كيف تعاملت ثلاث دول مع أول وفاة بكورونا

كيف تعاملت ثلاث دول مع أول وفاة بكورونا

في سباق مع الزمن يبحث الأطباء والعلماء اليوم عن أوسع معلومات وبيانات ممكنة عن سلوك الفيروس في البلدان المختلفة ويتمسكون بأية قشة لتحسين الأداء والاستجابة وإنقاذ أرواح وصحة الناس، من خبرة هنا وهناك لا يمكن معرفتها سوى من إعلان وتشارك تفاصيل الطرق التجريبية في العلاج والوقاية وما الذي نَفَع ليعتمدوه، وما الذي ضَرّ ليتجنبوه، وما هي الشرائح الأكثر عرضة لمرض شديد أو اختلاطات أو الأكثر وفاة، من ناحية العمر والجنس والأمراض وغيرها، والتي لها مشتركات عالمية، لكن قد يختلف سلوك قوانينها الطبيعية أيضاً حسب خصوصيات هذا البلد أو ذاك. في وقت مثل هذا اقتصر إعلان المكتب الإعلامي لوزارة الصحة (29 آذار 2020) على جملتين حول الوفاة الأولى بالوباء في سورية: «وفاة سيدة فور دخولها إلى المشفى بحالة إسعاف. تبين بعد إجراء الاختبار أنها حاملة لفيروس كورونا». وفي اليوم التالي: «تسجيل حالة وفاة ثانية من الإصابات العشر بفيروس كورونا» في 30 آذار (يوم كتابة هذه المادة (

أول وفاة بكورونا في أمريكا

في الحقيقة لم تكن المعلومات الرسمية عن أول حالة وفاة بالفيروس في الولايات المتحدة الأمريكية أحسن حالاً، إذ اكتفى مسؤول صحي أمريكي (الدكتور جيفري دوشين) في مؤتمر صحفي مشترك مع زملائه في واشنطن (29 شباط 2020) بإعلانٍ تخلله كثيرٌ من اللغو الفارغ، إلّا من أربع جمل مفيدة فقط: «الشخص المتوفى كان مريضاً في مشفى إيفرغرين، وكان يعاني من أمراض أخرى، وهو ذَكَر في الخمسينات من عمره، وليس مقيماً في دارٍ للمسنين»
والأسوأ من ذلك أنه في اليوم التالي (1 آذار)، وبينما أعلن حاكم واشنطن (جون إنسلي) أن المتوفى رجل في الخمسينات من عمره، فإنّ ترامب بعد لحظات فقط من ذلك، عقد مؤتمراً صحفياً بصحبة «قوة المهام الخاصة» التي عيَّنها لمواجهة الوباء، معلناً بأنّ الحالة المتوفاة بالفيروس امرأة! مما يدل على مستوى عدم الاكتراث والتخبّط والتخلّف في التنسيق بين القيادة المركزية وسلطات الولايات. وفي تغريدة له بعد المؤتمر اعترف مدير «المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية» الدكتور روبرت ريدفيلد، بأنّ المركز «أخطأ في أنّ المريض المتوفى كان أنثى، كما ورد في إيجاز اليوم مع الرئيس ونائب الرئيس»، والذي كان ريدفيلد حاضراً فيه.

كيف أعلنت الصين أول وفاة بالفيروس

في النظام الصحي الصيني المتطور والناجح والشفّاف، نجد أن أول إعلان رسمي للوفاة الأولى بسبب الفيروس المستجد (والتي حدثت في 9 كانون الثاني)، جاء ضمن بيان عن وضع الوباء أصدرته اللجنة الصحية الحكومية المحلية في ووهان عند الساعة الثامنة وخمسين دقيقة من صباح 11 كانون الثاني 2020 ونشرته في الموقع الرسمي لوكالة شينخوا الصينية الحكومية على الإنترنت. ورغم أنّ هذا الإعلان تأخر عن وقت الوفاة الفعلي (بأكثر من 24 ساعة لكن أقل من 48 ساعة) إلا أن هذا التأخير، كما يتبين للقارئ من التقرير، لا يبدو أن وراءه أية نوايا لإخفاء شيء كما تروّج البروباغاندا المعادية للصين، بل كان على الأرجح هو الوقت اللازم لإجراء دراسات التشريح المرضي العياني والنسيجي المجهري للجثة، ولا سيّما أنها أول حالة وفاة بسبب وباء جديد مُحيِّر، وكان لا بدّ من دراستها بعناية وتدقيق. بعد نصف ساعة فقط من نشر البيان على موقع شينخوا قامت اللجنة الصحية نفسها بإصدار بيانٍ ثانٍ على موقعها الرسمي هذه المرة وبشكل تقرير علمي واضح كشَفَت فيه عن أهم التفاصيل الأساسية المفيدة التي نتجت عن دراسة حالة الوفاة الأولى هذه.

نص التقرير الرسمي لأول وفاة بكورونا في الصين

في تقريرها هذا طرحت السلطات الصينية على نفسها السؤال البدهي المتوقّع من شعبها القلِق إزاء خبر أول وفاة في ظل الوباء، وأجابت عليه بشكلٍ علمي، وجاء ذلك كجزء من تقريرها الأوسع قليلاً بعنوان: «شرح الخبراء للبيان الأخير حول الالتهاب الرئوي الفيروسي المجهول السبب». الناشر: اللجنة الصحية الحكومية المحلية في ووهان، بتاريخ 11/1/2020 الساعة 09:20:07 كما يلي:
(سؤال: هناك حالة وفاة واحدة حالياً، ما هو الوضع بالضبط؟)
«الجواب: كان المريض يبلغ من العمر 61 عاماً، وتم إدخاله إلى المستشفى بسبب قصور تنفسي والتهاب رئوي حاد، كما أنه كان يعاني من أورام في البطن وأمراض مزمنة في الكبد. كان المريض يقوم بشراء البضائع من سوق المأكولات البحرية بجنوب الصين في ووهان. بعد دخول المستشفى، تم تقديم الدعم لتحسين الأعراض، وتطبيق مضادات الإنتان، والتنفس بمساعدة جهاز التنفس الصناعي، كما تم تقديم الأكسجة الغشائية خارج الجسم ECMO وغيرها من العلاجات الداعمة للحياة. وفي 9 يناير 2020، توقفت نبضات قلب المريض ومات رغم محاولات الإنعاش. أشارت نتائج اختبار المسببات المرضية إلى إيجابية اختبار الحمض النووي الفيروسي التاجي المستجد. تم تشخيص أسباب الوفاة بأنها ذات رئة حادة، ومتلازمة الضائقة التنفسية الحادة (الشديدة)، والصدمة الإنتانية، وفشل الأعضاء المتعددة، واضطرابات استقلابية حمضية- قلوية شديدة، وتليّف الكبد. كان السبب المباشر للوفاة هو قصور دوراني تنفسي».

البيان الرسمي الآخر قبل نصف ساعة من التقرير السابق

وجاء بعنوان: «ووهان تؤكد أن 41 مريضاً يعانون من نوع جديد من الالتهاب الرئوي بالفيروس التاجي»، بتاريخ 11/1/2020 الساعة 08:50:23 على موقع «شينخوا نت» ويقول بأنه في صباح الحادي عشر من كانون الثاني، أصدرت لجنة الصحة المحلية في ووهان التعميم التالي:
بعد التعرف على مسببات «الالتهاب الرئوي الفيروسي غير المعروف» كنوع جديد من الفيروسات التاجية، نظمت لجنة الصحة في ووهان اختبارات لعينات من المرضى الحاليين، حتى الساعة 24 من يوم 10 كانون الثاني، تم تشخيص 41 حالة إصابة بالالتهاب الرئوي مع عدوى فيروسات تاجية جديدة مبدئياً، من بينها 7 حالات شديدة وتوفيت حالة واحدة. وكان باقي المرضى في حالة مستقرة.
منذ نهاية كانون الأول من العام الماضي، استمر تزايد عدد المرضى الذين يعانون من الالتهاب الرئوي الفيروسي غير المفسَّر الذي تم تشخيصه في ووهان. وفقاً لتقرير صادر عن لجنة الصحة المحلية في ووهان مساء يوم 5 يناير، حتى الساعة الثامنة من ذلك اليوم، أبلغت المدينة عن ما مجموعه 59 مريضاً يعانون من تشخيص التهاب رئوي فيروسي غير مفسَّر، بما في ذلك 7 مرضى بأمراض خطيرة. بعد التقرير الأحدث، الحادي عشر، منذ بدء «الالتهاب الرئوي الفيروسي لسبب غير معروف» وتحديد العامل المسبب في البداية كنوع جديد من فيروسات التاجية، قامت فرق الخبراء الوطنية والإقليمية والبلدية بمراجعة وتحسين خطط تشخيص وعلاج ورصد الالتهاب الرئوي الفيروسي الناجم عن سبب غير معروف.
ووفقاً للتقارير، تم تشخيص 41 حالة من حالات الالتهاب الرئوي مع عدوى فيروسات تاجية جديدة في البداية، تم تخريج حالتين منها، و7 حالات كانت شديدة، وتوفيت حالة واحدة. كان هناك 739 شخصاً من الذين خالطوا المرضى بشكل وثيق، بما في ذلك 419 من أفراد الطاقم الطبي، الذين تلقوا مراقبة طبية ولم يتم العثور على حالات أخرى ذات صلة. لم يتم الكشف عن حالات جديدة منذ 3 يناير 2020. في الوقت الحاضر، لم يتم العثور على إصابات في الطاقم الطبي، ولم يتم العثور على أي دليل واضح على انتقال العدوى من شخص لآخر.
حسب التقرير، منذ تفشي المرض، وبدعم من الدولة ومقاطعة هوبي، تعاونت ووهان مع الأقسام ذات الصلة بطريقة منظمة للوقاية من المرض وعلاجه. أولاً: لقد بذلنا قصارى جهدنا لعلاج المرضى. وُضِعت خطة عمل للتشخيص والعلاج، والتنفيذ الفعال للكشف المبكر والتشخيص المبكر والعزل المبكر والعلاج المبكر، والتركيز على الخبراء والموارد لتقديم العلاج الكامل. ثانياً: تم إجراء تحقيقات وبائية متعمقة. توصلت التحقيقات إلى أن المرضى كانوا يعملون بشكل أساسي ويشترون من العاملين في سوق الجملة للمأكولات البحرية في جنوب الصين في مدينة ووهان. في 1 كانون الثاني 2020، تم إغلاق سوق الجملة للمأكولات البحرية في جنوب الصين واتخذت تدابير لتعزيز توجيه الوقاية من الأمراض وإدارة النظافة البيئية للأماكن العامة في المدينة، وخاصة سوق المزارعين. ثالثاً: نشر المعرفة على نطاق واسع بالوقاية من المرض وتعزيز الوعي العام بالحماية الذاتية. رابعاً: التعاون مع الولاية والمقاطعة لإجراء البحوث حول سببيات المرض. خامساً: التعاون مع اللجنة الوطنية للصحة لإبلاغ منظمة الصحة العالمية بمعلومات الوضع الوبائي في الوقت المناسب.
يَذكر الإشعار أن الوقت الحاضر يتزامن مع موسم الإصابة العالية بالأمراض المُعدية في الشتاء والربيع. فيجب على الجمهور الحفاظ على دوران الهواء الداخلي، وتجنب الأماكن العامة والحشود المغلقة وغير المهوّاة جيداً، وارتداء الكمامات عند الضرورة. إذا كنتَ تعاني من الحمى، أعراض عدوى الجهاز التنفسي، وخاصة الحمى المستمرة، فتوجَّه إلى مؤسسة طبية في الوقت المناسب.

معلومات إضافية

العدد رقم:
960
آخر تعديل على الإثنين, 11 أيار 2020 13:05