من تاريخ نقابات عمال البناء في حلب /2/

من تاريخ نقابات عمال البناء في حلب /2/

تحدث الرفيق محمود نصري أبو غسان لقاسيون عن ذكرياته النقابية منذ العام 1955 في نقابة المزرقين ونقابة عمال البناء في حلب، وننشر أدناه القسم الثاني من اللقاء:

دافع قوي عند العمال

كنت أقضي الوقت مع العمال من الساعة 6 صباحاً حتى 7 مساءً، وفي أوقات شهر رمضان، نادراً ما كنت أفطر في البيت، كنت أقضي أغلب الوقت في الطريق لأن دافع تأسيس النقابة كان قوياً عندي وعند بقية العمال.
وكان العمال يحضرون الانتخابات بكثرة، وكنا نترشح وننجح في الانتخابات كأعضاء في مكتب النقابة.
وفي زمن الوحدة السورية المصرية، في العام 1959، بدأت الاعتقالات، ذهبت إلى مكتب النقابة، وكان المكتب مقراً للنقابات الشيوعية مثل: الطباعة والنسيج وغيرها قبل الوحدة، وتعرضت إلى اعتداء في المكتب، إذ دفعني أحد الموتورين على الدرج، فتدحرجت إلى أسفل الدرج. وكانت هذه الحادثة آخر علاقة لي مع نقابة المزرقين أواخر عام 1959.

الدفاع عن حقوق العمال

في نهاية الستينات، كلفني الحزب بترك عملي، لأعمل في إدارة شركة التعمير براتب 600 ليرة في الشهر. وكنت أستطيع أن أجني بين 6000-8000 في الشهر من عملي الذي تركته. ولكنني التزمت بقرار الحزب، وأصبحت رئيس مكتب العمال في شركة التعمير وكنت في مكتب النقابة أمين سر لجنة مراقبة الإنتاج.
وقد تركت عملي لأنه جرى تسريح نائب رئيس الشركة (رفيقنا). وبدأ الصدام بيني وبين الإدارة أثناء الدفاع عن مصالح العمال، وكانت الشركة تأكل الإضافي على العمال وكنت أصوغ مطالبهم القانونية وأطالب بدفع الأجر الإضافي. وجرى تسريحي من هذه الشركة بسبب دفاعي عن العمال مع أربعة آخرين.
رفعت دعوى في لجنة قضايا التسريح، وتضامنت معي النقابات ورفعت البرقيات تحتج على تسريحي. فربحت الدعوى بالعودة إلى الشركة. ولكن جرى تسريحي مرة ثانية بقرار من رئيس مجلس الوزراء مع حرماني من الحقوق المدنية بشكل غير قانوني. وكان يجري تسريح العمال بدون العودة إلى أي قانون.
سنة 1970 كنت عضو مكتب تنفيذي في اتحاد عمال حلب. ولعبت دوراً لا بأس فيه في هذا المجال، من حيث تنظيم عمل الدائرة التي كنت مسؤولاً عنها وهي دائرة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية في اتحاد عمال حلب.
وفي السبعينات، كنا نتصدى لمحاولات صرف أموال العمال على إنشاء ديكورات مكاتب المسؤولين، ورفضت التوقيع على هذا الصرف.
وبعد رفض التوقيع على هذا الصرف، قالوا لي: إن دورك انتهى في نقابة عمال البناء. فقلت لهم أنا أسست هذه النقابة وأمثل حزباً سياسياً. ورفضوا طلب ترشيحي بحجة أنني متعهد، وكانوا قد زوروا توقيعي على وثيقة وقالوا بأنني غير مقبول في نقابة البناء. وأمام إصراري على الترشّح قلت لهم، أنا مصر على الترشيح، فليقل المؤتمر كلمته. وجرى استبعادي من النقابة فيما بعد.
انتهى دوري النقابي الرسمي عندما أصبحت سكرتير اللجنة المنطقية في حلب وعضو اللجنة المركزية. وأصبحت مسؤولاً للمكتب النقابي المركزي في الحزب.

الحزب والنقابات الحلبية

لعب الحزب دوراً كبيراً في الحركة النقابية، وكان لنا رفاق في قيادة الاتحاد العام لعمال سورية في فترة تأسيسه عام 1938 مثل إبراهيم بكري (عمال النسيج) وآخرين. وللحركة النقابية تاريخ مجيد في تلك الفترة.
وفي فترة الخمسينات، منذ انتهاء عهد الشيشكلي عام 1954، أستطيع الجزم أن ثلث الحركة النقابية أو أكثر من الثلث في حلب كانت بيد الشيوعيين وأصدقائهم.
على سبيل المثال: نقابة المزرقين، صنع البلاط، تركيب البلاط، نقابة عمال شركات النسيج، نقابة النسيج اليدوي الأغباني، الكهرباء والنقل، نقابة حلج الأقطان، نقابة الدهان وغيرها «حوالي 16 نقابة».
فبعد 1954، نشأت حياة ديمقراطية وبرلمانية في سورية، ونجح الرفيق خالد بكداش نائباً عن دمشق. ولعبت تلك الظروف في دفع الحركة النقابية إلى الأمام.
وفي العهود اللاحقة، جرى تقليص دور الشيوعيين والوطنيين الآخرين، ففي كل دورة كان يجري إبعاد بعض النقابيين. وكنت أخوض الصراع من أجل تمثيل الرفاق في النقابات.
وعندما استبعدونا من نقابة الاستصلاح، وكانوا مقررين عدم إجراء الانتخابات وإنجاح المرشحين بالتزكية، قررنا خوض الانتخابات وعدم سحب المرشحين الشيوعيين. وكان لهذا الموقف دوراً في تمثيل الحزب في نقابة النقل.
كانت الانتخابات تجري في زمن سابق في جو عاصف من رفع القبضات والهتاف ضد أرباب العمل. وقد اختفت تلك الأجواء فيما بعد.
ساهم العديد من الرفاق في نقابة عمال البناء في حلب منذ الستينات مثل عبد الرزاق رابعة، أحمد نعال، عدنان صباهي، محمود صايغ، أحمد فلاحة صالح فلاحة، مصلح حوري، عبد المنعم شهابي وآخرين نسيت أسماءهم يعملون في مهن تركيب البلاط وصب البلاط والمقالع والبناء.
وكان عدد من الرفاق رؤساء للنقابات، فمن أصل 35 نقابة عمالية في حلب منتصف الخمسينات، كان لنا نفوذ في 15-16 نقابة. وأسماء الرفاق رؤساء النقابات هي: مصطفى خيرو رئيس نقابة الكهرباء والنقل، خالد حمامي رئيس نقابة عمال شركات النسيج «كانت أكبر نقابة لعمال الغزل والنسيج»، عمر قشاش رئيس نقابة عمال الطباعة، محمد عقيل رئيس نقابة عمال النسيج اليدوي، ورفيق من آل فنكجي رئيس نقابة عمال المصارين/الأمعاء، يحيى خوجة رئيس نقابة عمال الأحذية، علي الترك رئيس نقابة عمال التريكو، ورفيق نسيت اسمه كان رئيس نقابة عمال حلج الأقطان، ومحمود نصري رئيس نقابة عمال المزرقين «الطينة»، أحمد نعال رئيس نقابة عمال الدهان، رفيق نسيت أسمه رئيس نقابة الميكانيك «سعيد السواس– المحرر» إضافة إلى رفاق آخرين نسيت أسماءهم في نقابات تركيب البلاط والمقالع وغيرها. وكان الرفاق متواجدين في أغلب مواقع الحركة النقابية مثل انتخابات لجنة تحديد الأجور في حلب، وكان للرفاق دور كبير في التواجد فيها، وهي تقرر أجور العمال. وكان هناك تمثيل مختلف للرفاق في اتحاد عمال حلب.

من تاريخ نقابات عمال البناء في حلب /1/

معلومات إضافية

العدد رقم:
1017