اليوم العالمي للسلامة المهنية

اليوم العالمي للسلامة المهنية

مع ظهور الثورة الصناعية وازدياد عدد العاملين في الصناعة، بدأت تظهر حوادث كثيرة تؤدي إلى إصابة هؤلاء العاملين الذين ليست لهم معرفة بالصناعة وأخطارها، وكانت المصانع تكثر فيها مختلف أنواع المخاطر، وكان العرف السائد أنه إذا وقعت حادثة وكان المصاب أحد أسبابها فإن صاحب العمل لا يُلزم بأية مسؤولية على الإطلاق، وعندما ارتفعت نسبة الحوادث بشكل كبير، بدأ يتشكل بعض الوعي اتجاه السلامة والصحة المهنية، وجرى سن قوانين وتشريعات تلزم أصحاب العمل بتعويض المصابين عن الحوادث، حتى لو كانوا أحد أسباب حدوثها. 

على إثر ذلك عمل أصحاب المصانع على تحسين ظروف العمل من أجل خفض التعويضات التي يدفعونها للمصابين مما ساهم في تقليل عدد الإصابات، إلّا أن نسبة الحوادث والإصابات عادت مرة ثانية للارتفاع بسبب التطور العام بالصناعة، ودخول العديد من المواد العضوية والكيميائية في العمليات الصناعية والتوسع في الاعتماد على الآلة في عملية الإنتاج، بالإضافة إلى سبب رئيسي أخر، هو عدم اعتبار الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية من أهداف المنشأة الأساسية الذي هو الربح.
أقرت الحركة النقابية العالمية عام 1996 يوم 28 نيسان اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية، إحياء لذكرى ضحايا حوادث العمل والأمراض المهنية. ومنذ عام 2003 تبنته منظمة العمل الدولية كيوم عالمي للتوعية العالمية للسلامة والصحة المهنية، تشمل أرباب العمل وممثلي الحكومات، والنقابات. حيث يتعرض آلاف العمال سنوياً لحوادث العمل المختلفة، من أمراض مهنية عديدة وإصابات عمل تتراوح بين العجز البسيط والعجز الكلي حتى تصل إلى الموت. وتدخل السلامة في كل مجالات الحياة، إلّا أن الصناعة هي أهم مجال تظهر فيه الحاجة إلى توافر وسائل السلامة، بهدف منع أو تخفيض حوادث العمل ومنع احتمالات الإصابة بالأمراض المهنية، وذلك نظراً لما يحيطها من أخطار بنسب أعلى مما يحيط غيرها، وهذا لا يعني عدم الحاجة إلى توفير أسباب السلامة في المجالات الأخرى. وتهدر الملايين من الأموال بين علاجات وتعويضات الإصابات والأمراض المهنية، إضافة إلى ضياع وقت العمل.
تُقدر أكثر التكاليف الناجمة عن الأمراض المهنية بأمراض القلب والجهاز العضلي والهيكل العظمي، وأكثر أسباب الوفيات تعود لأمراض السرطان المهني، وهو سبب لأكثر من 30% من حالات الوفيات المختلفة. والصحة والسلامة المهنية هي ذلك العلم الذي يهتم بالحفاظ على سلامة وصحة العمال من المخاطر التي قد يتعرض لها بسبب أداء العمل، وذلك من خلال توفير بيئة عمل آمنة خالية من مسببات الحوادث والإصابات والأمراض المهنية. وبمعنى أخر هي مجموعة من القواعد والنظم الموضوعة في إطار تشريعي تهدف إلى الحفاظ على العمال والمنشآت من خطر الإصابة والتلف، وتعود بالنفع على العاملين وأصحاب العمل والحكومات. والاهتمام بالصحة والسلامة المهنية في أية مؤسسة أو منشأة يعتبر من عناصر التطور الإداري والتخطيط الاقتصادي الناجح لهذه المنشأة، وهو انعكاس للوعي العام المؤمِن بأهمية السلامة والصحة المهنية ودورها كقطاع إنتاجي مهم، وعلى النقابات إدراك أهمية السلامة والصحة المهنية، والعمل على تثبيت الحق للعمال في وجود بيئة عمل صحية وآمنة تحترمها الحكومات وأرباب العمل، من خلال القوانين التي تحدد الحقوق والمسؤوليات تجاه العمال، وتقوم النقابات على تعزيزها وتطويرها وممارسة حقها في النضال من أجلها.
تعتبر البلدان النامية هي أكثر البلدان تخلفاً في تطبيق قواعد السلامة والصحة المهنية، وهذا يعود إلى نسبة زيادة الاستغلال للعمال، وعدم وجود قوانين ناظمة وملزمة التطبيق عل أصحاب العمل، إضافة إلى ضعف دور الحركة النقابية في هذه البلدان بسبب عدم استقلاليتها، وسيطرة أرباب العمل على الكثير من مفاصلها، وسيطرة أجهزة الدولة والحكومات على بنية هذه الحركة، مما جعلها أضعف من أن تناضل من أجل الكثير من حقوق العمال، ومنها: السلامة والصحة المهنية.
إن السلامة والصحة المهنية بمفهومها المعاصر تعني: المحافظة على عناصر الإنتاج الرئيسة التي تتضمن: 1- العامل داخل المؤسسة وخارجها. 2- المعدات وأدوات الإنتاج. 3- بيئة العمل والبيئة المحيطة بها من ماء وهواء وتراب. 4- المواد الخام والمواد المنتجة. ولكي نصل بالسلامة والصحة المهنية إلى مستوى من التقدم يساهم ويساعد في النمو، فإنه يتوجب على الدولة أن تحافظ على هذه العناصر، وعلى النقابات أن تتوفر لديها أجهزة إشراف حقيقة على حسن تطبيق قواعد السلامة والصحة المهنية وإرسائها، أضف إلى ذلك وجود كادر حقيقي من أجل الدفاع عن حقوق ومصالح العمال، والتي منها: إرساء قواعد السلامة والصحة المهنية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1015