بين برنامجهم وبرنامجنا
أديب خالد أديب خالد

بين برنامجهم وبرنامجنا

إصرار حكومي على عدم زيادة الرواتب والأجور مقابل تعاظم الفقر والحاجة لدى العمال، والذي وصل إلى مرحلة اليأس من الحياة في البلاد. وهذا ما يدفع المواطنين للهجرة والمخاطرة بحياتهم عبر البحر وغيره من السبل؛ فهذا أهون عليهم من البقاء في وطن لا يستطيعون فيه، ومهما بلغ عدد ساعات عملهم، تأمين الحد الأدنى من مستوى المعيشة. وليس لديهم أمل في تحسين ظروفهم على المدى المنظور، وأهون لهم من الوقوف مكتوفي الأيدي أمام وضعهم البائس هو محاولة البحث عن بلاد تؤمنهم وعائلاتهم من الجوع والخوف. ويبقى هذا الهاجس الأساسي لملايين السوريين ولو كلفهم هذا حياتهم.

فالليبرالية الاقتصادية التي تسببت في نهبهم وإفقارهم قبل الأزمة وخلالها والتي أسهمت إسهاماً أساسياً في دمار وطنهم، تدفعهم اليوم دفعاً، يداً بيدٍ مع العقوبات الغربية، نحو الهجرة والمصير المجهول، مفرغةً البلاد من أبنائها؛ فلو قدر لملايين السوريين الهجرة خارج البلاد فلن يتوانوا لحظة واحدة عن الهروب من هذه الأوضاع البائسة، حيث لا عمل ولا مستقبل ولا تعليم ولا صحة ولا خدمات ولا بنية تحتية مقابل تكميم أفواههم ومنعهم من التعبير عن أوجاعهم.

مؤامرات خارجية بتوافق داخلي

في المقابل، ما زالت السلطات الحكومية ومَن وراءها من الفاسدين الكبار والمستفيدين من السياسات الليبرالية، تصور للناس أنّ ما وصلنا إليه هو نتيجة حصرية للعوامل الخارجية وللمؤامرات الكونية التي تحاك ضدها، وأن كل شيء في الداخل كان وما زال يسير في وئام تام، فلولا التدخل الخارجي لما وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم، مع أن الوقائع تثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ تلك السلطات ومن وراءها، هم أنفسهم حصان طروادة يمررون-عبر الليبرالية والقمع- المؤامرات الخارجية، ويسهمون بالتدمير الممنهج للوطن من الداخل وفي تفتيت البلاد وتقسيمها.

لا حلول ترقيعية

من أجل إنقاذ البلاد والخروج من هذا الوضع البائس لا بد من حل جوهري وإنجاز التغيير الحقيقي لمصلحة الأغلبية المنهوبة من السوريين، والعابرة لكل الاصطفافات السياسية والثانوية، من خلال الحل السياسي لإعادة السلطة للشعب لمحاربة هؤلاء؛ فهم أعداؤنا الحقيقيون وهم الناهبون المباشرون لثرواتنا، وهم عبر إعاقتهم المستمرة للحل السياسي، بالتعاون مع أشباههم على ضفة «المعارضة»، قد تسببوا في تعميق مقتلة الشعب السوري وتشريده ودمار بلاده، كل هذا من أجل الحفاظ والدفاع عن امتيازاتهم وثرواتهم المنهوبة من لقمة الشعب.
هذا النوع من الناهبين لن يتنازل قيد أنملة عن مستوى نهبه العالي، ولن يسمح للشعب بالعيش الكريم طالما بقي هو في مواقع السيطرة والتحكم. والتاريخ علّمنا أن الحقوق دائماً تُؤخذ ولا تُعطى، والحلول للأزمات التي يعانيها الشعب موجودة، وليست مستحيلة، أو تحتاج لمعجزة سماوية لحلها، ولكن بكل تأكيد هذه الحلول ليست موجودة في جعبة هذه الفئة التي لا يهمها سوى المحافظة على مستوى نهبها، ولو أدى ذلك إلى تقسيم البلد وانهياره والتجربة خلال الأزمة خير دليل على ذلك.

بقاء الحال من المحال

بقاء الوضع على حاله لن يؤدي إلا إلى مزيد من استنزاف البلاد وتجريفها من سكانها وتقسيمها، ولا حلول للأوضاع الاقتصادية من فقر وبطالة وفساد وتدني مستوى المعيشة سوى بحل سياسي ابتداءً، يقود إلى تغيير حقيقي، وهذا يتطلب من الوطنيين ممن بقوا في البلاد، وممن هم خارجها وما يزالون يحملون همها وهم أهلها، تفعيل نضالهم على كل الجبهات القانونية والقضائية والسياسية والشعبية للضغط باتجاه الحل السياسي، وتنظيم صفوفهم في كل الأماكن والمواقع، والاستفادة من عجز المتنفذين والمتسلطين عن إيجاد الحلول، وعدم امتلاكهم برنامجاً بديلاً يعبر عن مصالح الأغلبية ويجمعهم عليه، وهذا أكبر رد على تمادي هذه الفئة في نهبها واستهتارها بمستقبل البلاد.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1091
آخر تعديل على الثلاثاء, 11 تشرين1/أكتوير 2022 15:11