ببساطة: إنه يكذب!
إعداد قاسيون إعداد قاسيون

ببساطة: إنه يكذب!

الصراع العالمي على براءات اختراع لقاحات كوفيد-19 هو آخر معركة في النزاع غير المسؤول بين حقوق الملكية وحقوق الإنسان. ولا يفاجئنا أنّ بيل غيتس، الملياردير الاحتكاري، قد وقف إلى صفّ شركات الأدوية التي يملك أو يساهم في ملكية العديد منها.

غيتس، وهو الذي يدين بأكثر ثروته لقوانين الملكية الفكرية الاحتكارية، كان أكثر من مجرّد مشاهد سلبي في الوباء؛ فقد أقنع– من بين أمور أخرى كثيرة سيئة– جامعة أكسفورد بالتخلي عن وعدها الأصلي بلقاح دون براءة اختراع، والتشارك مع «أسترا-زينيكا» بدافع الربح. لقد حشد الملياردير ثروته وسلطته لضمان أن تسود مصالح شركات الأدوية الربحية.

أثناء ظهوره الأسبوع الماضي على شبكة الأخبار البريطانية سكاي- نيوز، ورداً على سؤال من المذيعة إن كان من المفيد تغيير قيود براءات الاختراع، أجاب غيتس: «لا يوجد سوى عدد قليل جداً من مصانع اللقاحات في العالم، والناس يأخذون بجدية سلامة اللقاحات. ولهذا لا يمكننا نقل شيء لم يُنقل من قبل، مثل وصفة جونسون آند جونسون إلى مصنع في الهند. فالمنح التي نعطيها، وخبرتنا هي التي تجعل هذه الأشياء ممكنة. ما يعيق الأمور في هذه الحالة ليس الملكية الفكرية، بل عدم وجود مصانع لقاحات مناسبة تنتج، بموافقة الجهات التشريعية، لقاحات آمنة بشكل سحري».

لكنّ كلام غيتس بكل بساطة كذب.

كما وضّح التقرير الحديث لستيفان بورانيي بشكل تفصيلي، هناك الكثير من المصانع حول العالم التي تملك القدرة بشكل فوري على إنتاج اللقاح إن تمّ منحها الترخيص اللازم. أحد الأمثلة التي ذكرها بورانيي هو مصنع صغير نسبياً في كندا، قادر على إنتاج عشرين مليون جرعة للبشر في الجنوب العالمي، لكن رفضت أسترا- زينيكا وجونسون آند جونسون منحه الترخيص.

كما صرّح نائب مدير الشركة الكندية جون فولتون: «لو سمحوا لنا بالبدء العام الماضي، لكنّا شحنّا ملايين الجرعات الآن... كان من المفترض النظر للأمر بوصفه مجهوداً حربياً نشارك جميعنا به. لكنّهم لم يروا الأمر من هذه الناحية». فولتون محق، وشركة «بيوليز» ومقرها أونتاريو لديها القدرة والكفاءة والرغبة بإنتاج اللقاحات لو سُمح لها بذلك.

خطاب التضامن الذي سمعناه في بداية الوباء ليس إلّا هذراً. جنى المساهمون في شركات الأدوية الخاصة ثروات هائلة. في الوقت الذي لم يستفد من اللقاح سوى 16% من سكان العالم، فالكثير من الدول الفقيرة محرومة منه، والسبب الأكثر أهميّة هو عدم توفّر ما يكفي من اللقاح مقابل العدد الهائل من الناس المحتاجين له، على افتراض أنّ مناعة عامة تحتاج إلى تلقيح ما يصل إلى 70% من السكان.

إنّ صراع البشرية الحقيقي ليس مع الوباء، بل مع آلية الربح المتجذرة في قلب الرأسمالية، والتي تسعى إلى الانتصار على الحسّ الإنساني السليم. هذه الآليات لم تخلق لنا سوى إيديولوجيي احتكار أمثال بيل غيتس، ولن تحلّ لنا مشاكل الصحّة العالميّة...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1016
آخر تعديل على الإثنين, 03 أيار 2021 11:30