حلب.. وأصبح التعليم الحكومي حلماً

حلب.. وأصبح التعليم الحكومي حلماً

مع صدور نتائج امتحان القبول في كلية الفنون الجميلة– جامعة حلب، ثارت زوبعة من الأسئلة والاحتجاجات حولها، حيث نجح من أصل 450 طالباً تقريباً 27 طالباً فقط، أي بنسبة 6%، هذه النسبة غير المفهومة خاصة لدى مقارنتها مع نسب النجاح في باقي كليات الفنون في الجامعات الأخرى، وخاصة جامعة دمشق التي قبلت نسبة 90% من المتقدمين.

فقد طالب المتقدمون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بإعادة النظر في أوراقهم الامتحانية بعد هذه النسبة المجحفة، ليكون الرد من عميد كلية الفنون الجميلة د. أديب أعرج بتأكيده على مشاركته في عملية التصحيح، لكن وبحسب قوله بأنه عضو من أصل عشرة أعضاء الذين قاموا بالتصحيح، ولا يؤثر صوته في التحكيم.
من جانبه معاون وزير التعليم العالي رياض طيفور، نفى كل ما يشاع عن تواطؤ الوزارة في ارتفاع نسبة الرسوب، وتحدث عن آلية التصحيح واصفاً حسب قوله بأن مستوى الطلاب المتقدمين لا يرقى إلى المستوى المطلوب؟!!
علماً أنه في العام الفائت تم قبول 200 طالبٍ من مجموع المتقدمين لامتحان القبول، وهو ما يفتح باب التساؤلات عن أسباب ودواعي مثل هذا الإجراء، والذي ولَّد سيلاً من الاحتجاجات الغاضبة على هذه النتائج.
فقد قام العديد من الطلاب بطرح رسوماتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والطعن بنتائج التصحيح التي ادعتها الوزارة، وللبحث عن المستوى الذي يرقى له النجاح بحسب قول المسؤولين!

إشاعات

هذه التساؤلات حملت عدة تفسيرات حول سبب تدني نسبة النجاح، ما فتح الآذان على كم هائل من الشائعات، منها نية إحدى الجامعات الخاصة فتح كلية للفنون الجميلة، والتي يترأسها حالياً عميد سابق للكلية الحكومية، بحسب ما تداوله البعض.
فهل يعقل أن يتم العمل على كسر مقدرة التعليم الحكومي على تقديم خدماته للطلاب لحساب التعليم الخاص، ما يثبت نظرية أن التعليم لمن يدفع.
في حين تم الحديث عن نية مضمرة لإغلاق كلية الفنون الجميلة في حلب يتم تداوله في أروقتها؛ بسبب نقص في الكادر التدريسي واعتمادها بشكل كبير على المحاضرين العاملين بنظام الساعات وعلى بعض المعيدين، وموفدين داخليين لجامعة دمشق وخارجيين إلى روسيا وألمانيا وإيران، ما يوحي بعدم وجود هيكل داخلي متجانس، أو بنية هيكيلة تنظيمية متكاملة من كادر تدريسي لدعم هذه الكلية رغم وجود أقسام مهمة فيها، ولها تاريخها.
بين هاتين الإشاعتين، إذا صح الحديث عن إغلاق الكلية الحكومية، فهل تمتلك تلك الخاصة المشار إليها الهيكل المتكامل لافتتاح هذا الفرع، وتقديم الخدمات لطلابه، وفي حال امتلاكها له وتواجد هذا الكادر ما الذي منع الكلية الحكومية من امتلاكه، أو قيام جامعة حلب لسد هذا العجز ورفد هذا الفرع بما يحتاجه من هيكلية وبنية متكاملة.
بناءً على ذلك، يجدر البحث عن إجابة عن سؤال ملح أيضاً إذا كانت النسبة الخارجة عن القبول والنجاح في الامتحان غير مؤهلة لخوضه، فهل تستنفذ هذه الجامعة الخاصة نفس المعايير لعدم ضمهم، أم أن هناك معياراً آخر «من يدفع» هو من سيحدد ذلك؟!.

سوق على هامش الحدث

الفساد وصل في هذه الأيام لحد متوحش من تسليع كل شيء بدءاً من الشهادة الثانوية وحتى الجامعة، وربما بلغ حد استغلال المراحل الانتقالية بينهما، ألا وهي الفترة التحضيرية لدخول الجامعة.
فبالتزامن مع انتهاء امتحانات الثانوية العامة وتمهيداً لصدور النتائج، وحتى صدور نتائج المفاضلة بدأ سوق الدورات للأقسام التي تحتاج إلى امتحانات قبول، هو بازار مفتوح يتم فيه استغلال أحلام الطلبة في التقدم للكليات التي يرغبون بها، حيث بلغ التسجيل لدورة واحدة فقط من أجل امتحان 10000ل.س، وقد يدفع هاجس الطالب من الفشل في اجتيازه لاتباع أكثر من دورة خاصة على حسابه الشخصي، وقد بلغ الجشع لجني الأرباح حد التغرير بالطلاب ضِعاف الموهبة إلى إمكانية رفع مستواهم.
هذه الدورات يتم إدارتها من قبل محاضرين يتم انتقاؤهم، وبحسب الأعداد المتقدمة قد يتم إجراء أكثر من دورة لاستيعابهم.

التخرج من الجامعة معجزة أكبر من دخولها

الجدير بالذكر، أن الطلاب في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي أو في مرحلتي الدراسة الجامعية الأولى والثانية يعانون من تخبط قرارات الوزارة، بدءاً من معدلات القبول، ومثل الحديث حول اعتماد النظام الفصلي المعدل، ومن ثم العودة إلى النظام الفصلي السابق، والحديث عن اعتماد النظام السنوي للكليات النظرية، وتحويل الطلبة المستنفذين إلى التعليم الموازي حيناً وللخاص حيناً آخر، وغيرها من القرارات الكثيرة الأخرى.
والسؤال: إلى أين تريد الوزارة الوصول بالطلبة من خلال ما ينتج عن مثل هذه القرارات، من تكدس في أعداد الطلبة، مع إنهاكهم مادياً ومعنوياً، وصولاً إلى تطفيشهم، حتى أصبح التخرج من الجامعة معجزة أكبر من معجزة دخولها؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
931
آخر تعديل على الإثنين, 16 أيلول/سبتمبر 2019 12:50