الفاشية الإعلامية..

الفاشية الإعلامية..

في محاولة للعودة إلى عهدي العبودية والقنانة، تعمل «الفاشية الإعلامية» على إنتاج ونشر برامج، كمحاولة نفسية واجتماعية لتدمير الإنسان والمجتمع. أنتجت هذه البرامج في الولايات المتحدة في تسعينات القرن الماضي للسيطرة والتحكم بالناس.

وكانت جريدة «روسيا السوفييتية» قد نشرت دراسة في العدد 68 تاريخ 10/6/1993 للأكاديمي ريتشيف، وعالم النفس بيتشانيفوف، والخبير في معهد الأبحاث بريشينكو عن الفاشية الإعلامية، ونشرت جريدة «نضال الشعب» في العدد 524 الخميس 23 تموز 1993 مقاطع مطولة من الدراسة.

سلاح غسل الدماغ

تبدو عبارة «غسل الدماغ» كما لو كانت عنواناً للخيال العلمي. غير أن العبارة ليست سوى مصطلح مضى على ظهوره أكثر من أربعين عاماً في جريدة «ميامي نيوز» الأمريكية، ولم يكن ظهوره سوى بداية لتطوير سلاح مدمر تسعى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى امتلاكه. واستخدامه لأجل مصالح خاصة لها. تماماً مثل برامج «الطائر الأزرق» و «إم ك أولترا».

الفاشية النفسية

لقد قامت عشرات المعاهد ومراكز الأبحاث والعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن طويل بتطوير نظرية السيطرة على الناس والتحكم بهم في الواقع العملي. وإيجاد إنسان مطيع وخاضع للأوامر وسلبي ومحايد. وتحويل كتل بشرية وشعوب إلى مجموعات يمكن التحكم بها والسيطرة عليها، وتوجيهها وتحويلها إلى نوع جديد من العبودية أو القنانة، أقسى بما لا يقاس من عهود العبودية والقنانة التي عرفها المجتمع البشري. ولنقل بأنها «فاشية نفسية» موجهة لتحطيم عالم الإنسان الروحي، وقتل جوهره الأخلاقي والحضاري.
وكمثال على ذلك: ما يقوله عالم النفس الاجتماعي الأمريكي المعروف ديل كارنيغي: «إن أكثر شيء يسبب لي الارتياح والسعادة هو إمكانية إجبار الآخرين على التفكير كما أريد أنا».

علم النفس الطاقي

لقد نشأ علم جديد يسمى «علم النفس الطاقي»، ومجاله دراسة العمليات الفيزيائية النفسانية، والظواهر الإحيائية، ويُولي العلماء اهتماماً خاصاً لمسائل تأثير «حقل الطاقة الإحيائي»، الإيجابي أو السلبي على هذا الشخص أو ذاك.
وحسب هذه النظرية، يوجد لدى كل إنسان مجال «هالة» أو حقل من القوى الإحيائية يحيطه ويميزه عن غيره، وينتهي بموته. ومن خلال امتلاك سر التحكم بهذا الحقل، يمكن التحكم بالإنسان وتوجيهه.

زومبي

كانت بعض القبائل الإفريقية، ومنذ زمن بعيد، تطلق على الأشخاص الذين تتم «برمجة نفوسهم»، والسيطرة عليها، مصطلح: زومبي، وتعني الكلمة: الحي- الميت. والأناس المسيطر عليهم بيولوجياً بهذا الشكل كانوا يُوجهون نحو مهام شريرة بالدرجة الأولى.
وفي زماننا هذا، في ظروف تصاعد وازدياد التوتر النفسي في المجتمع، والناجم عن هبوط المستوى المعاشي والحياتي للغالبية العظمى من الناس، وبسبب ارتفاع الأسعار، وتحطم المثل العليا للكثيرين، وعدم الثقة بالغد. وفي ظروف غياب الوعي حيال قضايا المجتمع، ليس صعباً أن يتم اصطياد الناس بيولوجياً، أي: حدوث موت مبكر لهم، وعندنا في روسيا، فإن المؤشرات السكانية تبدو غير مريحة أبداً.

تفكيك الدول

انظروا إلى ما يحدث، تتفكك الدولة ومعالم الدولة، ومُحي أساس النشاط الحياتي للمجتمع، ويحل الخراب بالاقتصاد والجيش والعلم والتعليم والصحة. مع إيهام الناس بأن كل شيء رائع في زمن الديمقراطية! وبأنه تم تحرير الفرد، ومنحت الحرية للناس! في حين أن الأمر يبدو كما لو كان مسحاً للذاكرة التاريخية للشعب، وتحطيم اللغة والآداب والموسيقا والفن التشكيلي والمسرح والبالية والعادات والتقاليد والديانة.
وفي مقابل هذا الإرث الرفيع، تعرض على الشعب العلكة الأمريكية والأفلام الإباحية والشذوذ الجنسي وعبادة المال والقوة والعنف والاغتصاب والإيدز المستورد، وهذا كله من أجل تسهيل قيادة وتوجيه هؤلاء الناس.

برنامج الرقابة الفائقة

لقد أضحى البرنامج المسمى «الرقابة الفائقة والخارقة على العقل» معروفاً، وهو برنامج نفساني- طاقي، ونفساني- اجتماعي خامد وموجه، الغرض منه إفقاد الإنسان قدراته وإمكاناته، وتحطيم شخصيته وشل إرادته، والسيطرة عليه، وتحويله إلى كائن خانع بحيث لا يستطيع العودة إلى النمط القديم لحياته وشخصيته وقدراته ونمط تفكيره التي ولد بها، وإكسابه شخصية أخرى مسيطراً عليها، تعمل وفق ما يوصى إليها، وذلك باستخدام كافة الوسائل للتأثير على الدماغ الإنساني لتحقيق هذا الهدف.

فيروسات قاتلة

إن طريقة تخريب دماغ الإنسان تشبه طريقة عمل فيروسات الكومبيوتر، وفيروسات الكومبيوتر ما هي إلّا برامج كومبيوتر مخفية بعناية تسبب تدمير البرامج الأساسية ومحو المعلومات فيها، ويمكن لهذه البرامج الفيروسية أن تنتقل وفق نُظم آلية إلى برامج جديدة بما يشبه العدوى في أمراض الناس.
وبهذه الآلية يمكن أيضاً السيطرة على الناس عن طريق إثارة الضجيج حول مسألة ما، وبث الإشاعات، وهذا يتم فبركته وحبكه في أماكن خاصة ومتخصصة، إضافة إلى فبركة وحبك فيروس المثل والنموذج. أي: تغليف البرامج التخريبية بغلاف جذّاب ومُغر ومُلفت للنظر.
وعلى سبيل المثال: إن أحد الفيروسات القاتلة، هو فيروس دولة القانون، والذي يغلف عادة تحت مبدأ: كل ما لم يحرمه القانون فهو مسموح. وهذا الفيروس الذي يحمل تغليفة قانونية، يسعى عملياً إلى نسف وإنكار كل ما أبدعته قوى الشعب من قواعد أخلاقية ومفاهيم، مثل: الضمير والشرف والواجب واحترام الكبار والمعاناة الإنسانية وسواها.
وما يمكن للوعي العادي تقبله قد يصبح أمراً خطيراً إذا احتكر وتم التحكم به، فمثلاً القول: إن على روسيا أن تخرج من الاتحاد السوفييتي. استقبله العقل البشري بالابتسام والضحك باعتباره كلام تسلية ومزاح ومفارقات كلامية. ثم اتضح أنه كان فيروساً للعمل خفية وسبب نتائج وخيمة.

تعليق المحرر

تعمل وسائل الإعلام، مثل: الإذاعة والتلفزيون والصحف والسينما والمسلسلات في يومنا، وقد تغلغلت فيها أجهزة فائقة السرية تعمل في مجال التوجيه النفسي وكأنها مُولدات نفسية، للتأثير على الردود النفسية والعصبية للجمهور المتلقي. بحيث يصبحون مدمنين على البرامج، مثل مدمني المخدرات «الإدمان الإعلامي». ومثل ذلك الموسيقى الصاخبة الثقيلة المتوحشة التي تدفع الإنسان نحو القتل والعنف والاغتصاب، وتصوير الأسود على أنه أبيض وبالعكس، وبث عدد كبير من المسلسلات والأفلام السينمائية التي تحطّ من الإنسان، مثل: مسلسلات صراع العروش، غوثام التي أنتجتها الشركات الكبرى، وأفلام الزومبي والعنف والقتل والحروب وغير ذلك.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1016