نقابات دمشق تعقد مجلسها السادس: نُحمِّل الحكومة وفريقها الاقتصادي ما آلت إليه أوضاع الشعب السوري

عقد اتحاد عمال دمشق مجلسه السادس، وعبرت مداخلات أعضاء المجلس عن الواقع الصعب والمأساوي الذي تعيشه الطبقة العاملة السورية، وتآكل القيمة الشرائية للأجور، بسبب الارتفاع الفاحش بالأسعار، محملين الحكومة وفريقها الاقتصادي مسؤولية ما آلت إليه أوضاع الشعب السوري عامة، وأوضاع الطبقة العاملة خاصةً، متسائلين باستهجان: إلى أين يقودنا الفريق الاقتصادي بإجراءاته وبرنامجه؟!

ارتفع صوت النقابيين بقوة احتجاجاً على إجراءات الفريق الاقتصادي، بالقضاء على القطاع العام، وبيعه في سوق النخاسة بأبخس الأثمان. إن الغارات المتتالية التي يشنها الفريق الاقتصادي على مرتكزات الصمود الوطني، التي تحقق بعضها، وينجح نسبياً في البعض الآخر، تعكس مدى إصراره على تنفيذ برنامجه الاقتصادي السياسي، مستفيداً من كل الظروف الداخلية والخارجية التي أنتجته، وتعكس أيضاً ممانعة القوى الوطنية والشريفة، وفي مقدمتها الحركة النقابية، لهذا البرنامج، مستندةً إلى الطبقة العاملة السورية، والطبقات الشعبية الفقيرة، من فلاحين وحرفيين وغيرهما.

افتتح رئيس المجلس الاجتماع بعرض للظروف السياسية، والتطورات الحاصلة بين الاجتماعين، السابق والحالي، مشيراً إلى ظروف انعقاد مؤتمر القمة، والضغوط التي مورست على سورية ليخرج المؤتمر بقرارات متوافقة مع المشروع الأمريكي في المنطقة، ولكن الممانعة السورية لتلك الضغوط، قد أفشلت السير بالمؤتمر كما تشتهي الرياح الأمريكية.

وأشار رئيس الاتحاد إلى ذكرى تأسيس الاتحاد العام، المنظمة الأم التي ترعى مصالح وحقوق العمال، وهو يقوم بدوره الوطني، ويسعى بكل جهده للحفاظ على وحدة الحركة النقابية والعمالية السورية، وقال: «هناك من يعتقدون أن دور النقابات يتراجع، ولكنهم مخطئون، لأن كل مرحلة لها ظروفها، ومع تغير الظروف تتغير الآليات، نحن نعيش مرحلة تحول من نظام اقتصادي إلى آخر جديد، نعيش ظروفاً صعبةً على المستوى الحكومي والشعبي والنقابي، وهناك إجراءات تقوم بها الحكومة، أفلحت في بعضها، ومازالت تحاول في أخرى».

كما أشار إلى قرار المؤتمر الأخير لاتحاد دمشق، حول زيادة التعويضات الممنوحة من صندوق التكافل الاجتماعي، حيث أصبحت 200000 ل.س في حالة الوفاة، و100000 ل.س لنهاية الخدمة، حسب سنوات الاشتراك في صندوق التكافل الاجتماعي. وأكد على موافقة وزير الصناعة على دفع أجور العمال في الشركات المتعثرة، مشيراً إلى ضرورة إيجاد بدائل وخيارات لإعادة تشغيلها.

إصلاح القطاع العام أصبح أكذوبة تطرحها الحكومة

• كلمة رئيس مكتب نقابة عمال التنمية الزراعية:

«صدر القرار رقم 20 لتشكيل لجنة لتحديد تعويض طبيعة العمل، وإضافة فئات جديدة للاستفادة منه، وقد مضت أربع سنوات على تشكيل هذه اللجنة، لكنها لم تجتمع لإقرار طبيعة العمل للفئات المحددة. كما أن بدل الوجبة الغذائية متوقف منذ أربعة أشهر، حيث أحيلت إلى وزارة الشؤون، لإعادتها إلى اللجنة التي لم تجتمع حتى الآن.

إصلاح القطاع العام أصبح أكذوبة تطرحها الحكومة، فالإدارات غير قادرة على تشغيل الشركات المتوقفة».

لا بد من تحقيق زيادة رواتب وأجور سريعة، متناسبة مع العجز الحاصل للدخل أمام الأسعار.

• النقابي غسان السوطري، رئيس مكتب نقابة عمال المواد الكيميائية قال:

«هناك شركات لم تدفع أجور عمالها، وهذا له تأثيرات سلبية على جميع فئات الشعب. وإذا أردنا أن نقارن بين رواتب العمال سابقاً، مع الأسعار التي كانت سائدة، فإننا نرى أن رواتبهم كانت أفضل، لذا لا بد من تحقيق زيادة رواتب وأجور سريعة، متناسبة مع العجز الحاصل للدخل أمام الأسعار. إن الشركات المتوقفة تحتاج إلى قرار سياسي لتشغيلها، فالإصلاح الذي تطرحه الحكومة أكذوبة كبرى، وهو مطروح منذ ثماني سنوات، وكل يوم تزاد عليه مواد جديدة، دون تنفيذ، فإذا لم يكن هناك قانون إصلاح، لا يمكن تشغيل الشركات المتوقفة، وحتى الشركات العاملة الآن تحارَب».

• رد رئيس الاتحاد على مداخلة النقابي غسان قائلاً:

«هناك غلاء وارتفاعات في الأسعار تؤثر على مداخيلنا، والجهات المختصة إجراءاتها غير كافية، نطالب بتحسين الدخول بأية طريقة، وهذا في مقدمة اهتماماتنا. إن الشركات المتوقفة لا تحتاج إلى قرار سياسي فقط، بل تحتاج إلى إرادة. مشروع إصلاح القطاع الصناعي مهم جداً وقد أعيد إلى وزارة الصناعة، بناء على مذكرة من الاتحاد العام. الحكومة لا تملك حق التصرف بالقطاع العام، فقط حق إدارته وتشغيله حسب الدستور، سنبقى نناضل من أجل إقلاع الشركات المتوقفة، وسنبقى نضغط حتى تتوفر الإرادة اللازمة لذلك. السوق غير مضبوطة والرواتب مجمدة».

• وجاء في كلمة رئيس مكتب نقابة عمال النفط:

«عند مجرد الحديث عن صدور البطاقات التموينية للمازوت، ارتفعت الأسعار 100 % فكيف بعد صدورها؟ وفرت الحكومة 5 مليار لتر مازوت، فلا بد أن ينعكس هذا الوفر على زيادة الأجور! الدراسات التي يقوم بها الفريق الاقتصادي غير متناسبة مع مصالح العمال وأوضاعهم المعيشية».

بدأنا ببيع أرضنا من أجل أن نأكل

• حسام منصور رئيس نقابة عمال المصارف، قال:

«وقعنا في عجز اقتصادي كبير، بدأنا ببيع أرضنا من أجل أن نأكل، الإقطاع عاد وهناك أشخاص يشترون آلاف الدونمات. الحكومة تستطيع أن تساعد بدعم القطاع العام. التاجر يستورد أية مادة حسب بيان جمركي وهمي، بينما المؤسسة الاستهلاكية لا تستطيع أن تقدم بياناً وهمياً، وهي تدفع جماركها كاملة، وعند طرح المواد بالسوق تكون أسعارها أغلى مما يطرحه التاجر، من المسؤول عن ذلك؟ هناك إشارة استفهام عن شركاء التجار في هذا الموضوع ومن المستفيد؟ المطلوب من الحكومة إعفاء المؤسسة الاستهلاكية من الرسوم الجمركية والضرائب، لتبيع بأسعار منافسة ومناسبة.

• رئيس الاتحاد رد على مداخلة النقابي حسام منصور:

إن الوضع المعيشي ضاغط، والأسعار منفلتة، والرواتب قليلة، انعدمت الطبقة الوسطى، وولدت بدلاً عنها طبقة أثرياء، وهذا من ميزات النظام الاقتصادي الجديد، نحن لسنا في نظام اشتراكي، نحن في نظام اقتصاد سوق، وهناك ضرورة لحماية السوق من الفساد الذي حرم الخزينة أموالاً طائلة، المطلوب إجراءات حكومية أقوى في مكافحة الفساد بشكل جدي أكبر.

• النقابي شعبان شعبان أمين سر الاتحاد:

تحدث حول ما يجري في محافظة حمص، بحق الفلاحين، قائلاً: «صدر قانون بخصوص ملكيات الإقطاعيين، وهناك شخص من عائلة الترجمان يملك 75 % من أراضي قرى حمص، وهو يتجول مع لجنة من المالية لتخمين أراضي الفلاحين، لإعادتها له وفقاً لهذا القانون، حيث حصل على قرار حكم باسترداد الأراضي، وله الحق أن يبيع الأرض أو لا يبيع».

• كلمة جمال المؤذن، رئيس نقابة السياحة:

«نحتاج من القيادة النقابية أن تعالج معاناتنا مع الحكومة، حيث قامت وزارة المالية بوضع يدها على أملاك خدام لتحصيل الضرائب المترتبة عليه، وهي تقوم الآن ببيع المطاعم بشكل مخالف للقوانين، مفرّطة بحقوق العمال، حيث تم صرف 300 عامل من هذه المطاعم، وقد رفض العمال الخروج، ما استدعى جلب الشرطة من قسم القصاع لإخراجهم عنوة، طرحنا هذا الموضوع أمام القيادة النقابية والسياسية، واستبشرنا خيراً، ولكن فوجئنا الآن ببيع أربعة مطاعم أخرى، وبالطريقة نفسها. القضية الأخرى هي مخالفة مؤسسة التأمينات للمادة 85 من قانون التأمينات، وعلى مرأى من عضوَي المكتب التنفيذي، الموجودَيْن في اللجنة الإدارية للمؤسسة.

لا زيادة أجور، لا حوافز، لا وجبات غذائية

• محمد علي الراز، النقابي العتيق:

تحدث بطريقته الخاصة المحببة والبسيطة، عما يعانيه الشعب السوري، قائلاً: الغلاء يومي، والسلع ترتفع يومياً، فهل من عضوٍ في الحكومة، يقول للتجّار لماذا ارتفاع الأسعار؟ لا زيادة أجور، لا حوافز، لا وجبات غذائية. موضوع الغلاء خطير، ماذا تفعل الحكومة تجاهه؟ الأراضي بالملايين، شركات استثمارية اشترت أراضٍي وحققت أرباحاً طائلة، وكذلك شركات جلبتها الحكومة، جمعت أموالاً طائلة، وتم تهريبها، كيف ستعيد الحكومة تلك الأموال؟ هناك أناس لا يجدون ما يأكلونه، نتمنى على رئيس الحكومة أن يخرج للناس، ويبرر سبب الغلاء، التجار فلتانون على كيفهم، هل يعقل أن تصبح جرزة البقدونس بـ25 ل.س؟! كل شيء سيرتفع، عند بدء العمل بالبطاقات التموينية للمازوت».

• النقابي رياض سنطير، نقابة النسيج (صوت الشعب):

قدم اقتراحاً يُقدَّم باسم اتحاد عمال دمشق، إلى مجلس الاتحاد العام، بأن ترفع مذكرة بزيادة الأجور، زيادة متناسبة مع ارتفاعات الأسعار، مذكراً بموقف الشيوعيين الرافض لرفع سعر المازوت.

• نقابية طرحت تساؤلاً مهماً حول دور المنظمات الأوربية، قائلةً:

«هناك منظمات أوربية تأتي لدراسة واقع المؤسسات الإدارية والإنتاجية، لتحديد مستقبل هذه المؤسسات، وآليات عملها المستقبلية، حيث أشارت إلى الدور السلبي لصندوق النقد الدولي، تجاه العاملين، وخاصة في وزارة الزراعة ومؤسسة التأمينات الاجتماعية، حيث اعترض ناصحاً بأن نسبة الـ75 % التي تعطى للعامل عند وصوله إلى سن التقاعد، نسبة عالية لا يجوز دفعها، لأنها ستتسبب بخسائر مالية لمؤسسة التأمينات الاجتماعية.

• رئيس الاتحاد رد على ذاك التساؤل المهم، وقال:

«إن الرفيقة محقة بتساؤلها حول المنظمات الأوروبية التي تدرس واقع مؤسساتنا لتطويرها، فهذه المنظمات ليس لها قناعة بمؤسساتنا ودورها، وللأسف، العديد من المسؤولين يتفاخرون بالإطراء الموجه لهم من صندوق النقد الدولي. إن تكريس اقتصاد السوق والامتثال لتلك الوصفات هو معيب بحقنا.