رفع سعري مرتقب للدواء
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

رفع سعري مرتقب للدواء

مجدداً، يُعاد الحديث عن أسعار الأدوية وضرورة رفعها، وعن خسائر معامل تصنيعها، في الوقت الذي كان من المفترض أن تنخفض فيه الأسعار بالتوازي مع ادعاءات انخفاض سعر الصرف، والأهم أيضاً مع الاستقرار النسبي للإنتاج والعملية الإنتاجية لبعض معامل الأدوية بعد سني التوقف، وعودة النشاط التصديري لبعض الزمر الدوائية المنتجة محلياً.

أما من الناحية العملية، فمسلسل رفع الأسعار مستمر، وغالباً سيطال الأدوية بشكل رسمي قريباً، علماً أن أسعارها لم تستقر، والفوضى السعرية هي الطاغية على زمرها وأصنافها، وبالحد الأدنى هذا ما يلمسه ويدفع ضريبته المواطن.

فوضى سعرية ومزاجية

لم تقف أسعار الأدوية عن الارتفاع طيلة الفترة الماضية، كما لم تستقر، فكل صيدلية تقوم بتسعير ما تبيعه من أصناف دوائية للمواطنين بلحظة البيع، وبعد التأكد من تحديثات نشرات الأسعار عبر بعض البرامج الإلكترونية المرتبطة مع المعامل، أو مع المستودعات الطبية، أو هكذا يزعمون، وما على المواطن إلّا الرضوخ للسعر المحدد، بحسب ما يُفصح عنه الصيدلاني، بحيث يبدو أمر السعر بالنهاية كيفياً مرتبطاً بمزاج الصيدلاني، ومن خلفه معامل أو مستودعات طبية ومستوردين، ومهربين في بعض الأحيان.
على الطرف الآخر تتذرع معامل الأدوية بالتكاليف وبالدولار، وبين الحين والآخر تتقدم بطلبات من أجل إعادة دراسة الأسعار المحددة من قبل وزارة الصحة بغاية زيادتها، حيث تقوم الوزارة بإصدار النشرات السعرية لكل معمل، ولكل صنف وزمرة دوائية تباعاً، استناداً لدراسة اللجان المختصة المكلفة بذلك، ومع ذلك هناك بعض الهمس، أن الوزارة تُحابي بعض المعامل على حساب معامل أخرى، بما يخص عملية تسعير الأصناف والزمر المنتجة محلياً وسرعة إنجازها واعتمادها وإصدارها.

مطالبة برفع الأسعار «بسرعة»

نُقل عن رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية الوطنية، عبر صحيفة الوطن بتاريخ 19/4/2021، تأكيده: «أن رفع أسعار الدواء أصبح ضرورة في ظل حالات ارتفاع أسعار السلع والمنتجات أضعافاً مضاعفة».
المطلوب من الجهات الوصائية، بحسب رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية الوطنية، «رفع أسعار الأدوية بالسرعة القصوى ضمن المعقول، ونحن لا نطالب بزيادة كبيرة، لأن المعامل في حال بقي الوضع على ما هو عليه سوف تغلق، ومصانع الأدوية لن تستمر، لذلك علينا إيجاد حل قبل أن نقع في أزمة دوائية إذا لم تتم إعادة النظر بالأسعار».

نقابة الصيادلة تؤكد وتُحيّد نفسها

صرح نقيب صيادلة سورية خلال حديث إذاعي: إن معامل الأدوية تخسر، مؤكداً فقدان بعض الزمر الدوائية، وبنفس الوقت حيّد النقابة عن التسعير ومشاكله.
حيث قال نقيب الصيادلة ما يلي: «20 زمرة دوائية مقطوعة، والمعامل تخسر، ولا دور لنا في التسعير»، وذلك بحسب ما نقلته بعض وسائل الإعلام.

الأزمة الدوائية موجودة سلفاً

الحديث عن أزمة دوائية- بحال لم تتم الاستجابة لرفع الأسعار- ليس جديداً، وكذلك فإنها موجودة ومستمرة وليست جديدة، والتهويل بها بغاية فرض زيادة في الأسعار أصبح مكرراً.
فأزمة الدواء تعددت أشكال تجليها ومستوى عمقها، فبعض الأصناف والزمر الدوائية مفقودة، أو محتكرة، وخاصة غير المنتجة محلياً، حيث يتم تأمينها عبر بعض المستوردين، أو تهريباً، مع ما يتبع ذلك من استغلال بالسعر، والأهم: بالمواصفة والمصدر، وأحياناً بتواريخ الإنتاج ومدة الصلاحية.
يضاف إلى ذلك الأزمة الخاصة والمستمرة بأدوية الأمراض المزمنة، على تعدد وتنوع هذه الأمراض ودرجة خطورتها، وكذلك أزمة اختلاف التسعير بين صيدلية وأخرى، وبين يوم وآخر، لنفس الدواء.
فواقع الحال يقول: إن الدواء بأزمة مزمنة ومستمرة، وقد تزايدت خلال سني الحرب والأزمة ومفاعيلها، وبسبب خروج أو توقف بعض المعامل الدوائية عن العمل، ويتم استغلال هذه الأزمة وتهويلها مع مسبباتها بين الحين والآخر، ليأتي أخيراً تذبذب سعر الصرف كسببٍ إضافي هامّ ومستمر ولا يمكن إغفاله.

الاستغلال بالسعر وبالصحة

يدفع المواطن المريض بالنتيجة ضريبة ما سبق أعلاه من بعض أشكال تجلي أزمة الدواء، سواء من خلال الابتزاز المباشر بالسعر المفروض عليه استغلالاً وتحكماً، أو من خلال فرض البدائل التي قد تكون غير مناسبة في بعض الأحيان، بذريعة عدم توفر بعض أنواع الأدوية.
وأسوأ ما يدفعه المريض من ضريبة جراء عوامل الاستغلال المتعددة المفروضة عليه هو اضطراره للاستغناء عن الدواء لعدم قدرته على تحمل سعره وتكاليفه الكبيرة والمرقومة إلى نهاية فترة العلاج المطلوبة، وصولاً إلى حال الشفاء، والأسوأ بحال كان المرض مزمن، وبالتالي فإن تكاليف الأدوية ستستمر مدى الحياة، حيث يدفع الضريبة على حساب صحته، وربما على حساب بقائه على قيد الحياة بالنتيجة.

إعفاءات وأرباح محققة

ربما تجدر الإشارة إلى أن معامل الأدوية تستفيد من بعض الإعفاءات، وكان آخرها القانون 14 لعام 2020 القاضي بإعفاء مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية الداخلة في صناعة الأدوية البشرية من الرسوم الجمركية المحددة في جدول التعرفة الجمركية، ومن جميع الضرائب والرسوم الأخرى المفروضة على الاستيراد، وذلك لمدة عام واحد، حيث تنتهي مدة الإعفاء بتاريخ شهر حزيران القادم.
مع العلم، أن مستلزمات الصناعة الدوائية ممولة بسعر الصرف المعتمد رسمياً، ولا تشملها العقوبات وإجراءات الحصار، ومع ذلك فإن ذريعة سعر الصرف يتم استخدامها والتذرع بها على مستوى المواد الأولية الداخلة في التصنيع، والتي يُقال: إنها تُسعّر بسعر صرف السوق الموازي، وكذلك ذريعة العقوبات والحصار، من أجل فرض زيادة في الأسعار.
وبهذا الصدد، نذكر ما تم التصريح به مؤخراً من قبل مدير عام شركة «تاميكو» الطبية للصناعات الدوائية قائلاً: «مبيعاتنا وصلت إلى 7,2 مليارات ليرة العام الماضي، بربح صافٍ بمقدار ملياري ليرة، ونخطط لتحقيق مبيعات بقيمة 20 ملياراً خلال عامين»، وذلك بحسب بعض وسائل الإعلام.
وكأن «تاميكو»، وهي شركة حكومية تعاني ما تعانيه من صعوبات على كافة المستويات، بما في ذلك تشميلها بالعقوبات باعتبارها حكومية، حالة استثنائية عن بقية معامل الأدوية الخاصة، علماً أن تكاليفها الإجمالية تعتبر أعلى من المعامل الخاصة، وبالتالي فإن ادعاءات خسارة هذه العامل غير مبررة.
طبعاً ذلك لا ينفي أهمية وضرورة استمرار دعم الصناعة الدوائية، بما في ذلك تجديد مضمون القانون أعلاه كي تزيد إمكاناتها لتغطية الحاجات المحلية من كافة الأصناف والزمر، وتستعيد أسواق التصدير الخارجية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1015