الموازنة والعاملون بأجر

الموازنة والعاملون بأجر

يذهب الوضع المعـيشي إلى منحـدر عميق بسبب ارتفاعات الأسعار اليومية الذي يزيد من معاناة العاملين بأجر وعموم الكادحين ويجعل حصولهم على الحد الأدنى مما يحتاجون من غــذاء ودواء وكساء وغيرها من الحاجات التي لا يمكن الاستغناء عنها من الصعوبة بمكان، رغم استغنائهم عن الكثير من المتطلبات كلّياً، هذه القضايا وغيرها هي موضوع نــقــاش بين كوادر الحركة النقابية، لكنها تجري بين الجدران المغلقة للمكاتب النقابية ومع ذلك لا يزال الكثيرون يجدون صعوبة في اتخاذ موقف حازم اتجاه ذلك لأسباب كنا قد تحدثنا عنها مرات عدة، ومنها ترهل العمل النقابي وفقدانه لأدواته الكفاحية.

ومن جهة ثانية لم يعد مقبولاً أن تستمر الأوضاع الحالية المتردية فى شركات قطاع الدولة ومؤسساتها فغالبية هذه الشركات مأزومة وتحتاج إلى إصلاح جذري وتركها تعاني ما تعانيه أمر غير مقبول، وهو هدر للمال العام، من المؤكد أن فاتورة إصلاح قطاع الدولة وخاصة الإنتاجي منه مكلفة لكنها الدواء المر، حيث لا يمكن أن يكون هناك إصلاح دون تكاليف، لذلك لابد أن يكون هناك إصلاح حقيقي لهذا القطاع يتمثل فى إعادة دورة الإنتاج إلى شركاته ومؤسساته لتصبح منتجة بشكل حقيقي ومنافسٍ في السوق، ولن يتحقق ذلك إلا بتوفير مستلزمات الإنتاج لتلك الشركات، ووضع رؤية لنوعية إنتاجها، تضمن عدم تحويل الإنتاج إلى مخازين مكدسة في المستودعات. نتيجة انفصال الإنتاج عن تطور واقع السوق من حيث الجودة وغيرها من الأمور.
أقر مجلس الشعب في جلسته المنعقدة يوم 12 كانون الأول مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024، ليصبح قانوناً. حددت فيه اعتمادات الموازنة بمبلغ إجمالي قدره 35500 مليار ليرة سورية، موزعة على الإنفاق الجاري بمبلغ 26500 مليار ليرة، و9000 مليار ليرة للإنفاق الاستثماري. وهي لا تختلف من حيث الشكل عن الموازنات السابقة خلال هذه الأزمة فهي زيادة بالشكل وانخفاض في الجوهر مقارنة بسعر الصرف المعلن ومستوى التضخم الحاصل، ولكن ما يهمنا هنا ماذا سيُحصّل العاملون بأجر وعموم الكادحين من هذه الموازنة وما هي الحقوق المختلفة تشريعياً ومعيشياً وخاصة الأجور وغيرها من الحقوق المشرّعة دستورياً التي يمكن تحققها للعاملين بأجر ومازالت منقوصة، أو التي فقدتها خلال تعاقب الحكومات السابقة. والسؤال الدائم هل أخذت الموازنة بعين الاعتبار معدّل الجوع والفقر وكيفية توزيع الدخل الوطني، بين الأجر والأرباح؟ إن الموازنة العامة للدولة بتراجع مستمر إذا ما قيست بمستوى التضخم والغلاء الفاحش وخاصة للمواد الأساسية حيث بلغ إجمالي العجز المعلن في الموازنة أكثر من 9400 مليار ليرة. كما نلحظ ضعفاً كبيراً في حجم الإنفاق الاستثماري الذي يسهم في دعم الاقتصاد. وبالنسبة إلى كتلة الرواتب والأجور تشير الموازنة إلى أن كتلة الرواتب هذا العام تصل إلى 6000 مليار ليرة، وهي بشكلها هذا تلحظ الكتلة الفعلية للرواتب والأجور الحالية فقط، دون التطرق إلى أي زيادات للأجور أو الترفيعات القادمة، والتي تتجاوز 900 مليار ليرة، وبالتالي عدم وجود زيادة لرواتب وأجور العاملين للعام المقبل، كذلك لم نر زيادة بالدعم الاجتماعي عملياً، مما يؤكد أن الوضع القادم أكثر سوءاً وهنا يحق لنا السؤال، هل سيبقى التنظيم النقابي مجرد هيئات نقابية ينحصر نشاطها في مجال الخدمات النقابية البسيطة من مساعدات إنسانية صحية واجتماعية وغيرها فقط. رغم أنّ له الحق بمراقبة أداء الحكومة الاقتصادي والاجتماعي وممارساتها والضغط عليها. ومن خلال الاحتجاجات الكفاحية يمكن أن يكون له دور فاعل في لجم تلك السياسات الاقتصادية التي تنهجها الحكومة المحابية لقوى الفساد والنهب. المعادية بالضرورة لمصالح العمال والكادحين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1154