اليابان... أي دورٍ في القرن الجديد؟

اليابان... أي دورٍ في القرن الجديد؟

تعتبر اليابان، كنظيرة آسيوية لبريطانيا العظمى، ذات مكانة إستراتيجية متمايزة في القارّة الأوراسيّة العملاقة بحكم موقعها، وهو الأمر الذي انعكس بشكل كبير على قراراتها السياسية عبر القرون، ومنحها شكل قوّة بحرية تاريخية. اختارت الدولة الشرقية بحكمة أن تطبق أجزاءً محددةً من (الغربنة» بعد إصلاحات ميجي في 1868، وهو ما سمح لها بالنمو والتفوق بسرعة كبيرة على منافسيها الإقليميين لتنهض في نهاية المطاف كقوّة عظمى بحدّ ذاتها.

تعريب وإعداد: عروة درويش
لقد كانت الخطّة الإستراتيجية لليابان، أن تصبح بشكل حرفي بريطانيا العظمى الآسيوية، ولتحقيق هذه الغاية سعت لإنشاء إمبراطورتيها في نصف الكرة الشرقي من خلال الغزو الوحشي وإستراتيجية فرّق تسد، والتي سمحت لها في نهاية المطاف باستبدال نظرائها الأوروبيين بوصفها القوّة المهيمنة دون منازع في ذلك الجزء من العالم.
اليابان والتحول العالمي
كانت حقبة الحرب العالمية الثانية (كمجال تعاون مشترك في شرق آسيا الكبرى» هي المرحلة الأولى في طموحات اليابان الجيوإستراتيجية (التقليدية». وبعدها تمّ احتلالها بشكل مهين من قبل الولايات المتحدة حتّى يومنا هذا عقب إسقاط القنبلتين النوويتين في هيروشيما وناغازاكي. منذ عام 1945 فصاعداً باتت طوكيو هي شريك واشنطن في (التحكم من الوراء» في شرق وجنوب شرق آسيا، حيث شـجعتها الولايات المتحدة للاضطلاع بدور إقليمي قيادي بهدف منح أمريكا (وجهاً محلياً» يمكنها من خلاله ممارسة هيمنتها. ولهذا السبب قامت الولايات المتحدة بتعيين اليابان لتصبح اللاعب الرئيس في (بنك التنمية الآسيوية ADB» ودعمت بنشاط جهودها للاستثمار في الأقاليم السابقة التي شكّلت لفترة وجيزة عالمها الإمبراطوري خلال الحرب العالمية الثانية.
شهدت نهاية الحرب الباردة وما أعقبها من صعود الصين كقوة عالمية (والذي ساعده وبدرجة غير متعمدة الاستثمارات الأمريكية) التحوّل التدريجي في دور اليابان من مجرّد مؤسسة اقتصادية (للتحكم من الخلف) إلى مؤسسة عسكرية أيضاً، حيث أعادت طوكيو مؤخراً فقط (إعادة تفسير» دستورها لفترة ما بعد الحرب من أجل السماح بنشر قوات عسكرية يابانية للخارج، ولبيع المعدات العسكرية لشركاء خارجيين. ولأجل كلّ المقاصد والأهداف الممكنة، شجعت الولايات المتحدة اليابان بشكل ضمني على المضي في طريقة (أكثر أمناً» في السير على خطى ما قبل الحرب العالمية الثانية، في إعادة التأكيد على طموحاتها التقليدية في شرق وجنوب شرق آسيا. ورغم أنّ هذا يدفع المرء للاعتقاد بأنّ طوكيو لا تزال تعمل كدولة دمية بيد واشنطن، فقد بدأت قيادتها بشكل مفاجئ بالتقارب السريع مع موسكو.
ويبدو بأنّ هذا التحوّل هو أحد التحولات النموذجية التي تجري على طول الكوكب، والتي لا يمكن تفسيرها بغير دخول النظام العالمي متعدد الأقطاب بشكل تدريجي إلى حيز الوجود، ومن المتوقع أن تؤثر نتائج هذا التغيير الشامل على جميع القوى العظمى، واليابان من ضمنها. وعليه فإنّه من الهام أن نتفحص الجغرافية السياسية لهذه الدولة في القرن 21، وذلك مع الحرص على ملاحظة أنّ جميع التطورات المستقبلية المتعلقة بها تعتمد بشكل كبير على الاتجاهات المحلية أكثر ممّا تعتمد عليه لدى بقيّة اللاعبين.
المعاناة الديمغرافية
يتناقص عدد السكان بشكل هائل، وبسرعة. إنّ عدد المواطنين كبار السن يتزايد، بينما ينخفض معدّل الولادات إلى ما دون مستوى الاستبدال. والأسوأ أنّ الشباب يتجنبون الجنس للكثير من الأسباب. إن استمرّ هذا الأمر فيتوقع أن تعاني اليابان من واحدة من أكبر الخسائر السكانية على الإطلاق لسكان في وقت السلم، وهو ما قاد العديد من المراقبين ليقلقوا بشكل استثنائي بخصوص مستقبل البلاد ككل. وبالنظر إلى الأهميّة العالمية لليابان بوصفها ثالث أكبر اقتصاد في العالم فيتوقع أن يكون لهذا الأمر آثار كبيرة على جميع شركائها، سواء من الدول الكبرى أو الدول النامية على حدّ سواء.
اللجوء للآلات
من الممكن عدم حدوث أيّ سيناريو رهيب جراء تناقص عدد السكان طالما أنّ اليابان ناجحة في استبدالهم بالآلات. قد يبدو الأمر خيالياً لكنّه يحدث بالفعل، وذلك على الأقل فيما يخص الاقتصاد. فشركة الروبوتات اليابانية (فانوك Fanuc» تحوّل هذا الأمر إلى حقيقة. فهي تملك بالفعل ربع السوق العالمي، وقد كان ثلث طلبات تصنيع الروبوتات الصناعية في العالم عام 2016 هو مبيعات (فانوك» إلى الصين، وهو الذي قوّى الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين هذين المتنافسين ليظهر مدى أهميّة هذه الشركة على الاقتصاد العالمي. ولهذا فليس من المستغرب قيام (فانوك» بتعويض النقص في اليد العاملة في اليابان.
ولهذا فإذا تحدثنا على المستوى النظري، فليس لدى طوكيو الكثير لتقلق بشأنه. فهي بدلاً من أن تقلق بما عليها فعله بجموع العاطلين عن العمل مثلما يحصل في بقيّة العالم، فعليها أن تعمل على إعادة تدريب مواطنيها لملء الشواغر التي لا يمكن للروبوتات ملؤها والتي لا تزال معلقة في الاقتصاد. 
وتبقى المسألة الإشكالية هنا: هي أنّه لا يوجد مجتمع مدني يعتمد على الروبوتات في العالم ليس بحاجة لمصدر موثوق من الطاقة، ولهذا فهنالك الكثير من المراقبين الذين يرون بأنّ اليابان ستبقى تعتمد على عمليات جيوسياسية خارجة عن سيطرتها تجري في الشرق الأوسط. لكن في الواقع تسعى طوكيو جاهدة لتفادي هذه الحقيقة التي تؤرقها عبر إجراءات استباقية مثل: تطوير الاعتماد على الطاقات البديلة وتغيير قواعد اللعبة بالتقارب مع موسكو.
التقارب مع روسيا
إنّ البعد الجيوسياسي للسياسة اليابانية الخاصة بالطاقة قد ساهم في تحسين العلاقات مع روسيا بسرعة، وهي العلاقات الراكدة منذ عقود بسبب المشكلة المصنّعة أمريكياً، والتي تشير إليها اليابان باسم: (النزاع على جزر كوريل». إنّ الحديث عن هذه المسألة طويل ولا مكان له هنا، ولكن من المفيد الإشارة إلى أنّ اليابان تتمتع بالمرونة بخصوصها لكونها جددت علاقاتها مع روسيا التي تعيش في أفضل حال لها في حقبة ما بعد الحرب. تستجيب روسيا بدورها ليد اليابان الممدودة لحاجتها إليها للاستثمار في مناطق الشرق الأقصى المليئة بالموارد وذات الكثافة السكانية المنخفضة. واليابان بدورها تحتاج إلى الوصول الموثوق لتلك الموارد سواء أكانت الزراعية أو المعدنية أو الطاقة خصوصاً. 
بالاعتماد على هذا، فإنّ روسيا تمثّل احتياطياً هائلاً من الطاقة يمكنها بسهولة أن تمدّ المجتمع الروبوتي الياباني المستقبلي بالطاقة اللازمة لعقود، وذلك دون التعرّض للمخاطر الجيوإستراتيجية المصاحبة لاستيراد الموارد من منطقة الشرق الأوسط المليئة بالنزاعات وعبر مضيق (ملقا» الخانق ثمّ عبر مياه بحر الصين الجنوبي المليء بالنزاعات. وعلى مستوى أكبر، فإنّ التقارب الياباني مع روسيا هو نافع من الناحية الجيوإستراتيجية لطوكيو لكونه يمنح الدولة- الجزيرة مجالاً أكبر للمناورة في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، وفي تقليل الاعتماد عليها، وهو الاعتماد الذي يمقته اليابانيون، ويرسل كذلك إشارة إلى الصين بأنّ اليابان مهتمة بحضورٍ غير سياسي وغير عدائي على طول حدود القارة الشمالية الشرقية.
السباق على الموارد
يمكن لروسيا أن تزوّد الصناعة اليابانية النهمة بالطاقة الكافية، ولكن ليست بالموارد الكافية من المواد الأولية التي يريدها اليابانيون من أجل العمل عليها وتحويلها إلى بضائع للاستهلاك والتصدير، وذلك حتّى مع أخذ موارد أقصى شرق روسيا بالاعتبار. إنّ حاجة الاقتصاد الياباني للمواد الأولية كبير لدرجة جعلها في مرحلة ما بعد الحرب تجوب العالم بدعم من الأمريكيين للحصول عليها، مثل الحضور في جنوبي شرق آسيا، والانخراط في عدد جيّد من الاستثمارات على طول إفريقيا بعد الحرب الباردة. لكن وبعد صعود نجم الصين في الفترة ذاتها فقد حوّلت البلد الأكثر سكاناً في العالم من السعي إلى الموارد الناضبة في العالم إلى أمرٍ شاقٍ بالنسبة لليابان بعد أن كانت المهمة سهلة فيما مضى.
رقصة تانغو طرق الترانزيت
إنّ البحث عن الموارد وتنمية أسواق جديدة شيء، والوصول إلى هذه الأسواق والموارد أمر آخر. يتوقع أن تحوّل مشاريع (الحزام والطريق» الصينية العالم أحادي القطب المتدهور إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب بصبغة جديدة، ولا يمكن لطوكيو ببساطة أن تنافس بكين هنا بسبب التباين الكبير بين حجم اقتصاديهما، ولهذا السبب قررت اليابان أن تدخل في شراكة مع الهند في ريادة ما يدعى (ممر تنمية آسيا- إفريقيا» والمعروف كذلك باسم (ممر الحرية»، وذلك من أجل تجميع مواردهم الحالية والوصول إلى تكاملات اقتصادية فيما بينهما في منطقة المحيط الهندي الكبرى. وهذا يوحي بوجود تانغو معقد يحدث بين اليابان والصين للوصول إلى طرق التجارة ودول العبور.
إنّ شراكة اليابان مع القوتين الكبريتين: روسيا والهند، سوف تؤمنان لها الوصول إلى طرق عبور وتجارة عالية الأهمية، وهذا بدوره سيعطي طوكيو نفوذاً على الأقاليم المهمة إستراتيجياً لبكين حتّى. وإن نظرنا إلى الحصيلة المثالية لمثل هذا السيناريو، فسيكون قيام هاتين القوتين الآسيوتين بضمّ قواهما لتدعيم عولمة (طريق الحرير» عبر شراكة وتعاون وتنافس وُدّي يترجم بشكل مؤسساتي يفيد كلتا الدولتين. ستحاول الولايات المتحدة بتأثيرها الثقيل على اليابان استباق حدوث ذلك وإعاقته على الأغلب، بحيث تبقى اليابان لاعباً أساسياً في تحالف احتواء الصين الذي يُبنى على طول المحيطين الهندي- الهادئ.
ستحاول الولايات المتحدة اتباع الطرق ذاتها التي تتبعها مع أوروبا لاحتواء روسيا، مع اليابان ضدّ الصين، لكنّ هذه المحاولات التي تناقض معادلة (ربح- ربح» فيما يخص الحصول على الموارد، لا يمكن أن تنجح على المدى الطويل، ولكن لا أحد يمكنه التنبؤ بالوقت الذي ستستغرقه اليابان للاستدارة نحو عالم متعدد الأقطاب يحررها من التأثير الأحادي للولايات المتحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار التغييرات الأخيرة والتقارب مع روسيا.
تعقيدات المنافسة اليابانية- الصينية
إذاً، علينا أن نقبل بأنّ الاتجاهات الحالية تشير إلى أنّ المنافسة اليابانية-الصينية التي تستفزها الولايات المتحدة قد تمتد إلى مستقبل غير محدد. إنّ أكثر الأشياء مسؤولية هو فحص تعقيدات هذا التنافس في ضوء الحرب الباردة الجديدة، من منظور غير مألوف بالنسبة لمعظم التحليلات في هذا المجال. فبدلاً من التركيز على الميزات التي تملكها الصين هنا، من المفيد أن نستكشف الموضوع من زاوية أخرى، هي وجهة النظر اليابانية من أجل التعرّف على الميزات التي تملكها طوكيو أيضاً. مثال: إنّ (قوات الدفاع البحرية» اليابانية تعمل بالفعل كـ (بحرية مياهٍ زرقاء»- قوات قادرة على القيام بالعمليات في المياه العميقة والمحيطات المفتوحة- رغم أنّها تفعل ذلك بشكل غير معلن، وبهذا فهي قد تشكّل خطر استنزاف للصين في حال حدوث أيّ نزاع بينهما. بالإضافة إلى أنّ التطوّر الروبوتي لليابان قد يشكّل نقلة نوعية لتوزان القوّة بين الدولتين.
لكنّ ما ذكرناه ينطبق فقط على ما يتعلق بالشؤون العسكرية. لكنّ احتمال حدوث نزاع عسكري بين الدولتين أمر بعيد الاحتمال لأسباب متنوعة، وهي متعلقة بشكل جزئي بالارتباط الاقتصادي المعقد بينهما. قد تنشب حروب بالوكالة بين القوتين في المناطق التي يمارسون فيها نفوذهما، ولكن الأكثر تأثراً بمثل هذه الحروب ستكون الصين، لكونها قد راهنت بكامل مستقبلها في القرن الحادي والعشرين على طرق الترانزيت والتجارة التي ستحافظ على نموها المحلي وتمنع عدم الاستقرار الاجتماعي- السياسي الذي من شأنه أن يصاحب دون شك أيّ حرب بالوكالة.
نقاط الضعف 
المخفية للنزاع مع الصين
رغم ميزتها الإستراتيجية في كونها أقلّ اعتماداً على طرق التجارة والترانزيت من الصين، فليست اليابان في وضع يسمح لها بالضغط بشكل مباشر على الصين إنّ مرّت الأخيرة بظروفٍ حرجةٍ. فلا يستطيع كلا الطرفين تحمّل حربٍ تجارية ضد الآخر، واليابان ستكون هي الطرف الأضعف في مثل هكذا حرب، بسبب الاحتكارات التي تملكها منافستها في إنتاج معادن نادرة من الأرض. تحتاج اليابان إلى مثل هذه الموارد من أجل إدامة تطورها التكنولوجي- الروبوتي، ولهذا فهي ليست في موقعٍ يسمح لها باختبار قطع الصين لوارداتها عنها كما حدث بشكل مؤقت عام 2010 إثر خلاف (النزاع في بحر الصين الشرقي». وفي سياق متصل، فليست لدى اليابان القدرة على تحمّل تخفيض الشركات الصينية في الكونغو لمبيعات الكوبالت والكولتان الضرورية لبطاريات العربات الكهربائية ولصواريخ كروز، وتقريباً لكلّ الأدوات المتطورة تقنياً في هذه الأيام، مثل الهواتف الذكية. فالصين تسيطر على قرابة 60% من سوق الكوبالت العالمي، والذي يتوقع أن يرتفع الطلب عليه بمقدار الثلثين في العقد القادم، والذي يمثل ضمان الوصول إليه بشكل موثوق أولوية بالنسبة لليابان.
ونقطة الضعف اليابانية الأخرى هي مجموعة جزر ريوكو التي تعد أوكيناوا المناهضة للأمريكيين جزءاً منها. يمقت أهل هذه الجزر القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة على جزرهم، لكونها مسؤولة عن الضجيج الذي لا يطاق وعن الكثير من الجرائم، مثل: الاغتصاب والقتل بالإضافة إلى الخوف من تحولها لأهدافٍ عسكرية في حال اندلاع حرب كبرى. ولا يستطيع أهل هذه الجزر طرد الأمريكيين رغم تظاهراتهم بسبب النفوذ الذي تمارسه واشنطن على طوكيو. ولهذا فمن الناحية النظرية يمكن للصين في حال نشوب نزاع مع اليابان، أن تدعم بشكل أو بآخر الحركات المناهضة للأمريكيين في هذه الجزر (قد يصل الأمر بهذه الحركات أن تتحول إلى حركات انفصالية خاصة وأنّها أصبحت جزءاً من اليابان بشكل حديث نسبياً في أواخر القرن التاسع عشر) لتكون ورقة ضغط كبرى ضدّ اليابان.
أفكار ختامية
توضّح النقاط المبسطة المذكورة أعلاه المنطق المرحلي الذي يدخل في إستراتيجية اليابان، ويشرح بعض تحركاتها الكبرى، سواء أكان القرار المفاجئ بإعادة التقارب مع روسيا، أو المتأخر إلى حدّ ما في التشارك مع الهند في منطقة المحيط الهندي الكبرى. يبدو بأنّ كلّ شيء يصب في نهاية المطاف في التحوّل الحتمي لليابان إلى أوّل حضارة تكنو- روبوتية على نطاق واسع، وحول هذا الاتجاه الأساسي يتمحور بدرجات مختلفة كلّ تصرف لها. وبالإجمال، يجب أن تسمح لنا الصورة الأكبر وراء إستراتيجية اليابان الجيوإستراتيجية في القرن الحادي والعشرين بتكوين فكرة حول القيود الهيكلية التي تقف في وجه تحركاتها، لتكون ضمن (تآلف احتواء الصين»، وذلك للمحاذير التي أسلفناها سابقاً.
إنّ النظام القائم بالفعل والمميز بترابطه وتداخله بشكل تبادلي معقد اقتصادياً، مقترناً بالقدرات البحرية لكلا الجانبين، يعمل كشكل من أشكال الضبط والتوازن بين القوتين العظمتين الآسيويتين، ويمكن إعادة تصميمه بشكل مثالي لإقناع صانعي القرار والإستراتيجيين في اليابان بالطبيعة ذات الضرر المتبادل لمنافستها غير الوديّة مع الصين، والتي نفثت الولايات المتحدة النار فيها خلال العامين المنصرمين. إنّ إعادة صياغة العلاقة بين هاتين الدولتين- الحضاريتين قد يضـخ تفكيراً جديداً للديناميكية التي تحكم إمكانات (ربح- ربح» للتعاون في (طريق الحرير»، وذلك بالمقارنة مع لعبة (خسارة- خسارة» التي تريد الولايات المتحدة لها أن تحكم علاقة الدولتين. تريد الولايات المتحدة لليابان أن تستمر بوصفها (حاملة طائرات لا تغرق» للأبد وذلك لتتمكن من (احتواء الصين»، لكنّ إفشال هذه السياسة قد (يحرر الصين» ويسرّع التحوّل إلى عالم متعدد الأقطاب.

 
آخر تعديل على الجمعة, 30 آب/أغسطس 2019 00:15