النفط السوري.. والتصريحات المتناقضة؟

تجبر التصريحات الحكومية المتناقضة التي تتناول واقع الاقتصاد السوري وآفاق تطوره، المتتبعين لمسيرة هذا الاقتصاد على الشك بدلالات هذه التصريحات ومراميها.. وسنتوقف هنا عند التصريح الأخير لوزير النفط والثروة المعدنية سفيان العلاو، الذي قال فيه إن «سورية ستبقى من الدول المنتجة للنفط والغاز لسنوات طويلة قادمة يصعب تقديرها».

فهذا الإعلان مناقض كلياً لما كان قد قاله الوزير ذاته في فترات سابقة، من أن إنتاج النفط السوري يسير باتجاه الانخفاض المستمر وصولاً إلى نفق النضوب! فما هي الأسس التي استند إليها الوزير في كلا التصريحين المتناقضين؟! وهل القضية مجرد تصريح سيتم التراجع عنه فيما بعد بكل بساطة؟!
وفي سلسلة التصريحات المتناقضة في الملف نفسه، يمكن التوقف عند ما أدلى به نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري قبل أيام قليلة، من أن الاقتصاد السوري استطاع تعويض تراجع إنتاج النفط بزيادة النشاطات الصناعية والزراعية والسياحية، أي أن التراجع أمر واقعي «بشهادة» التعويض، والسؤال: كيف انتقلت سورية بين ليلة وضحاها إلى دولة منتجة للنفط ولسنوات طويلة يصعب تقديرها، بينما كانت الحكومة حتى وقت قريب تحاول تسويق وتسويغ قرارات رفع الدعم عن المشتقات النفطية بشماعة تراجع الإنتاج والنضوب النفطي؟!
المؤشر الأهم الذي لا بد من الإشارة له، هو أن سيمفونية تراجع الإنتاج النفطي واحتمال نضوبه القريب، كانت الأكثر ترديداً والأعلى صوتاً على لسان أركان الحكومة، وعلى رأس قائمة جدول الاجتماعات الحكومية قبل رفع الدعم عن المشتقات النفطية في السوق المحلية وبعده مباشرة!! بينما تعددت وتعاظمت الاكتشافات النفطية بعد رفع سعر المازوت والبنزين، وتبين أن سورية تعوم على بحر من النفط، وبالطبع هذا كله على لسان الحكومة ووزرائها فقط، دون أن يلتمس المواطن السوري من هذا البحر أي تحسن معاشي مفترض..
ولم تقف التصريحات (اليائسة) عند أقطاب ونسور الاوركسترا الحكومية، تلك التصريحات المتغيرة والمتماشية مع تبدل القرار المزمع طرحه وتسويقه والمطلوب إصداره، بل إن العديد من الباحثين الاقتصاديين المسوقين لسياساتها الانفتاحية دخلوا على خط النضوب النفطي أيضاً في الفترة ذاتها، بعد اعتبار أحدهم أن النفط السوري لا يكفي على أبعد تقدير حتى العام  2009، مبشراً أننا سنصبح دولة مستوردة صرفة للنفط بحلول هذا التاريخ. كما كان لصندوق النقد الدولي مساهمته الفاعلة ودلوه المليء أيضاًُ على خط التهويل والتخويف من الكارثة النفطية القادمة، عندما حذر في أحد تقاريره في العام 2007 من نفاد الموارد النفطية في سورية، داعياً تلامذته السائرين على ضوء تقاريره ووصفاته إلى وقف تصدير النفط في العام 2010، حيث ستتراجع نسبة مساهمة عائدات القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي من 8،8% إلى صفر مع حلول العام 2015. فما معنى كل ذلك؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
410