لك اللي طلّع الحمار ع المادنة من مصلحتو يخليه!
دارين السكري دارين السكري

لك اللي طلّع الحمار ع المادنة من مصلحتو يخليه!

من بداية الشهر الحالي أو قبل بكم يوم وعينا من نومنا بصدمة كبيرة من ورا منشور على فيسبوك: «عاااااجل... من بعد اليوم مش حتقدر تغمض عينيك! مفاجأة قوية بارتفاع سعر الدولار... سعر الصرف اليوم مبيع: 635، شراء: 640 ليرة سورية»، هاد البوست اللي فلج كل الشعب السوري المقيمين داخل سورية أو خارجها.. مو لأنهم بيتعاملو بالدولار لأنهم بيعرفو توابعو ع الأسعار وع العيشة..

كان هالارتفاع المفاجئ لسعر الصرف تحت اسم «وهمي» متل ما بيحبو يقولوا عنو المسؤولين، بس الحمدلله تجارنا مباشرة حولوه من «وهمي» لـ «حقيقي» ومشوا فيه لصارت حياتنا نحنا من بعد هاليوم «وهمية» وعايشين على أمل النزول والهبوط..

سعر الصرف تأثر بمنشورات فيسبوك!

حسب ما تم التصريح عنو من «خبير اقتصادي» في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، بأنو: «معركة نقدية اقتصادية حقيقية، وأرجعها إلى أدوات خارجية وأخرى داخلية»، ومن الأدوات الداخلية اللي أثرت هي: «وجود مجموعة من رجال الأعمال تقوم بلعبة إجازات الاستيراد، عبر فتح إجازات لفترة طويلة (سنة مثلاً)، وبعد حصولها على مؤنة القطع اللازمة، تماطل بالتنفيذ ريثما يرتفع سعر الصرف وتكسب الفرق، سواء قدمت البضاعة أو لا ومهما كان نوعها».
وأضاف: «هناك أيضاً مجموعة لا بأس بها من (كُتّاب فيسبوك) ساعدوا العدو الاقتصادي (بعضهم يقصد وبعضهم لا) في حربه على الليرة..»..
يعني والله الواحد ما عاد يعرف شو يفكر، التجار هنن اللي عم يرفعو الدولار، ولا الحكومة، ولا البنك المركزي، ولا منشورات فيسبوك؟ والله احترنا وهَلْ التصريح حيرنا أكتر!!.. مو مشان شي، بس لأنو ما حدا حكى عن دور الفساد الكبير بالقصة باعتبارو مشرش أصلاً بكل تفصيل من حياتنا..
بس يمكن اللي فهمتوا إني إذا بنزّل بوست هلق وبكتب فيه «عاجل... هبوط قوي بسعر الدولار اليوم... سعر الصرف: 50 ليرة سورية»، هيك بينزل سعرو، وفيني بعدا ثبتو متل ما كان قبل الحرب مثلاً؟؟.. وصار ممكن أدامن صفحات الصرف وأسعار الدولار يكتبوا على فيسبوك: «قسماً بالله لما شوف فرحة المتابعين من خلال التعليقات، الدنيا ما وسعانتني من الفرح لأني عم أدخل الفرح لقلوبكم، والله يقدرنا على فعل الخير»..
وكأنو فرحتنا بتقتصر على هبوط الدولار بس!! وأسعار السلع مالا علاقة لا بالهبوط ولا بفرحتنا... ربي يهدي الأسعار من عالي سماه... ولك آآآآمين..

الارتفاع المجنون للأسعار

طبعاً صار من المتعارف عليه عنا أنو أول ما نسمع ولو كانت إشاعة بارتفاع الدولار بتشتغل القوى الاستغلالية للتجار وخصوصاً «تجار المواد الغذائية» وبيصير في قفزات رهيبة جنونية لأسعار الغذائيات اللي فعلياً بترتفع مع ارتفاع الدولار وبتضلا مرتفعة مع انخفاض سعرو..
فمثلاً حسب ما تم نشره على صفحة فيسبوك (B2B-SY) من كم يوم: وصل سعر كيلو الرز إسباني (650)، السكر المغلف (350)، السمنة النباتي (900)، الزيت النباتي (700)، كيلو القهوة العادية اللي لا عليها اسم وماركة (6400)، الشاي (4000) هي أسعار شوي من الاحتياجات اليومية اللي ما فيها رفاهية ودلال للنفس..
أما بالنسبة لمستلزمات الطبقة «الهاي هاي» أو تحت مسمى «الرفاهية» للمواطن المنتوف بيومنا هاد، فهي: سعر كيلو لحم الغنم تقريباً (10000)، سعر كيلو شرحات الجاج (1800)، سعر كيلو الزيت البلدي (1850)، حليبنا 900 غرام (2500)، كيلو الفريكة كونها شادة أكتر من الدولار وصارت أكلة مخصصة لطبقة الهاي هاي (1250)... إلخ.
طبعاً ما فينا ننسى أنو هبط سعر الدولار وكتير كمان.. بس للأسف ضلت الأسعار طايرة لفوق مندون ما نعرف أيمت ممكن تخلص لعبة التجار الكبار اللي استغلوا «الدولار» ليلعبوا لعبتون بالأسعار على كيفون.. ونبطل نحن المواطنين الصغار المفقرين من دفع التمن إن كان ع مستوى صحتنا وعافيتنا أو ع مستوى تدني معيشتنا ككل..

«دق المي وهي مي!»

مشكلتنا اليوم ما صفيت ارتفاع أو انخفاض بسعر الدولار! مشكلتنا بتخفيض الأسعار بالسوق إن كان ع اللبس أو الأكل أو الشرب.. لأيمت بدنا نضل نحن كشعب مُفقر عاجزين عن تلبية مُسلتزماتنا وحاجاتنا اليومية البسيطة؟؟
لك معقول وسائل الإعلام الرسمي وغير الرسمي كان همّها بس أنو تتابع متغيرات سعر الدولار؟؟ معقول ما حدا وقف عند الأسعار اللي ارتفعت وما عاد نزلت مع نزلة الدولار؟!..
الإنجاز اللي نحن بحاجتو اليوم من «المعنيين» بالموضوع هو تخفيض المُلحقات اللي ترافقت مع ارتفاع سعر الدولار وما عاد نزلت بعد هبوط السعر.. يعني مو تخفيض سعر الصرف وبس!! ومو بالحكي عن الضرب بيد من حديد بدون ما نشوف نتائج هالحكي ع أرض الواقع.. لأنو ببساطة النتيجة ضلت هية هية علينا.. واللي ضرب ضرب واللي هرب هرب.. الأسعار زادت والناس دفعت فروقاتها من جيبتها وع حسابها، وصارت الناس كلها تحكي متل ما بيحكي دكتور الهضمية وقت بيشخص حالة مرضية: «عنا صعوبة ببلع وهضم مو بس الأكل... عنا صعوبة ببلع وهضم الأسعار اليوم»..
بكل الأحوال، لسا الوضع ع حالو من عدم الاستقرار.. وما حدا بيعرف شو مخبية الأيام الجاية طالما السياسات اللي عم تفرخ الأزمات مستمرة.. وطالما المستفيدين من هَيْ السياسات ع حالهم من الاستفادة.. كبار التجار والفاسدين وتجار الحرب والأزمة والتجارات السودا بما فيها الدولار اللي هو حلقة بسلسلة طويلة مترابطة بإيدين اللي لا بيرحموا ولا بيخلو رحمة الله تنزل..
بيقولوا «اللي طلع الحمار ع المادنة بينزلو».. طيب اللي طلعوا الأسعار بحجة الدولار وغيرو مو من مصلحتهم ينزلوها حبيباتي؟..
وحلوها إذا بتنحل..

معلومات إضافية

العدد رقم:
931
آخر تعديل على الإثنين, 16 أيلول/سبتمبر 2019 12:54