استغباء الذكاء لمصلحة الفاسدين والمستغلين

استغباء الذكاء لمصلحة الفاسدين والمستغلين

لماذا أوقفت «تكامل» الرسائل النصية، المرتبطة بتعبئة المحروقات، الموجهة للمواطنين؟.

هل فقدت «تكامل» الجزء المتبقي من ذكاء بطاقتها؟ أم أن حال التعاطف مع استغباء التذاكي، فساداً ونهباً، أصبح هو الطاغي؟.
ولمصلحة من يجري تعميم هذا «الاستغباء»؟.
توقفت شركة «تكامل» عن إرسال الرسائل النصية للمواطنين، والتي كانت تتم بعد كل عملية تعبئة للمحروقات الموزعة عن طريق «البطاقة الذكية» (بنزين- مازوت- غاز)، وقد جرى ذلك دون إعلام أو إعلان، حيث فوجئ المواطنون بعدم استلامهم تلك الرسائل النصية كما جرت عليه العادة بعد كل عملية تعبئة للمحروقات، والتي تزامنت مع موجة أزمات الغاز والمازوت المرافقة لفصل الشتاء كما كل عام.

تعقيدات غير مبررة

في تصريح لـ«مصدر» في شركة تكامل حول توقف خدمة إرسال الرسائل النصية تلقائياً، تداولته بعض وسائل الإعلام، أنه: «في حال أراد المستفيد من تفعيل خدمة الرسائل يجب تسجيل حساب على الموقع الإلكتروني للشركة»، وقد شرح «المصدر» كيفية تفعيل هذه الخدمة عبر التطبيق الخاص بالبطاقة الذكية من موقع الشركة، مضيفاً: «إن هذه الخدمة مجانية».
المواطنون الذين تاهوا بعد توقف الرسائل النصية، وخاصة أنها تتضمن الكمية والتاريخ، وبالتالي من الممكن الاستفادة من هذا الجانب للتعبئة اللاحقة، وخاصة لمادة الغاز المحددة مدة استبدالها كل 23 يوم بحسب ما هو مفترض، تاهوا أكثر بالخدمة المجانية المتعلقة بتلك الرسائل وكيفية تفعيلها من موقع الشركة.
فالإجراءات المطلوبة لهذا التفعيل تعتبر معقدة بالنسبة للكثير من المواطنين، خاصة وأن معلومات غالبيتهم عن التعامل الإلكتروني عبر شبكة النت والمواقع الإلكترونية تعتبر محدودة، بالإضافة إلى البعض ممن لا يملك أجهزة متطورة (حواسب- هواتف ذكية) وهؤلاء مكتفون بأجهزة الهاتف الخليوي (غير الذكي)، وقد كانت الرسائل النصية تصل لهؤلاء دون مشقة التعقيد والبحث عمن يقوم عنهم بتفعيل هذه الخدمة «المجانية».
أما التساؤل المشروع الذي تم طرحه من قبل المواطنين فهو لماذا اتخذت الشركة هذا القرار، طالما أن الخدمة متاحة وممكنة وما زالت مفعلة ومجانية بحسب «المصدر»؟.
ولماذا هذا التعقيد بالحصول على المعلومات المتعلقة بالبطاقة الذكية وكميات المحروقات المستلمة بموجبها؟.
والأهم لماذا ترافق هذا القرار مع بروز أزمة الغاز الآن؟.
فقرار الشركة وإجراءاتها المطلوبة المعقدة تعتبر غير مفهومة وغير مبررة بالنسبة للمواطنين!.

ترويج للموقع والتطبيق

بالعودة لـ«المصدر» وما رشح من تصريح بما يخص الرسائل النصية، فقد استفاض هذا المصدر بالكثير من الشرح بما يخص كيفية تفعيل الخدمة، والمتضمن شكلاً من أشكال الترويج لموقع الشركة وتطبيقها الخاص بالبطاقة، مع التنويه عن إمكانية التقدم بشكوى للمحروقات في حال حدوث تأخر بعملية التعبئة، وتأكيده على أن «تكامل» جهة فنية منفذة مجال عملها الأتمتة ولا دور لها بآلية التوزيع، لكنه لم يوضح مبررات القرار بوقف تلك الرسائل لا من قريب ولا من بعيد، علماً بأن هذه الخدمة مؤتمتة ومنفذة سابقاً دون التعقيدات المطلوبة حالياً!.

استنفاذ الذكاء

أزمة الغاز، المفتعلة بجزء هام منها، من قبل تحالف الفاسدين والعاملين في شبكات السوق السوداء، ما زالت مستمرة، وقد جرى الحديث عنها مراراً وتكراراً عبر الكثير من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى توسيع انتشار السوق السوداء وتزايد استغلاله حتى بموجب «البطاقة الذكية» نفسها التي تم استغباء جزء هام من ذكائها عبر وسائل وآليات الاستغلال في ظل الأزمة المفتعلة الحالية.
فمن الممكن أن تحصل على حقك بأسطوانة الغاز بموجب البطاقة الذكية شريطة دفع المعلوم الإضافي استغلالاً للحاجة، وهروباً من الوقوف في طوابير الانتظار الطويلة والمديدة، أو من الممكن أن تحصل على أسطوانة الغاز بدون الحاجة لاستخدام البطاقة الذكية، وطبعاً خارج الطوابير، لكن المعلوم يصبح أكبر!.
لتأتي «تكامل» وتستكمل استغباء بطاقتها من خلال إيقاف الرسائل النصية أيضاً، وهذا الأمر ليس بالنسبة لمادة الغاز، بل حتى على مستوى تعبئة مادة البنزين، حيث كانت هذه الرسائل التي تأتي مباشرة بعد التعبئة فيها شكلاً من أشكال الحد من الاستغلال في الكازيات أيضاً.
والنتيجة، أن ذكاء البطاقة تم استهلاكه واستنفاذه، فساداً وتعقيداً، ولم تعد له أية جدوى بالنسبة للمواطنين، ولا أحد يعلم من المستفيد من هذا «الذكاء المستنفذ»، اللهم باستثناء شبكات الفساد والمستغلين والسوق السوداء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
944
آخر تعديل على الإثنين, 20 تموز/يوليو 2020 19:18