الحوار السياسي حول سلسلة الرواتب: الحل ليس قريباً
فاتن الحاج فاتن الحاج

الحوار السياسي حول سلسلة الرواتب: الحل ليس قريباً

لا مؤشرات لحل قريب لسلسلة الرواتب، وإن تسارعت وتيرة المشاورات بين الكتل السياسية. وزير التربية الذي بعث بتطمينات حول السلسلة، بدا حازماً لاتخاذ قرار بشأن نتائج الامتحانات الرسمية، حتى لو لم يكن ذلك بموافقة هيئة التنسيق.

لم يخرج أمس الاجتماع المسائي بين الكتل السياسية الثلاث (حركة أمل، الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل) بصيغة نهائية بشأن سلسلة الرتب والرواتب. فالاجتماع لم يعدُ كونه جلسة لاستكمال المشاورات في مجموعة من الأفكار التي طرحت في الآونة الأخيرة، لا سيما خفض أرقام السلسلة وتقسيطها وزيادة الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 1%، وقد تعهد كل مفاوض بالعودة إلى فريقه السياسي ومراجعته بهذه الأفكار.

وفيما يبدو أن الحل سيستغرق وقتاً ليس بقصير وأنه لن يكون بكبسة زر، ووسط مداهمة العام الدراسي الجديد، استنفر وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، ملوّحاً بخيارات سيلجأ إليها في غضون ثلاثة أيام، سواء بموافقة هيئة التنسيق أو من دون موافقتها، لفك أسر نتائج الامتحانات الرسمية. بو صعب استخدم أمس لهجة مستجدة بدا معها كأنّه يحمّل الأساتذة والموظفين مسؤولية اجتياز الخط الأحمر في وقف مستقبل 100 ألف طالب. أما هيئة التنسيق فقد ردّت بأن «لا أحد يستطيع أن يزايد عليها في الحرص على مصلحة الطلاب، وخصوصاً السياسيين الذين يشلون البلد ومؤسساته الدستورية ويأخذون المعلمين والموظفين وكل الشعب اللبناني رهائن بأيديهم».
المفارقة أن بو صعب كان مطمئناً إلى أنّ السلسلة باتت على السكة الصحيحة، وإن بدا متيقناً من أن الأمور ستأخذ بعض الوقت. دليل الوزير في ذلك أنّ النقاش في السلسلة جدي ويجري على أعلى المستويات، وأنّ التطمين الكبير جاءه أمس من رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقائه معه، إذ أكد أن «لا تشريع في المجلس النيابي من دون السلسلة»، ما يعني، بحسب الوزير، أنّ الملف أصبح في المقدمة.

ومن التطمينات برأيه، إقرار رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة بأن تيار المستقبل و14 آذار ملتزمان بالعمل لإنجاز الملف». وفي اللقاء الذي دام ساعتين ونصف الساعة مع هيئة التنسيق، فتح الوزير سماعة الهاتف مع السنيورة الذي جدد هذا الالتزام. لكن ما لم يقله بو صعب في مؤتمره الصحافي أن السنيورة طلب من هيئة التنسيق القيام بمبادرة والعودة إلى التصحيح مراعاة للظروف التي يمر بها البلد ولمصالح الطلاب، بما أن السلسلة تناقش على نار حامية.
سيبقى بو صعب يطالب بحقوق المعلمين، «لأننا لسنا مختلفين على السلسلة ولا على مصالحهم»، لكن وزير التربية عليه مسؤولية مستقبل الطلاب، إذ كشف «أنني أتلقى رسائل يومية من التلامذة والأهل، وخصوصاً في ما يتعلق بالتلامذة المسافرين للالتحاق بجامعات الخارج التي تبدأ في 15 آب». مع ذلك، أقرّ بأنّ الحل ليس في يد هيئة التنسيق بل في أيدي السياسيين الذين ناشدهم أن يأخذوا في الاعتبار الطلاب المسافرين المحتاجين إلى شهادة وفيزا، وهم لم يحصلوا بعد على نتائجهم، وبالتالي ليس معهم شهادة.
إلاّ أنّ الوقت بات داهماً، بحسب بو صعب، و«إذا لم نتفق على إقرار السلسلة، فسيكون مستقبل الطلاب في المجهول، لكنّ هناك قراراً سأتحمل مسؤوليته، وقد طلبت من هيئة التنسيق أن نفكر معاً في الحلول، ووضعت أمامهم الاحتمال بألا تكون هناك سلسلة قريباً جداً والطلاب لا يتحملون الانتظار إلى وقت غير محدد».
ورغم ذلك، كرر الوزير موقفه بأنّ «لا إفادات ولا تصحيح إلا بموافقة هيئة التنسيق. لذا أنتظر موقفهم لنبني على الشيء مقتضاه. إن الأزمة هي سياسية، وآمل أن نعود إلى الجلوس معاً هذين اليومين حتى بداية الأسبوع إلى أقصى حد، لنتوصل إلى تفاهم معين. فإما أن نتفاهم على موقف أو يتولى الوزير وحده القرار». أضاف: «إن أي قرار يأخذه الوزير يمكن أن تعدّه هيئة التنسيق سحباً لورقة التصحيح من يدها. وهذا ما قالوه لي في الاجتماع. لكنني أقول لهم إنّ هناك محطات أخرى للضغط في الدورة الثانية وفي بداية العام الدراسي».
وعن سؤال «الأخبار» عما إذا كان خيار الإجازة للجامعات باستقبال الطلاب من دون شهادات وارداً، أجاب بو صعب: «ليس هناك خيار نهائي حتى الآن، ويمكن أن نتوافق معهم على قرار يرضيهم أو أن نأخذ قراراً لا يرضيهم، وآمل أن نصل إلى قرار مناسب، إذا كان لا يزال هناك انسداد للأفق السياسي».
لكن هل يطلب الوزير من هيئة التنسيق تراجعاً إضافياً؟ وهل الحل مسؤولية هيئة التنسيق؟ قال إن «الحل مسؤولية السياسيين، والوزير موظف عند الشعب اللبناني، ويجب أن يؤمن المصلحة العامة. ويمكن أن أعمل المستحيل لإقرار السلسلة، وعندنا أوراق ضغط كثيرة».
في المقابل، يخرج أعضاء هيئة التنسيق للمرة الأولى من مكتب بو صعب من دون انتظار ما سيقوله في المؤتمر الصحافي الذي يعقده عادة بعد كل لقاء. التجهّم كان يعلو وجوه رؤساء الروابط الذين فضّلوا التصريح من خارج قاعة الاجتماعات. الاجتماع مع الوزير كان مقرراً قبل عيد الفطر، وكانت هيئة التنسيق تنتظر أجوبة بشأن مذكرة المطالب التي رفعتها إلى مسؤولي الكتل السياسية في الأيام الماضية. لكن ذلك لم يحصل، إذ قال رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب إنّنا «لم نتسلم أي ردّ على أي مطلب، ولا نعرف عن أي سلسلة نتكلم، وكل ما بين أيدينا حول مستجدات الملف يقتصر على الاقتراحات التي نسمعها عبر وسائل الإعلام، من خفض لأرقام السلسلة وتقسيطها وفرض ضرائب على ذوي الدخل المحدود، أي كل ما ينتقص من حقوق نتظاهر من أجلها منذ 3 سنوات». إلا أنّ هيئة التنسيق تتمسك، بحسب غريب، بكامل الحقوق، أي إعطاء نسبة زيادة واحدة للقطاعات كافة بحسب نسبة التضخم 121% كحد أدنى، على أن تحسم منها نسب الزيادات التي أعطيت عامي 2008 و2012، من دون خفض أو تجزئة أو تقسيط، ومع مفعول رجعي، مع «التأكيد على عدم القبول أكثر من أي وقت بإعطائنا بيد والأخذ باليد الأخرى»، في إشارة إلى ضريبة الـTVA.
وأكد غريب أن لا أحد يزايد على هيئة التنسيق، ضمير هذا البلد، بالحرص على الطلاب، وخصوصاً السياسيين الذين يشلون البلد ومؤسساته الدستورية ويأخذون المعلمين والموظفين وكل الشعب اللبناني رهائن في أيديهم. الحوار مستمر ومفتوح بين هيئة التنسيق ووزير التربية، يقول غريب، داعياً إلى تحميل مسؤولية الوصول إلى هذا المأزق للسياسيين وليس لجماهير الهيئة التي شبعت اتفاقات ولا تعرف لماذا عولجت كل الملفات وبقيت السلسلة عالقة.
أما رئيس نقابة المعلمين نعمة محفوض فلفت إلى أننا «أنجزنا الامتحانات ووعدونا بأنهم سوف يحلون موضوع السلسلة خلال فترة الاستحقاق، فماذا كانوا يفعلون في هذا الوقت؟ إذا كان هناك خطوط حمر فهم يتحملون المسؤولية. لقد وفت الهيئة بوعودها، ولكنهم لم يفوا بأي وعد قطعوه لنا».

المصدر: الأخبار