشي أساسي على الأرض.

تحت حجم الخطر المحدق بليبيا، يتجلى المشروع الأمريكي القاضي بتحويل البلاد إلى نقطة انطلاق أساسية للفاشية الجديدة باتجاه دول شمال أفريقيا، وربما أوروبا، كواحدة من نقاط بوادر الافتراق الأمريكي- الأوروبي. ففيما يسيطر تنظيم «داعش» على المناطق الغنية بالنفط في سرت ومصراته ودرنة، ويهيئ مقاتليه للسيطرة على منطقة الهلال النفطي، الممتدة من سرت حتى طبرق، تمهيداً لتهديد دول الجوار الليبي، تبدو العديد من الدول الأوروبية، ودول الجوار الليبي، أكثر ميلاً نحو تثبيت الحلول السياسية، بما أفضى إلى جولتي الحوار في الجزائر والمغرب، وما لحقهما في العاصمة الألمانية.

تناقض على أساس المصلحة

تحت خطر امتداد الحريق إلى دول الجوار، والخوف من انتشار الإرهاب في دول الجوار الأبعد عن ليبيا، وتحت عوامل ضغط «الهجرة غير الشرعية» من ليبيا نحو أوروبا، تسعى البلدان المحيطة، في ليبيا إلى «لم شمل» الفرقاء، وتدوير زوايا الاختلاف بين مجلس النواب المنتخب الموجود في الشرق (طبرق)، والذي يعترف بقيادة عسكرية ممثلة بالقائد العام للجيش الليبي، خليفة حفتر، وبين حكومة «الإخوان المسلمين» في الغرب (طرابلس)، ممثلة بـ«المجلس الوطني الليبي» وقوات «فجر ليبيا».

على هذا الأساس، جاءت موجات الحوار بين الفرقاء الليبيين وعلى جولات عدة في جنيف وبرلين والجزائر والمغرب، إلا أن المشكلة لا تزال عالقة عند نقطة إعادة الانتخابات التي ترفضها حكومة طبرق، إلا في حال سلَّم «الإخوان المسلمين» مقاليد السلطة في طرابلس لهم.

خسائر فادحة ومشروعان

وفي فاتورة باهظة للحرب الدائرة في ليبيا، تؤكد أرقام «صندوق النقد الدولي» على أن البلاد خسرت، حتى هذا العام فقط، أكثر من 10 مليارات دولار أمريكي، وهو ما يزيد عن 20% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد قبل غزو «الناتو». فيما تشير تقديرات أخرى إلى أن أرقام الخسائر هي أكبر من ذلك بكثير، نظراً إلى اعتماد «النقد الدولي» على التخفيف من حدة حروب واشنطن حول العالم. 

أما عسكرياً، ومع انهيار الجزء الأكبر من دفاعات الجيش الليبي، فتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 1700 ميليشيا مسلحة في عموم الأراضي الليبية، يغلب على معظمها الطابع المحلي، فيما تبقى النسبة الأكبر من المقاتلين المدربين هي في صفوف «داعش» الذي يحاول في الفترة الأخيرة تنظيم هجومات متتالية ومنظمة، بهدف الوصول إلى طرابلس، في وقتٍ تبقى فيه طائرات «التحالف الدولي» عتعامية عن تحركات التنظيم.

إلى هذا، تعيش ليبيا سباقاً مع الزمن، بين التقدمات التي يحرزها «داعش»، والتي يجب أن ينظر لها من بوابة المشروع الأمريكي، وبين مساعي الحل السياسي الذي بات نقطة التقاء بين مصالح الشعب الليبي، ومصالح الدول المجاورة له.