إنقاذ «داعش» كما أنقذت النازية؟
ديمتري مينين ديمتري مينين

إنقاذ «داعش» كما أنقذت النازية؟

كتب ديمتري مينين مقالاً يلاحظ فيه التماثل بين إنقاذ قادة وحدات داعش المتطرفة بعد هزيمتها العسكرية، وبين إنقاذ ضباط الجيش النازي عقب خسارتهم في الحرب العالمية الثانية. وكلا العملين قامت بهما الولايات المتحدة الأمريكية بهدف توظيف أولئك وهؤلاء في الجبهات التي تخلقها.

تعريب وإعداد: عروة درويش

ويقول الكاتب: «لا أحد يستطيع أن يخبرنا أين ذهب كبار شخصيات داعش وطاقم قادتها. فأكثر ضباط داعش خبرة، بعد انفصالهم عن كتائبهم، اختفوا بشكل مفاجئ من سوريا والعراق وكأنّهم ذابوا في رمال الصحراء. ثم ظهروا بعدها في ليبيا ومصر والسودان وأفغانستان وبالقرب من حدود وسط آسيا أو روسيا أو في الصين في إقليم زينغيانغ. من الواضح أنّ هناك قنوات تعمل بسلاسة قد سمحت بنقلهم من مكان لآخر، وهو أمر يحتاج إلى دولة كبرى لتعدّ له. وبالنظر إلى حقيقة أن إرهابيي داعش الذين تمّ نقلهم إلى أماكن متفرقة من العالم قد خرجوا من مناطق شرق سوريا الواقعة تحت السيطرة الأمريكية، فيمكننا الافتراض بأمان بأنّ الولايات المتحدة التي لديها سوابق في مثل هذا العمل، هي من قامت به».

فقد شهد التاريخ على عمليات تهريب ونقل لضباط المخابرات والمعتقلات النازيين اختفوا فجأة، وظهروا فيما بعد في عدّة بقاع من العالم، وهناك عملية مشهورة حتّى في الإعلام الأمريكي السائد لتهريب هؤلاء الضباط تدعى عملية «أوديسا ODESSA». ويورد المقال: «صمم الأمريكيون عمليات تهريب ضباط المخابرات والمعتقلات النازيين إلى الشرق الأوسط وإلى أمريكا الجنوبية والشمالية». حيث بدأت هذه العمليات بالتكشف منذ السبعينيات.

أنشأت القوات الأمريكية في المناطق التي احتلتها في ألمانيا ما يدعى «منظمة غيلن Gehlen Organizaton» التي ضمّت ضباط المخابرات النازية السابقين، وحملت اسم قائدها الجنرال رينهارد غيلن، الذي ترأس المخابرات العسكرية لألمانيا النازية في الجبهة الشرقية أثناء الحرب العالمية الثانية. وتحولت هذه المجموعة في وقت لاحق إلى «وكالة المخابرات الفدرالية» في ألمانيا الغربية، وكان هذا في حدّ ذاته فضيحة. وساعدت هذه المنظمة في تهريب الضباط النازيين الذي تعاونوا مع الولايات المتحدة: «فتمّ تقدير عدد الذين تمّ نقلهم عبر القنوات السرية والذين ذهب معظمهم إلى الولايات المتحدة بحوالي ثلاثين ألف شخص».

ويشير المقال إلى تقرير صادر عن وزارة العدل الأمريكية عام 2006 عدد صفحاته ستمائة صفحة: «ورغم عدم السماح للعموم بالاطلاع على كامل التقرير، إلّا أنّ التسريبات الصحفية التي نشرتها النيويورك تايمز أعلنت بأنّ التقرير يقول بأنّ المخابرات المركزية أنشأوا [ملاذاً آمناً] لمجرمي الحرب النازيين ومجموعاتهم في الولايات المتحدة».

وبخصوص داعش، يذكر المقال بأنّ وزارة الدفاع الروسية قد صرحت مراراً حول رصدها للتصرفات الشاذة الذين يقوم بها الأمريكيون وحلفاؤهم «قوات سوريا الديمقراطية» التي كانت تقاتل داعش شرقي الفرات. «مثال: استخدام المروحيات لإخراج قادة داعش من المناطق المحاصرة، والسماح لهم بالخروج من المدن مع قواتهم، وإعادة توجيههم للانخراط في «الجيش السوري الجديد» الذي تشكله الولايات المتحدة». ويذكر المقال طلال سلو، الشخص الثالث والمتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية»، الذي فرّ إلى تركيا في أواخر 2017: «حيث قدّم أدلّة مذهلة عن الصفقات بين ممثلي البنتاغون وقادة داعش».

وينقل المقال عن طلال سلو الحادثة المسرحية التي أشرف الأمريكيون عليها في الرقة. فتبعاً لسلو، قدّر الأمريكيون أنّ قوات الجيش السوري تحتاج إلى ستّة أسابيع للوصول إلى دير الزور. لكن عندما تبيّن بأنّ حركة القوات أسرع، أمر المسؤولون الأمريكيون قوات سوريا الديمقراطية بإطلاق الإرهابيين من الرقة المحاصرة، وأرسلوهم إلى البوكمال من أجل اعتراض قوات الجيش السوري. لقد سمحت هذه الصفقة لـ 3500 مقاتل من داعش بمغادرة المدينة ومعهم كلّ ما يحتاجونه من سلاح وعتاد. وكي تكتمل المسرحية، أعلن الأمريكيون رسمياً بأنّه تمّ السماح للمدنيين فقط بالخروج من الرقة، وأنّ 275 مقاتل من داعش قاموا بتسليم أنفسهم للسلطات. ثمّ أحضروا مجموعة من الأشخاص من مخيم عين عيسى ليلعبوا دور المقاتلين الذين سلموا أنفسهم.

تنويه: إن الآراء الواردة في قسم «تقارير وآراء»- بما قد تحمله من أفكار ومصطلحات- لا تعبِّر دائماً عن السياسة التحريرية لصحيفة «قاسيون» وموقعها الإلكتروني