طقوسٌ لها رائحة الخطيئة
حسن الخطيب حسن الخطيب

طقوسٌ لها رائحة الخطيئة

كان لابد من الإستمرار ... لا أريد التوقف، يجب أن أستمر بالصعود إلى ما هناك ... ما توقعت أن يحصل الأمر بهذه السرعة... أخيراً... سألمُسكَ يا بعيدُ.. بمقلتيَّ... برصاصةٍ خائفةٍ تسكن جوفي منذ ساعات...

أتممت ما قلتهُ لي... وها أنا الآن، بعتادي الممزقِ، بذاكرة هلامية لوطن، وبوجوه كل من قتلتهم... هاهي بوابات الأبد إذاً... كم هي حقيقةٌ، هاهي انبلاجات النهاية، دفء نورٍ منته، كل شيء كما قيل... لكن الصراخ عال.. هناك... أصوات أعرفها تصرخ هناك... لقد تأخرت..

و ما المهم في ذلك؟ ألم أصل في النهاية؟

لن تصل أبداً... الفوضى تعم كل التفاصيل، ما الذي أدراك بأنك ستصل؟ .. كم ضحية رافقتك؟ من قتلت؟ من دستَ، من أجل أن تعلقَ انتقامك منتصراً هنا؟ لستم شهداء، لستم سوى فضلات دائرة العنف اللعوب، هاهم يقتربون، يقترب صراخهم بقوة، أناااا شهيد.. أنا شهيد... أنا قتلت أمام منزلي أثناء تطهير وكر بجانب بيتي... أنا قتلت بتهمة خيانة وطني لصالح وطني... أنا شهيد البرد المتعب من التشرد... وأنا تشظيّتُ، كالمنثور خلف أحلام الغياب.. وتبخرت في ذاكرة هذه الأرصفة المدماة.. أنا شهيد السلطة.. أنا شهيد السلطة الوليدة... وأنا... ضحية لجوع المعاناة في خبايا النص الأبدي للأوطان ... طقوس لها رائحة الخطيئة، يلاحقني الكلام غائصاً في جحودي المستمر للأشياء، كل ما أفعله لا يشبه ما قيل لي... لا التفاصيل موجودة بحق، ولا فقاعة الحنين تنتهي حولي ...ما زال أمامنا الكثير لكي نبتعد حقاً...

كان الركام كافياً لتضليل كل جزيئة تالفة من الروح... لم يكن هناك اختيار... والآن، بعد صراخي المغلف باختناق أودى بي نحوك... سأتركك هنا، حيّاً، إلى مطلق الاحتضار، وأعود إلى خطوتي الأولى نحوك.

لهاث... آلام لم تكن لولاك... كسارةٌ للروح وكفن بحجم شمس عجوز..

دعنا.. لا نكتمل أبداً .. لن تحمل الريح ما تبقى من نعاس الأبد، حاجة ملحة للذوبان على شعاع الأمس.. على قرميد كائن في الضيق... على شراعات هائمة  داخل معابد النور... ما كان لي أن أكون   «ماكان لك» ... وما كان لك أن تكون «ما ليس لك»... بقية لثالث ظهور نحن.. قد أظن يقيناً بأنه ليس سمائي الأثر، و أنه ليس ترابي اللغةِ... لن نفقده هنا، و لن ندركه أبداً ... لذا، دعني استرح قليلاً ... وابق ما شاء لك أن تبقى ...

قربان متعبٌ انا ... مثلنا جميعا أنت ...

هناك، سترقدون.. عند المغيب الدموي للدويَ ولضياع الهوية المستمر في النزيف... هناك أراكم، تشذبون أخطاءكم بعدالة الجياع، تحاسبون القاتل الحقيقي.. ولو لمرة!!