جريمة الأجر السوري والـ 24 $.. مقارنات أساسية

جريمة الأجر السوري والـ 24 $.. مقارنات أساسية

لنعرف حجم الأزمة السورية، يكفي أن نعرف الحدّ الأدنى للأجر، لندرك بذلك حجم الجريمة المقرّة بالقوانين وبالشرعية وبالتوافق. مع المرسوم الجديد رقم: .... أوصلت السلطات السورية الحد الأدنى للأجر إلى حدود أقل من 72 ألف ليرة، أي: 24 دولاراً بأفضل الأحوال. والتسعير بالدولار هو التسعير الفعلي اليوم، لأن الدولار هو محور نشاط السوق السورية بأمراء حربها، ومشرعيها، وواضعي أسعارها. ويكفي أن تكون: 70% من الغذاء المنتج محلياً مرتبط بالدولار، لنعرف أن الأجور والأرباح والحكم يدين بالدولار.

24 دولاراً يمكن وضعها في مقارنات عديدة، ربما أبرزها وأكثرها مفارقة... هو: مقارنتها مع الحدّ الأدنى للأجر كوسطي عالمي، والذي بلغ في 2019: 486 دولاراً شهرياً وفق تقرير منظمة العمل الدولي لعامي 2020-2021.
أي وسطياً عبر العالم يحصل العامل المشتغل على أجر يزيد أو يقل، ولكنه عند وسطي أعلى من الحد الأدنى للأجر في سورية بـ 20 مرّة!

1026-i1


نحن واليمن أشقاء المأساة

ولكن بعيداً عن المقارنة مع العالم، لما ذا لا نقارن أنفسنا بدول الأزمات والجوع، إذ رغم أن سورية تضم أعلى نسبة للمواطنين المشمولين بخطر الجوع ونقص الغذاء: 60%، إلّا أنّ العالم يضم أزمات غذاء أخرى، فإذا قارنا أزمتنا مع أزمة اليمن مثلاً حيث 45% من السكان يحتاجون لعون غذائي، وفق تقرير الفاو لأزمات الغذاء العالمي 2021.
فإن الأجر المتدني أيضاً هو عامل مشترك في ظاهرة الجوع هذه، فالحد الأدنى للأجر في اليمن ثابت منذ 2013 عند حدود 21 ألف ريال، وهو يعادل بسعر الصرف الرسمي: 83 دولاراً... ولكن مع تدهور الريال اليمني في السوق السوداء خلال الأسبوع الماضي، فإن القيمة الفعلية لهذا الحدّ الأدنى أصبحت تقارب: 27 دولار. وإن كان أشقاؤنا في المأساة ضمن اليمن كانوا أفضل حالاً منا بقليل قبل أسبوع، فإن تدهور عملتهم مقابل الدولار دفعهم لانحدار جديد ليقتربوا من مستوى أجورنا بعد مرسوم الزيادة! ونصبح نحن وهم شركاء الجوع والفاقة.

1026-i2


نحن وحاجاتنا

أمّا بالمقياس الفعلي للحد الأدنى للأجر، الذي يجب أن يُقاس بما يشتري، فإن الواقع ليس أقلّ قتامة، فالحد الأدنى للأجر الذي يفترض أن يغطي تكاليف المعيشة الأساسية وفق (الدستور)، لا يغطي إلا 7% تقريباً من حاجات المعيشة الأساسية لأسرة، تلك الحاجات التي يشكل الغذاء الضروري قرابة نصفها!
أمّا الـ 93% المتبقية من التكاليف فيتم تغطيتها بتقليص الغذاء للحدّ الأدنى، بالمساعدات، بإرسال الأطفال للعمل، بكل ظواهر وطرائق التفسخ الأخلاقي للبحث عن سبل الاستمرار.
وفي آخر تقدير لتكاليف المعيشة في آذار 2021 وصلت التكاليف إلى أكثر من مليون ليرة، وحوالي: 330 دولار، بينما أصبح اليوم الحد الأدنى بعد الرفع: 72 ألف ليرة كاملة!

1026-i3


الأجر لا يسمح باستمرار العامل

الحد الأدنى للأجر غير قادر حتى على ضمان استمرارية العامل وحده دون أن يعيل أحد، فهذا المبلغ أقل من تكاليف الغذاء الضروري ليستمر العامل بطاقته ويحصل على 2400 حريرة يومياً تضمن عدم تقصير عمره.
بلغت كلفة الغذاء الضروري لفرد قبل القرارات الحالية: 90 ألف ليرة، أي حوالي 30 دولاراً، بينما ارتفع الحد الأدنى للأجر ليصبح 24 دولاراً.
وحتى لو افترضنا افتراضاً غير إنساني، بأن العامل هو آلة تنفق أجرها الأدنى على الغذاء فقط، وبحياة معدومة، فإنّه عملياً يضمن: تجديد طاقته بنسبة 80% فقط، ويقصر من عمره: 20% بمثل هذا الأجر.

1026-i4

معلومات إضافية

العدد رقم:
1026
آخر تعديل على الأربعاء, 14 تموز/يوليو 2021 12:20