مجرد سيارة بقيمة نصف مليار في دمشق
عاصي اسماعيل عاصي اسماعيل

مجرد سيارة بقيمة نصف مليار في دمشق

قام أحد «المواطنين» السوريين بشراء سيارة BMW موديل عام 2019 بسعر 500 مليون ليرة سورية، خلال مزاد علني جرى في حيّ المزة في دمشق بإشراف المؤسسة العامة للتجارة الخارجية... انتهى الخبر بسلام؟

قبل الخوض في موضوعة هذا «المواطن» وهذا «البزخ»، فلنتوقف قليلاً حول المؤسسة المشرفة والسيارة نفسها. فقد أعلنت المؤسسة العامة للتجارة الخارجية في سورية قبل حوالي الشهر عن نيتها تنظيم مزاد علني لنحو 250 سيارة مستعملة من مختلف الموديلات والسنوات، ووفقاً لما ورد على وسائل الإعلام، فإن الهدف من هذا المزاد هو «كسر حالة الجمود الموجودة في الأسواق والارتفاع الكبير بأسعار السيارات».

مستعملة؟

خلف مصطلح «مستعملة» تستّرت سيارات من إنتاج سنوات 2019، لكن لم يسمع أيّ سوريّ، ولم يصدر من أية جهة حكومية أو رسمية بيانٌ أو قرارٌ يفيد باستئناف استيراد السيارات إلى البلاد، ووفقاً لعلمنا جميعاً، فإن سورية لم تستورد سيّارة منذ سنوات خلت، إذاً من أين جاءت «موديلات عام 2019» ونظّم مزاد مرخّصٌ برعاية مؤسسة حكومية؟ إن أقل ما يمكن فهمه عبر هذا الإجراء هو وبشكل مختصر جداً، اعترافٌ رسمي بـ«تهريب» السيارات إلى البلاد، ومن ثمّ «شرعنة» هذه العمليات، أو فلنسميها «غسيل مثل هذه السيارات». ومن جهة ثانية، فإن مثل هذا الإجراء الحكومي الرسمي، رغم «تواضعه»، يثبت مقولة إن جهاز الدولة بات يعمل رسمياً لدى قوى الفساد السورية، ولصالحها.

الحكومة مستغربة

بالعودة إلى الغاية من قيام هذا المزاد، أي كسر حالة الجمود في الأسواق وارتفاع أسعار السيارات، حسب كلام المؤسسة المتداول– يرجى عدم كبح الضحكات– فكأن حالة الجمود في الأسواق السورية شيء غريب غير مفهوم بالنسبة للحكومة، ولا مبرر له، ولذا لا ينقصه سوى «التحفيز»، أما ارتفاع أسعار السيارات، فقد كان المزاد نفسه خير إجراء، بدليل مبيع إحداها بنصف مليار ليرة سورية.

الوقاحة!

حول «المواطن البريء» ، فقد دفع مبلغ 400 مليون ليرة للسيارة، مضافاً إليها 100 مليون ونِّيف للتسجيل في وزارة النقل «غسيلها»، بنسبة 30% من القيمة. ونتساءل هنا، إذا كان هذا التاجر قد دفع هذا المبلغ لقاء سيارة وضمن مزاد، فكم يمتلك من «سيولة» يتسلى بها إذاً؟ ضمن ظروف بلادنا الحالية التي يعيش الغالبية الساحقة من سكانه تحت خطّ الفقر. علماً بأن هذا التاجر مجرد «عينة واحدة» من شريحة اجتماعية تحيى معنا في هذه البلاد، طفيليات كبرت وتكبر من جوعنا ودمائنا! لكن وكما يقال «فوق الموتة عصة قبر» تتفاخر هذه الشريحة بنفسها وبثرواتها لمثل هذه الدرجة من «الوقاحة» و«على عينك يا شعب». إن هذه «المهرجانات» الحكومية بالتعاون مع هذه الشريحة وقوى الفساد من خلفها لم تكن أول مرة، وربما لن تكون الأخيرة، إلا أنّ الناس نفسها قد تقيم «مزاداً» على من يوقفها ويوقف هذا المهزلة مع كل مشغليها مرةً وللأبد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
953
آخر تعديل على الإثنين, 17 شباط/فبراير 2020 13:05