الإدارة الأمريكية الجديدة 3,9 تريليونات $ إضافية وسياسة ضريبيّة عالمية

الإدارة الأمريكية الجديدة 3,9 تريليونات $ إضافية وسياسة ضريبيّة عالمية

الإدارة الأمريكية الجديدة تطبع المال بمعدلات غير مسبوقة، وتعود (لمسار العولمة) بمقترحات على مستوى المؤسسات الدولية... نهج مختلف عن إدارة ترامب، وهو بطبيعة الحال يعكس مصالح قوى القطاع المالي الأمريكي الكبرى، التي لها في هذه الإدارة المكرّرة والعجوز خير ممثل.

حزمة إنقاذ وحزمة استثمار خلال 3 أشهر

تريليونات من الدولارات تصدر في الولايات المتحدة كمحاولة لإطفاء حرائق أزمة 2020 وإدارتها، وخلال ثلاثة أشهر فقط من العام الحالي أقرّ الكونغرس 1,9 تريليون دولار إضافية كحزمة إنقاذ، ويخطط لإقرار 2,2 تريليون دولار إضافية كبرنامج استثماري حكومي.
في شهر شباط 2021 بدأت الولايات المتحدة تحضر لبرنامج استثماري متعدد الأوجه وضخم للسنوات الثماني القادمة. الركن الأساسي في هذا البرنامج يتركز حول إعادة بناء الاقتصاد الأمريكي، وتحديداً في قطاع النقل والبُنى التحتية المتداعية في العقود الأخيرة... ومع بداية آذار تم تحديد كمية التمويل المخصصة للبرنامج بـ 2,2 تريليون دولار.
إنّ هذه المبالغ المقرّة استثنائياً حتى الآن أصبحت أكبر من عجز الموازنة الأمريكية المقرّ لعام 2021 كاملاً، فبينما العجز يقارب 2,2 تريليون فإن التمويل الاستثنائي سيبلغ 3,9 تريليونات دولار!
هذا التمويل الذي يتم بالدرجة الأولى عبر البنك الفيدرالي الأمريكي، يتحول إلى مشكلة للطرفين البنك والحكومة، مشكلة لا يمكن حلها إلّا باستمرار قوة الدولار عالمياً. فالفيدرالي يخسر من تراجع قيمة الدولار ودوره العالمي، والحكومة تخسر من ارتفاع تكاليف خدمة الدَّين. فإذا ما كانت الخزانة الأمريكية تقترض العام الماضي بفائدة 0,6% لعشر سنوات، فإن الفائدة اليوم 1,6% وهذه الفروقات تشكل مبالغ كبرى قياساً بالحجم الهائل للدَّين الأمريكي.

رفع الضرائب على الشركات تحديداً

الحكومة الأمريكية تخطط لزيادة الضرائب كطريقة للدفع للفيدرالي، ومن المتوقع أن جانيت يالن (التي كانت الحاكمة السابقة للفيدرالي الأمريكي في عهد أوباما، وتحولت في إدارة بايدن إلى وزيرة المالية) تجهز مسودة تعديلات ضريبية كبرى. تبدأ بإلغاء قرار التخفيضات الضريبية التي أجراها ترامب، وستزيد العديد من معدلات الضرائب كما تروّج الإدارة الجديدة: ضرائب الدخل على الأغنياء، الدخل من الأسهم، وضرائب الشركات. ومن المتوقع أن تحقق هذه الزيادات إيرادات إضافية للحكومة بمقدار 2,1 تريليون دولار خلال عشر سنوات. وطبعاً هنالك خلاف واسع حول هذه النقطة حتى ضمن الديمقراطيين الذين يقترح بعضهم تخفيض الرقم إلى 0,5 تريليون، وتخفيض ضريبة واحدة فقط، حيث يركّز الديمقراطيون على ضرائب الشركات التي من المتوقع أن ترتفع نسبتها من 21 إلى 28%.
يجري التركيز على الشركات من قبل الفيدرالي، والإدارة الأمريكية الجديدة التي ترتبط أهم وجوهها بقطاع المال. على الطرف الآخر وضمن مؤيدي قطاع الشركات يرى بعض المحللين بأن الضرائب المتعددة التي تدفعها الشركات لوزارة الخزانة والفيدرالي تقارب وسطياً: 32,3% وهو أعلى معدل ضمن دول مجوعة السبع، بل ودول منظمة التعاون الاقتصادي. ليناقشوا بأن هذه الزيادة المتوقعة يمكن أن (تقتل) التنافسية الأمريكية، وستؤدي خلال الأجل الطويل إلى تراجع بنسبة 0,8% في الناتج الإجمالي، وخسارة 160 ألف فرصة عمل.
كما يناقش هؤلاء بأنها ستؤدي إلى مزيد من انتقال الأعمال للخارج... ليس فقط إلى الواحات الضريبية، حيث معدلات الضرائب صفرية، بل حتى إلى الدول التي تفرض ضرائب تقارب 15% مثلاً.

ضريبة عالمية موحدة على الشركات

قطاع المال متمثلاً بوزيرة المالية الأمريكية جانيت يالن يقترح بالمقابل سياسة دولية لضبط انتقال الأعمال، ترتبط بتوحيد ضرائب الشركات عالمياً، وتحديداً على الشركات العابرة الكبرى. إذ أشارت يالن إلى أنه من الضروري الوصول إلى حدّ ضريبي أدنى على الشركات عبر العالم، والمقترح أن يكون 21%. حيث أرسلت الحكومة الأمريكية هذا الاقتراح إلى 135 دولة عبر العالم. هذه المبادرة تلقى دعماً من العديد من المؤسسات الدولية عبر العالم، وقد ذهب البعض لاعتبارها (عودة للولايات المتحدة لقيادة المؤسسات العالمية).
فرض مزيد من الضرائب على الشركات الأمريكية، سيتحول كإيرادات حكومية لخدمة الديون بشكل أساسي، أي: إلى الفيدرالي الأمريكي، هذه المؤسسة المملوكة لجهات خاصة بنهاية المطاف، جهات تستطيع أن تدير المال الأمريكي والحكومة وتعيد هيكلة قطاع الأعمال الأمريكي الضخم بتحديد ما يتم إنقاذه وتمويله وما يتم تركه لمصيره. وهي تعود مجدداً لمحاولة تنسيق السياسة المالية العالمية عبر الحديث عن توحيد الضرائب. نقاشات عديدة تدور حول هذه الفكرة، منها: أن الانتقائية الأمريكية تسعى لتوحيد الضرائب على الشركات، ولكنها لن تقبل بتوحيد أسعار الفائدة عالمياً، التي تسمح للولايات المتحدة بالتمويل بتكاليف منخفضة ومقابل معدل الفائدة المنخفض، فإن معدل الفائدة المفروض بالآليات النقدية على دول أخرى يبلغ أكثر من 8% في تركيا، وأكثر من 4% في روسيا وغيرها عبر العالم. كما أن النقاش يمتد ليتوقع اتجاهات مستقبلية إذا ما تمت موافقة الولايات المتحدة على توحيد الضريبة بمعدل يخدم إيراداتها الحكومية، كأن تقتضي المصلحة الأمريكية تعديلات دولية على أسعار العملات لضمان المصالح القومية الأمريكية. فسياسة توحيد الضريبة المطروحة في المبادرة تعتمد على مقولة: أنّ التوحيد ضرورة (للأمن القومي الأمريكي). ليشير البعض إنها بهذا العنوان قد تتطلب استخدام القوّة في التطبيق!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1016