في يومها السادس... تزداد تنظيماً!

في يومها السادس... تزداد تنظيماً!

قاسيون- بيروت

ظهرت خلال اليومين الماضيين مجموعة مؤشرات، تدل على أن الحركة بدأت بالانتقال إلى طور جديد أكثر تنظيماً، وبالتالي أكثر قوة، وهي مؤشرات ينبغي العمل لتحويلها إلى اتجاه ثابت وراسخ، وعلى رأسها:

  • حرق الأعلام الأمريكية وأعلام الكيان الصهيوني في عدة مناطق في لبنان شمالاً وجنوباً وفي بيروت، وهو ما يعني خطوة إضافية في تأصيل وتجذير البعد الوطني للحراك، وقطع الطريق على من يحاولون قسم الشارع أو التلاعب به أو تخوينه.
  • بدأت التحركات العملية ترفع تركيزها على مصرف لبنان وحاكمه، وتجلى ذلك بقطع الطريق أمام المصرف، وربما على إثر المعلومات التي جرى تداولها حول عمل وراء الكواليس داخل المصرف لتسهيل تهريب أموال إلى الخارج. إضافة إلى معلومات ومؤشرات عن اتجاه بنوك أخرى خاصة للعمل بالاتجاه نفسه، ما يعني أنها ستنتقل سريعاً إلى دائرة الضوء هي الأخرى. لعل من المهم التذكير هنا أنّ ماركس في تقييمه لتجربة كومونة باريس قد حدد السبب الأكثر أساسية لفشلها بأنها لم تبادر باتجاه «الاستيلاء على البنك المركزي». وإنّ مركز السلطة الحقيقي في نهاية المطاف هو بالذات في المصارف والبنوك، وهو ما يبدو واضحاً في وعي الناس عبر شعار «يسقط حكم المصرف»، وهذا لا يعني بحال من الأحوال تبرئة الزعامات السياسية أو رفع المسؤولية عنها، فهي لا تزال في موضع تركيز الناس، ولكن خلال الأيام الأربعة الأولى بدا كما لو أنّ المصارف والبنوك، بما لها من وزن أساسي في كل الخراب الحاصل في لبنان، قد نجت من الضرب المباشر وتوارت في الكواليس كما شأنها دائماً في إدارة الأمور من حلف الستار، لكن الناس أثبتت أن وعيها أكبر وأنضج، وهو ما ينبغي أن يتعزز ويتكثف في الأيام الآتية.
  • ظهر في أكثر من مكان طرح عملي باتجاه تنظيم الحركة لنفسها عبر اختيار ممثليها بشكل مباشر على مستوى المناطق خارج بيروت وعلى مستوى الأحياء في بيروت نفسها، وعبر أشكال ديمقراطية مباشرة، تختار الناس من خلالها ممثلين تثق بهم، بحيث يشكل هؤلاء بمجموعهم، جسماً وطنياً عاماً يخاطب السلطة ويفاوضها من موقع المعبر المباشر عن مصالح الشعب، وهو الأمر الذي يسمح بالانتقال من الموقع الانتظاري الذي يكتفي برفع المطالب وانتظار رد فعل السلطة عليها، إلى موقع الفعل وصياغة برنامج التغيير، وحتى تنفيذه المباشر باسم الشعب، إن لم تستجب السلطة، كما ظهر طرح عملي آخر يربط بين جسم من هذا النوع وبين فكرة الحكومة الانتقالية ذات الصلاحيات الواسعة، بمعنى أن حكومة من هذا الطراز يمكن لهذا الجسم بالذات أن يفرزها، أو أن يتوافق عليها مع السلطة إن امتثلت لمطالب الشارع.
  • ضمن السياق ذاته، ظهرت محاولات ومبادرات أولية لتنظيم الأهداف وصياغتها على أسس قطاعية، بين ذلك ما جرى من صياغات واقتراحات في الإطار الاقتصادي الاجتماعي، والتي تعتبر خطوة أولى جيدة، رغم أنّ التقييم الأولي لها هي أنها أقل من المطلوب بكثير وإصلاحية في جوهرها، في حين أن الواقع يتطلب تغييرات جذرية كبرى لن تخرج البلاد من الأزمة دونها. بل إنّ الواقع لا يتطلبها فحسب، بل ويسمح بها، وباسم الناس الذين يملؤون الساحات... وإنْ لم يكن الآن، فمتى؟
  • المؤشر الأخير الذي عبر عنه كثيرون، هو الوضوح في شلل السلطة وعجزها عن تخريب حركة الشارع أو دفعها باتجاه الفوضى، عبر مختلف السبل بما فيها بعض المنغصات التي ظهرت في بعض الأماكن والتي تم استيعابها وتأريضها سريعاً.