السبق التكنلوجي الصيني: من الـ G5 وحتى الكابلات البحرية!

السبق التكنلوجي الصيني: من الـ G5 وحتى الكابلات البحرية!

استهدفت حتى الآن العقوبات الأميركية ضد هواوي  معدات  الاتصال والأجهزة المرتبطة بالجيل الخامس لشبكة الإنترنت G5, إلا أن التطورات تشير بأن العقوبات ستتوسع لتشمل استثمارات هواوي في في البنية التحتية الناقلة للمعلومات عبر القارات أي: الكابلات البحرية.

تشير التقارير الغربية، أن شركة هواوي البحرية بدأت بالعمل على بيع قسمها المتخصص ببناء ومد الكابلات البحرية إلى شركة صينية أخرى هينغتونغ (HENGTONH GROUP) فماذا وراء الأكمة؟
على السطح تتذمر التقارير الغربية من ارتباط شركة هينغتونغ مع جيش التحرير الصيني. إذ تلقت منه مكافأة الابتكار في عام ٢٠١٥ وشكَّلا شراكة أكاديمية للبحث في مجال الكابلات البحرية. وكانت قد اعتبرت الحكومة الصنيينة هذا التعاون كمثال يُحتذى عن الترابط المدني- العسكري.
بالعمق، المسألة تتعلق بتمدد وتوسع الحصة السوقية للشركات الصينية في هذا المجال الذي كان حكراً على الغرب.

380 من الكابلات البحرية عبر المحيطات

عكس ما يعتقده البعض بأن الأقمار الصناعية، وأبراج الخلايا هي (قلب الإنترنت)، فإن المكون المحوري هو حوالي 380 من الكابلات البحرية التي تحمل أكثر من 95% من البيانات عبر القارات. بنيت هذه المنظومة من الكابلات بالدرجة الأولى من قبل أميركا وحلفائها .
هنالك أربع شركات تقوم ببناء هذه الكابلات، أولها: الكاتيل الفرنسية (Alcatel Submarine Networks of Alcatel-Lucent)، ومن ثم شركة تي إي السويسرية ( TE SubCom)، وشركة ن.ي. س اليابانية، وقد دخلت شركة هواوي البحرية حديثاً إلى هذه السوق العالمية، إذ أقامت مؤخراً ستة مشاريع دولية معظمها في إفريقيا، بينما بقية الشركات عبر العالم المتوسطة والأصغر فتعمل في نطاق محلي وإقليمي. هذا ويذكر أن العديد من هذه الشركات تشترك أيضاً في مشاريع لنقل النفط والغاز البحري، وفي مد الكابلات الكهربائية البحرية، وغيرها من البنى التحتية البحرية.
بلغت الاستثمارات في هذا المجال 48 مليار دولار منذ عام 1990، وقد تركزت قرابة نصف هذه الاستثمارات في الأمريكيتين.
يتم تمويل هذه الاستثمارات بثلاثة نماذج تمويل أساسية، الأكثر شيوعاً من بينها هو عبر التحالفات الصناعية المالية الكبرى. حيث تجتمع مصالح عدة شركات لمد كابل في نطاق معين، وبموارد مشتركة. حوالي 90% من الكابلات البحرية في العقود الثلاثة الأخيرة، قد تم تمويلها بهذه الطريقة، وبمبالغ قاربت 43 مليار دولار.
كما أن بنوك التنمية، مثل: البنك الدولي، قد موّلت أيضاَ بعض المشاريع في هذا المجال، بنسبة 5%من إجمالي الاستثمار في الكابلات البحرية.
آلية التمويل الثالثة هي: الملكية الخاصة من قبل شركات تمول مدّ الكابلات إما لاستخداماتها الخاصة، أو لإعادة بيع وتأجير خدمات هذه الكابلات للآخرين، وهذه الطريقة تشمل 5% من آليات التمويل، ولكنها تتوسع.

نشاط اللاعب الصيني

توسع نشاط الصين في مجال الكابلات البحرية، سواء في مجال العرض الإنتاجي عبر شركة هواوي البحرية، أو عبر جانب الطلب من خلال شركات الاتصالات المملوكة للدولة، التي تشتري الكابلات عبر تحالفات مالية.
حيث تشترك الشركات الصينية في عملية تمويل المشاريع، وتحديداً عبر تمويل بنك الصادرات والواردات الصينية (المملوك من قبل الدولة) لمشاريع مد الكابلات البحرية في العديد من الدول.
أما هواوي البحرية، هي مشروع مشترك ولد في عام 2008 بين شركة هواوي الصينية بنسبة 51%، وبين الشركة البريطانية U.K. firm Global Marine Systems، بنسبة 49%، وهذه الشركة هي وريث الشركة البريطانية التي أنشات أول كابل تلغراف عابر للقارات في عام 1866.
إذ قادت الشركات البريطانية عملية مد الكابلات البحرية للتلغراف منذ منتصف القرن التاسع عشر، واحتكرت ابتكار المواد وآليات مد الكابلات، وكانت تمد أكثر من ثلثي الكابلات العالمية… اليوم، يبدو أن الصين تقوم بوراثة الخبرة البريطانية كما يتضح من اندماج شركة هواوي الصينية مع الشركة البريطانية المذكورة.

هواوي تبني 100 كبل

تقوم شركة هواوي حالياً ببناء ومد حوالي 100 كابل بحري عبر العالم. في العام الماضي قد استكملت مد 4000 ميل بين البرازيل والكاميرون، والمملوكة بشكل مشترك لشركة يونيكوم الصينية، وهي مشغل شبكة اتصالات مملوك للدولة. يضاف إلى ذلك الكبل السريع بين باكستان وشرق إفريقيا المسمى PEACE، وهو أقصر الممرات لنقل البيانات بين المنطقتين، ونقطة انطلاق الكبل هي في ميناء غوادار الباكستاني، وهو نفس الميناء الذي تبنيه وتوسعه الصين كجزء من مشروع الكوريدور الاقتصادي الصيني الباكستاني الهادف لربطها بإفريقيا والشرق الاوسط.
يعتبر البعض في الغرب أن التوسع الصيني في مجال الكابلات البحرية عبر العالم، بالمقارنة مع تقنية G5 هو خطوة أخطر بالنسبة للغربيين.
يشار إلى أن صعود الصين على هذا الصعيد هو أحد تعبيرات التقدم الكبير الحاصل في تحقيق إستراتيجية (صنع في الصين 2025)، التي تعطي أولوية قصوى للصناعات عالية التكنولوجية، ومن بينها: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. مثلاً, تعمل الصين على الاستحواذ على 60% من سوق الألياف البصرية العالمية (كابلات نقل معلومات متطورة)، مع التزامات باستثمار ألف مليار دولار في البنى التحتية خارج الحدود.

معلومات إضافية

العدد رقم:
918
آخر تعديل على الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2019 12:42