أتيكا: ذكرى انتفاضة المقهورين
شارون بلاك شارون بلاك

أتيكا: ذكرى انتفاضة المقهورين

في الذكرى الخمسين لانتفاضة سجناء أتيكا في نيويورك، تستنهض الأصوات المقاومة للعنصريّة ذكراهم كرمز لنضال المقموعين الذي لا يجب نسيانه.
في 1971، قام حوالي 1500 سجين في مرفق إصلاحية أتيكا شمال ولاية نيويورك بالانتفاض، وذلك كنتيجة مباشرة لإهمال بيانهم المؤلّف من 27 نقطة، الذي قدموه إلى سلطات الولاية في محاولة لتخفيف ظروف التعذيب داخل السجن. كان السجن الذي يتسع بالكاد لـ 1600 شخص، مزدحماً بأكثر من 2500 سجين. كان يتمّ تشغيلهم خمس ساعات كلّ يوم مقابل 20 سنت، وتصبح دولار عندما يعملون لمدّة 14 إلى 16 ساعة متواصلة. كان يتمّ حبسهم في زنازين بحجم علب الكبريت، والكثير ممّا يناقض حقوق الإنسان البسيطة.

ترجمة: قاسيون

photo_2021-09-21_13-58-20

مزاج ثوري

علينا أن نفهم السياق التاريخي الذي دفع بأشخاص يتعرضون لجميع أنواع القمع، من الضرب الشديد، إلى تعلّق استمرارهم بالحياة على نزوة حارس، أن يقوموا بمثل هذا العمل البطولي بمحاولة كسر يد الجلّاد.
كانت المعارك خارج السجون، وداخل بعضها أيضاً، محتدمة من أجل تحرر السود واللاتين من أصل بورتوريكي ومكسيكي والسكان الأصليين. كان هناك مزاج ثوريّ يجتاح البلاد بهدف إنهاء كلّ أنواع القهر. كان الملايين يتظاهرون ضدّ حرب فيتنام، وكانت حركة تحرر النساء قد بدأت بالتبرعم، وكانت حركة «الركب المجروحة» قد قولبت السكان الأصليين بشكل ممتاز، والتشيكانس حشدت الأمريكيين من أصل مكسيكي.
كان التنظّم داخل السجن يأخذ بعداً جدياً بدوره، حيث لعب الأفراد المعتقلون من التنظيمات في الخارج، مثل الفهود السود، واليونغ لوردز، والـ5%، وغيرها، دوراً بارزاً في تسريب الأفكار من الخارج. كان لدى هذه المجموعات حلقات دراسية داخل السجن، الأمر الذي مهّد لتطوّر «فصيل تحرر أتيكا».
في 27 تموز 1971، قدّم «فصيل تحرر أتيكا» قائمة من 27 مطلباً إلى مفوّض الإصلاحيات راسل أوزوالد، والحاكم نيلسون روكفيلر. استندت المطالب إلى «بيان سجناء فولسوم» الذي صاغه سجين أتيكا السياسي مارتن سوسا في دعمه لإضراب السجناء في كاليفورنيا قبل ذلك بحوالي العام.
ثمّ في 21 آب 1971 قام شرطيّ عنصري في كاليفورنيا بإطلاق النار على جورج جاكسون، قائد الفهود السود في سجن سان كوينتن. أثارت هذه الحادثة السجناء على طول البلاد، ومن بينهم عدّة مئات من سجن أتيكا، لبدء إضراب جوع. كان اغتيال جورج جاكسون هو الصمغ المطلوب لتعزيز احتشاد أفراد «فصيل تحرر أتيكا».

33

الانتفاضة المنظمة


في التاسع من أيلول، بدأ سجناء أتيكا باحتلال المنشأة. أخذوا ضباط الإصلاحية كرهائن لضمان الاستماع إلى مطالبهم بعد إهمالها من قبل. كان مستوى التنظيم وما تحوّل بعدها إلى انتفاضة واسعة النطاق ناتجاً عن القيادة الثورية والوعي اللذين تعاظما خلال هذه الفترة.
كان مذهلاً درجة الانضباط المرتفعة التي التزم بها آلاف السجناء الذين اشتركوا في الانتفاضة. قاموا على الفور بانتخاب لجنة مركزية، ولجنة مراقبة مؤلفة من 33 سجين كان أبرز أعضائها المحامي وليام كونستلر، وعضو الفهود السود بوبي سيل، وعضو جمعية ولاية نيويورك التشريعية آرثر إيف، وممثّل اليونغ لوردز، وربّما الأكثر أهميّة توم سوتو عن لجنة التضامن مع السجناء.
أظهرت الصور عدداً هائلاً من الخيم، والخنادق، والدشم، وتوزيع حصص الطعام والشراب أثناء فترة احتلال المنشأة، والعديد من الإجراءات التي نظمها السجناء قبل الشروع بعملهم.
كانت مطالب السجناء لا تعدو ما هو مذكور في أبسط شرعة لحقوق الإنسان: الأمان داخل السجن، والوضع الصحي، والغذاء، وإنهاء الحبس الانفرادي، وحق الزيارات، وحق تقاضي أجور عادلة مقابل العمل، والحقّ بتكوين النقابات وإنهاء الاستغلال.
لكنّ النخب لم تكن قادرة على ابتلاع الأمر، فأمر الحاكم روكفيلر في 13 أيلول 1971 القوات العسكرية للولاية: الحرس الوطني، وفرق الجوّالة، باستخدام الرصاص الحي والحوامات والآليات لتدمير الانتفاضة. قُتل 39 إنسان، وجرح أكثر من 85 فيما يمكن وصفه كأقلّ ما يمكن: «مذبحة». ولم يستغرق ذلك من القوات العسكرية التي هاجمت السجن أكثر من 15 دقيقة.
الذين قتلوا وجرحوا لم يكونوا يملكون لا الأسلحة ولا الذخيرة للدفاع عن أنفسهم. وعندما نقلت الصحافة السائدة الخبر، لم تسلّط الضوء إلّا على قتل 10 من حرّاس السجن متهمة السجناء بقتلهم. لكنّ تشريح الجثث وتقرير الأطباء الشرعيين أكّد بأنّ الحرّاس قتلوا على يد قوات روكفيلر العسكرية التي أمطرت المكان بالرصاص من الجو.
رغم إفشال انتفاضة السجناء، فقد تركت بصمة أدّت لتظاهر وإضراب قرابة 200 ألف سجين بعدها. لم تتمكن آلة روكفيلر العسكرية إلّا من مضاعفة رقم المحتجين. واليوم وبعد 50 عاماً على ذكرى انتفاضة سجن أتيكا، لا تزال تخدم كرمز لمقاومة العنصرية وحرمان البشر من حقوقهم.

photo_2021-09-21_13-58-20-2

بتصرّف عن: 50 years since Attica Rebellion: We salute ‘prisoners’ Paris Commune’

آخر تعديل على الثلاثاء, 21 أيلول/سبتمبر 2021 19:17