صفقات احتكارية لتغطية الدوري السوري لكرة القدم تعيد لفت الانتباه لأحد مزارب الفساد
نادر شيا نادر شيا

صفقات احتكارية لتغطية الدوري السوري لكرة القدم تعيد لفت الانتباه لأحد مزارب الفساد

نقلت إذاعة «شام إف إم» الخاصة المحلية السورية الخميس، 29 تموز، خبراً «احتفالياً» أعلنت فيه حصولها على «حقوق البث الإذاعي الحصري للدوري السوري لكرة القدم» من شركة «المشرقي المالكة لحقوق الدوري السوري لكرة القدم». وقالت بأنها «تزف» لمتابعيها «خبر حصولها على حقوق البث الإذاعي للدوري السوري الممتاز لكرة القدم لموسم 2021–2022». ورغم أنّ كثيراً من جماهير المشجّعين السوريين ربما وصلوا للاكتئاب وضعف المشاهدة بسبب تدهور الوضع العام، وليسوا راضين عن حال الرياضة في بلدنا عموماً، وكرة القدم ضمناً، والتي تعاني مثلها مثل باقي ضحايا الفساد والإهمال... لكن يبدو أنّ سوء الدعم العام للرياضة يريد أن «يكمّل عليها» بالسماح بصفقات احتكارية خاصة لا مبرّر لها سوى التربيح والربح، للقيام بمهام مثل البث، رغم وجود هيئة عامة للإذاعة والتلفزيون يمكنها تولّي الأمر إذا وجدت الإرادة وحُسن النيّة لجعلها تقوم بذلك!

أوضحت الشركة/القناة الخاصة «شام إف إم» في خبرها بأنه تم ظهر الخميس 29 تموز «توقيع العقد رسمياً بين الإذاعة ممثلةً بمديرها سامر يوسف وشركة المشرقي المالكة لحقوق الدوري السوري لكرة القدم، ما سيمنحها حق تغطية كافة مباريات الدوري إذاعياً، وستنقل عبر قناتها التلفزيونية التي تبث بتقنية (HD) الاستديو التحليلي الخاص بالتغطية في كل مرحلة من مراحل الدوري». 

وتحدثت شركة «شام إف إم» عن أنها ستعدّ «برنامجاً رياضياً متخصصاً مع استديو تحليلي بمشاركة العديد من المحللين والفنيين والمختصين، بالإضافة إلى شبكة مراسلين في كل الملاعب السورية». 

ونوّهت هذه الشركة الإعلامية الخاصة: «تؤكّد (شام إف إم) حقّها الحصري من خلال هذا العقد وعدم أحقية أيّ من الإذاعات الأخرى بالتغطية والبث المباشر لمباريات الدوري السوري تحت طائلة المساءلة القانونية التي تكفلها شركة المشرقي من خلال العقد الموقَّع»!! 

ويبدو أنّ هذا يعني، من ضمن ما يعنيه، بأن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الرسمية التابعة للدولة في سورية ليس لديها «سيادة» هنا بالمرة، بل تسمح بانتهاك حقّ سياديّ للشعب السوري من جانب بعض الشركات الخاصة. 

وبذلك يأتي هذا الحدث، بغض النظر عن حجم الأرباح الخاصة الناجمة عنه قلّت أم كثرت، لكنه يعيد لفت انتباه السوريّين بأنّه رغم كل التجويع والحصار والانقطاعات بالخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والإنترنت وغيرها، ما زالت حتّى بعض لحظات الفرح المحتملة المتبقية لدى جماهير ومحبّي الرياضة في سورية وأحد الأحداث الرياضية العامّة الذي يفترض أنْ يكون «حدثاً سياديّاً» وشعبياً عاماً برعاية الدولة ومؤسساتها العامة، حتى هذا تمّ بيعه وخصخصته لمصلحة الإتجار والربح لبعض الشركات الخاصة، والذي لا داعي ولا مبرّر له إطلاقاً في هذا المجال، بوجود التلفزيونات والإذاعات السورية الرسمية العامّة، اللهم إلّا بوصف ذلك أحد «الثقوب» الكثيرة المتفاوتة الأحجام في جسد الاقتصاد السوري، والتي تنساب عبرها الثروة الوطنية فساداً غزيراً.

ويجعلنا هذا الأمر نتساءل أيضاً حول هل هكذا خصخصة لنشاطات رياضية عامة يشكّل خرقاً حتى للدستور الحالي؟ مثل باقي الخروقات اليومية الكثيرة لحقوق دستورية بعدة مجالات. كما يلفت الانتباه أيضاً بأنّ السوريين يجب أن يفكّروا معاً ليس فقط بكيفية تثبيت هذه الأنواع من الحقوق الرياضية والثقافية العامة للشعب السوري بطريقة أفضل ولا لبس فيها في دستورٍ جديد، بحيث يدافع عن سيادة الشعب السوري وحقوقه بالفرح العام، وتحريم التربّح الخاص منه الذي لا داعي ولا فائدة اقتصادية منه لعموم البلاد، سوى لشريحة طفيلية ضيقة – بل وكذلك في كيفية تثبيت آليات التغيير التنفيذية اللازمة القادرة على حماية هذه الحقوق المشروعة الدستورية والقانونية ومنع انتهاكها.

آخر تعديل على الثلاثاء, 03 آب/أغسطس 2021 12:14