موسم 2019 مليونا طن من القمح... ومثلها من الشعير

موسم 2019 مليونا طن من القمح... ومثلها من الشعير

تضاعفت مساحات القمح في الموسم الحالي وكذلك الإنتاج، هذا ما أجمله تقرير جديد لمنظمة الغذاء والزراعة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، بالتعاون مع وزارة الزراعة السورية حول الموسم الزراعي السوري للعام الحالي صدر بتاريخ 5-9-2019، التقرير الذي شمل أهم بيانات الإنتاج الزراعي، ووضع الغذاء، انطلق من القمح وأهم المحاصيل الأخرى.

المساحات المحصودة

تمت زراعة مساحة تزيد على 1,26 مليون هكتار في موسم 2019، وهي قرابة ثلاثة أرباع المساحات المزروعة في 2010... وتشكل هذه المساحات قفزة كبيرة عن المساحات المزروعة في 2018، العام الذي سجل أقل مساحات القمح خلال سنوات الأزمة، حيث لم تتعدَّ 642 ألف هكتار. ما يعني أن المساحات قد توسعت بنسبة تفوق الـ 90% خلال عام واحد.

وكانت زيادة الإنتاج على هذا الأساس كبيرة أيضاً، حيث يقدر إنتاج موسم 2019 بحوالي: 2,17 مليون طن من القمح بزيادة 81% عن 2018، الذي لم يتعدّ عتبة المليون طن إلا بقليل، وقرابة: 1,19 مليون طن.

زيادة الإنتاج في الموسم الحالي ترتبط بتوسع المساحات بالدرجة الأولى، الناجم بدوره عن توسع الإنتاج البعلي الذي ازداد بما يقارب عشرة أضعاف من 197 طناً إلى قرابة المليون طن. ففي 2018 كانت المساحات المزروعة قريبة من مستويات 2019، ولكن لم يحصد منها إلا ما نسبته أقل من 60%، نتيجة قلة الأمطار وعدم نمو وحصاد القمح المزروع بعلاً في الكثير من المناطق، بينما حُصد في العام الحالي نسبة 92% من المزروع، وطالت الحرائق مساحات وصلت 85 ألف هكتار من مساحات القمح والشعير.

بينما ظروف الإنتاج الزراعي الأخرى لم تتحسن، وظهر هذا في أن الإنتاج المروي لم يزدد إلا بمقدار 135 ألف طن فقط.

وقد انعكس هذا في تراجع الغلة في وحدة المساحة، فكل هكتار أنتج وسطياً 1,73 طن. بينما كان هذا الوسطي في عام 2010: 1,93 طن في الهكتار. حيث تراجعت إنتاجية القمح المروي تحديداً بسبب تراجع تخديمه رياً ودواءً وعناية بالأراضي وسماداً وبذاراً، مع ارتفاع التكاليف.

أين زُرع القمح؟

مازالت مواضع زراعة القمح الأساسية في الحسكة وحلب بالدرجة الأولى، أكثر من 80% من الإنتاج في أربع محافظات: حيث تمّ إنتاج 648 ألف طن في الحسكة، و586 ألف طن في حلب، 406 آلاف طن في الرقة، ومن ثمّ في درعا 126 ألف طن.

وبالمقارنة مع ما قبل الأزمة فإن جميع هذه المحافظات الأربع لا تزال تنتج أقل من مستويات إنتاجها السابقة في 2011: فالرقة تحتاج إلى زيادة 60% تقريباً لتعود للوضع الإنتاجي السابق، والحسكة تحتاج لزيادة 40% بينما حلب تقترب من مساحات إنتاجها السابقة إذ تحتاج لزيادة 20%، أما درعا فهي في وضع أفضل وقد أنتجت في 2019 بكميات تقارب إنتاجها في 2011، وبفارق 3 آلاف طن فقط.

الشعير 2 مليون طن تقريباً

موسم الشعير قفز قفزة استثنائية، من أقل من 400 ألف طن في العام الماضي إلى 1,99 مليون طن في العام الحالي، وهو بمجمله بعلي، إذ لا يصل إنتاج المروي منه إلى 100 ألف طن. والإنتاج الأكبر أيضاً في الحسكة وحلب: 585 ألف طن- 570 ألف طن على التوالي. تليهما الرقة 435 ألف طن، فحماة: 104 ألف طن. وهذا المستوى من الإنتاج غير مسبوق في سورية حتى قبل الأزمة وهو استثنائي، إذ إن الإنتاج في عامي 2010- 2011 لم يتعدَّ 680 ألف طن.

 

 

القمح (على الله والأمطار)

اعتمد التحسن الكبير في موسمي القمح والشعير في هذا العام، على موسم الأمطار الذي أتى غزيراً ومتوزعاً بشكل ناسب هاتين الزراعتين، وحقق حصاداً وفيراً في المساحات البعلية قليلة التكلفة. أما دون موسم أمطار كافٍ، فإن المساحات المروية من القمح لا تستطيع أن تغطي نصف الإنتاج الحالي، وقرابة مليون طن. بينما كانت المساحات المروية في 2011 تنتج أكثر من 2 مليون طن، ويبقى قرابة ثلث الإنتاج معتمداً على البعلي...

من الممكن أن تزداد المساحات المزروعة بالقمح بمقدار 300 ألف هكتار، تحديداً في الحسكة، لنعود نظرياً إلى إمكانية تغطية إنتاجنا الأساس من القمح. ولكن زيادة المساحات إن كانت شرطاً هاماً إلا أنها لن تكون نافعة بمفردها، وستبقى زراعة القمح وتأمينه معتمدة على الأمطار قبل كل شيء، لأن القدرة على تخديم الإنتاج لزيادة غلته أصبحت قليلة.

إن اعتماد القمح على الأمطار بالدرجة الأولى، لا تقتصر نتائجه على خسارة الفلاح في العام غير الماطر فقط، بل يعني أن الدافع اتجاه الإنتاج سيتضاءل، لأن العام الماطر الرابح لن يستطيع أن يكفي لتعويض خسائر العام قليل الأمطار. فالمزارعون مثلاً في 2018 زرعوا أكثر من 1,3 مليون هكتار، بينما لم يحصدوا إلا قرابة 640 ألف! والباقي حمّلوا تكاليف زراعته على ربح عام 2019... فتصبح الكلف عالية لتوزعها على عدة مواسم.

إن سلسلة العملية الإنتاجية الزراعية (تأمين البذار- تأمين السماد- الري- الوقود والآلات- العمالة الزراعية، بل وحتى الأكياس)... أصبحت سلسلة رخوة، وفيها الكثير من الفراغات، ولا توجد في السياسة الاقتصادية نيّة جديّة لسدّها.

تأمين 10% فقط من بذار القمح!

تحتاج سورية إلى 400 ألف طن من بذار القمح، وحوالي 300 ألف طن من بذار الشعير، بمعدل 220 كغ للهكتار من القمح، و170 كغ في هكتار الشعير. وعملياً تأمين الجزء الأكبر هذه الكميات عبر المؤسسة العامة لإكثار البذار لم يعد موجوداً. فالمؤسسة تعاني من نقص المستلزمات، والتمويل، والقوى البشرية المؤهلة التي تراجعت بنسبة 50%. كما أنّ اثنين فقط من أصل 13 من مراكز إنتاج البذار يعملان، وتراجع تعداد المزارعين من ذوي الخبرة بعملية إكثار البذار بنسبة 70% عن مستويات ما قبل الأزمة وفق التقرير.

وبناء على هذا فإن المؤسسة لموسم 2018/2019، كانت قادرة على توزيع 41 ألف طن فقط من بذار القمح، 6500 طن فقط من بذار الشعير، والتي أنتجت عبر المزارعين المتعاقدين، وهي لا تشكل إلا نسبة 10% تقريباً من حجم البذار المطلوب سنوياً. ومن المتوقع أن تزيد قدرتها على التوزيع في العام القادم لتصل إلى حدود 75 ألف طن من بذار القمح و15 ألف طن من بذار الشعير.

تعتبر البذار حلقة مفصلية في عملية إنتاج القمح، وهي محدد هام في مستوى الغلة، وإمكانية تجاوز التقلبات المطرية. ومن حيث الكفاءة العلمية وإمكانية إنتاج البذار المحسنة، تتوفر الإمكانات نظرياً، لتجاوز مشكلة الارتهان لتقلبات الطقس، ولكن كل ما سبق في التقرير حول التراجع الحاد في قدرات المؤسسة المادية والبشرية يمنع تجاوز هذه العقبة. إن مزيداً من الإنفاق وتخصيص الكادر على استعادة منظومة دعم البذار وتحسينها، يمكن أن يكون حلاً للمساحات المتقلصة، ولاستعادة مستويات الغلة السابقة، بل زيادتها. مع العلم أن الوصول إلى الغلة النموذجية للبذار المحسنة لم يطبّق يوماً بشكل واسع في سورية، وأنّ المسألة لا ترتبط فقط بنوع البذار بل تدخل عليها جملة عوامل أخرى، أهمها نقص السماد ودمار شبكات الري وتراجع مستويات المياه الجوفية للري من الآبار، وارتفاع تكاليف الوقود.

880 مليون دولار قيمة إنتاج الحبوب 2019

تقدر قيمة محصول القمح في العام الحالي بحوالي 426 مليون دولاراً وفق السعر الوسطي العالمي للقمح في نهاية شهر 7-2019: 196 دولار للطن. (index mundi).

أما الشعير فقد بلغ إنتاجه أيضاً قرابة مليوني طن، وبزيادة 5 أضعاف عن إنتاج العام الماضي. وبقيمة إنتاج إجمالية تقارب 300 مليون دولاراً، وفق السعر العالمي للشعير المقدر بحوالي: 149 دولار للطن.

أما أهم الحبوب الأخرى، فيمكن أن نقدر قيمة إنتاجها بمجموع 155 مليون دولار من إنتاج ألف طن تقريباً، في مساحة لا تتعدى 200 ألف هكتار. الكم الأكبر منها من العدس، وتقدر قيمته بحوالي 56 مليون دولار، ثم الحمص الأعلى قيمة بينها 77 مليون دولار، إضافة إلى 16 مليون دولار للفول، وأخيراً 6 ملايين دولار للبازلاء. وذلك بأخذ أسعار المنتجين في تركيا التي تعتبر مصدّراً هاماً للبقول: فالعدس سعره 655 دولاراً للطن، الحمص 1490 دولار، الفول 655 دولاراً، والبازلاء الجافة 650 دولاراً للطن. (fao stats). إن قيمة إنتاج الحبوب المذكورة في عام 2019 تقارب 880 مليون دولار، وحوالي 400- 570 مليار ليرة وفق أسعار الصرف الرسمية والسوداء.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
930
آخر تعديل على الأربعاء, 11 أيلول/سبتمبر 2019 15:16