انتهاكات «الرياح النجمية» الأمريكية
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

انتهاكات «الرياح النجمية» الأمريكية

تجاوزت الولايات المتحدة الأمريكية كل الخطوط الحمراء بعد الحرب العالمية الثانية، وفي مختلف الميادين من السياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام... إلخ، واليوم تدخل عهداً جديداً من التجاوزات.

فقد وافق مجلس الشيوخ في الكونغرس الأمريكي على تجديد العمل ببرنامج مراقبة إلكترونية يمنح الحق لوكالات الاستخبارات الأمريكية في التنصت على المحادثات الهاتفية والمراسلات الإلكترونية للمواطنين الأجانب الموجودين خارج الولايات المتحدة دون موافقة محكمة خاصة، بما في ذلك الشركات الكبيرة، ويشمل أيضاً اتصالات لمواطنين أمريكيين بأجانب مستهدفين بالمراقبة. بينما لا تملك وكالات الاستخبارات الحق في إجراء مراقبة مماثلة على المواطنين الأمريكيين دون أمر قضائي.
ورغم اللغط الذي سببه القانون وتعرضه لانتقادات واستنكار المدافعين عن الخصوصية والحريات المدنية للسلطة الممنوحة بموجب المادة 702 من قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية، فقد تمت الموافقة عليه وتمديده حتى عام 2026.

 المادة 702 والحجة الجاهزة

أكد مسؤولو الأمن القومي في تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في 12من الشهر الحالي، إن المادة 702 تلعب دوراً رئيسياً في جمع المعلومات الاستخبارية الأجنبية ومكافحة الإرهاب! وهي الحجة الجاهزة والمسوغة لمثل هذه القوانين في نظر مروجيها، وقد أُنشئت المادة 702 بعد هجمات 11 أيلول على برجي التجارة العالمي عام 2001، إذ فوض الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش وبشكل سري تنفيذ برنامج أطلق عليه الاسم الرمزي «الرياح النجمية» Stellarwind للتنصّت على المكالمات الهاتفية دون أمر قضائي، ويمكن بموجبه لوكالة الأمن القومي (NSA) أن تطلب من شركات التكنولوجيا، غوغل مثلاً وغيرها، تسليم نسخ من البيانات الموجودة في حساب أي مستخدم أجنبي ونسخ من أي مكالمات هاتفية ونصية واتصالات عبر الإنترنت من وإلى أفراد غير أمريكيين دون مذكرة قضائية.
ثمة حقيقتان يجدر الإشارة إليهما في هذا الصدد: الأولى أنه رغم حق الدول في حماية مواطنيها من الاعتداءات والعمليات الإرهابية، عبر الأمن الاستباقي، إلا أن تمتّع واشنطن وحدها بميزة استخدام أدوات العالم الرقمي للتجسس، يمنحها أفضلية لا تستحقها.
والثانية تتعلق بارتباط التفوق التكنولوجي لأمريكا خلال عقود سابقة من الزمن بنهب ثروات الشعوب. خاصة أن البيانات أصبحت مناجم للثروة في العالم المعاصر، المتغير بسرعة كبيرة. وهنا تكمن أهمية الآثار المترتبة عن هذا القانون، فكل رسالة نصية ومكالمة فيديو وزيارة لموقع تخضع بشكل منهجي لفك تشفير وتدقيق وتحليل مستندة إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي، مما يعني انتهاكاً صارخاً لخصوصيتها. العالم اليوم يتغير، وما زالت الولايات المتحدة تعتقد أن بإمكانها توجيه رياحها وتحريكها كيفما شاءت. ولكن يثبت منتقدو هذه السياسة ومعارضوها المتزايدون العكس.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1171
آخر تعديل على الجمعة, 26 نيسان/أبريل 2024 21:51