بصراحة ...كل شي موجود..

بصراحة ...كل شي موجود..

الأزمة الوطنية أفرزت الكثير من الأشياء التي لم نكن نراها سائدة وواضحة بهذا الشكل والتجلي في تفاصيل حياتنا اليومية، والآن نراها سائدة وواضحة لكل الناس، وهي جزء من مشهدهم العام الذي اعتادوا عليه في حركتهم اليومية، ولكن التفسير لهذه الظواهر ليس واحداً عند الناس، فنرى أطفال الحاويات وهم يغوصون داخلها يبحثون فيها عن النفايات المختلفة، مثل: البلاستيك والكرتون وأكياس النيلون وغيرها من الأشياء لبيعها في مراكز التجميع لهذه النفايات ليعاد تدويرها، أي إعادة تصنيعها مرة أخرى مقابل ثمن بخس لا يساوي ما يتعرض له الأطفال من أمراض وتحرش وتسرب من المدارس لقيامهم بهذه الأعمال واستغلالهم لأعمال أخرى.

عمال التنظيفات يقومون بنفس الأعمال السابقة التي يقوم بها أطفال الحاويات، وهم محقون في عملهم الإضافي هذا كون أجر العامل في شركات التنظيف الخاصة لا يتجاوز الـ 100 ل س عن كل ساعة عمل وهذه الأجرة قد لا تكفي قوت يوم واحد لعائلته إذا ما عمل العامل لمدة 12 ساعة متواصلة، مع العلم بأنه هذا العامل محروم من كل أشكال وأنواع الضمان إذا ما أصيب بمرض أو إصابة عمل، وهو في الغالب يصاب بكل ما ذُكر.

النساء البائعات للخبز عند الأفران وهن يبعن الخبز ليس لصالحهن، بل لصالح متنفذ ما داخل الفرن أو خارجه، ولهن نسبة على المبيع، والباقي للمتنفذ الذي يؤمن لهن ربطات الخبز طالما الفرن يعمل وينتج، وسعر الربطة الواحدة معمم عند جميع الأفران خارج النافذة، والواضح أن هناك رابطة ما يتجمع فيها المتنفذون فيقررون سعر ربطة الخبز التي يبيعونها بسعر موحد عند جميع الأفران.

هذه المشاهد اليومية التي نلاقيها في كل مكان هي تعبير عن عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها شعبنا، وما أفرزته من ظواهر، وفي مقدمتها: الفقر المدقع الذي أوصل أغلبية السوريين المنهوبين إلى البحث عن مصادر للعيش في كل شيء يتمكنون من العمل به لتحصيل لقمة عيشهم، وما ذكرناه من أمثلة هي غيض من فيض يصعب تعدادها بينما أصحاب النهب والفساد الكبيرين سائرون في طريق واحد لا ثاني له وهو: نهب كل ما يمكن نهبه من ثروتنا الوطنية، واغتصاب كل ما يمكن اغتصابه من لقمة عيشنا وعرقنا ومستقبل أطفالنا، ولكن نقول لهم: إن للباغي جولة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1023