الجراد والجفاف واستكمال عوامل الإضرار بالفلاحين وبالاقتصاد!
سمير علي سمير علي

الجراد والجفاف واستكمال عوامل الإضرار بالفلاحين وبالاقتصاد!

أتى الجراد على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في مختلف محافظات القطر، وقد تم الإعلان عن عمليات المكافحة لهذه الآفة تباعاً، بعد أن سبقتها الكثير من التصريحات المطمئنة بأن الآفة عابرة.

أما اللافت بالموضوع، أنه لم يتم الإعلان عن حجم الأضرار التقديرية بالمواسم الزراعية وكمياتها وأنواعها، كما لم يتم الإعلان عما إذا كانت هناك تعويضات للفلاحين المتضررين من الآفة التي أتت على أجزاء من محاصيلهم، أو التي ستأتي عليها لاحقاً.
ليأتي الجفاف مستكملاً حلقات الإضرار بالمحاصيل، وبالواقع المعيشي للفلاحين، وبالاقتصاد الوطني عموماً!

مستمرة حتى حزيران وخطورة متوقعة

أوضح مدير وقاية النبات في وزارة الزراعة بتاريخ 26/4/2021 عبر إحدى الإذاعات المحلية، أن: «غزو الجراد جاء نتيجة ظروف غير مناسبة، فرضتها حركة رياح معاكسة بفترة نشاط الجراد التكاثري»، مضيفاً: «الجراد سيأتينا على أفواج متلاحقة، وبحسب تقديرات هيئة مكافحة الجراد التابعة لمنظمة الزراعة والأغذية في الأمم المتحدة، فإن قدوم أسراب الجراد إلى سورية مستمر حتى حزيران».
وبحسب مدير وقاية النبات في وزارة الزراعة «يحتاج تفقيس بيوض الجراد عادة إلى تربة رملية فيها رطوبة، وأية منطقة سيمر بها الجراد، ستراقبها فرق المكافحة لمدة شهر، لمتابعة موضوع تفقيس البيوض وظهور أية أفراد جديدة لمكافحتها»، وعن المخاطر قال: «خطورة الجراد ستكون عالية إذا جاءت إلينا مجموعات كبيرة لاحقاً، ولم يكن هنالك تعاون بين مختلف القطاعات ومع الأهالي للقضاء عليها».

المتابعة والمكافحة

محافظة اللاذقية أوردت على صفحتها تنويهاً تحذيرياً بتاريخ 26/4/2021، استناداً إلى تحذيرات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، ورد فيه: «يشكل الجراد الصحراوي تهديداً حقيقياً للمحاصيل الزراعية والأشجار المثمرة في حال تواجده ضمن مجموعات وأسراب.. ونظراً لوصول الجراد الصحراوي إلى بعض المناطق في سورية، مديرية الزراعة باللاذقية بجهوزية كاملة على مدار 24 ساعة لتتدخل في عمليات المكافحة فور الإعلام عن وجود مجموعات من الجراد الصحراوي.. وتدعو المديرية المواطنين للإبلاغ عن أية مجموعات من الجراد تتم مشاهدتها في مناطقهم وعدم الإبلاغ عن حالات فردية قليلة».
وبحسب مدير زراعة ريف دمشق بتاريخ 29/4/2021 فقد «بلغت المساحات التي تم فيها مكافحة الجراد الصحراوي 750 دونماً في مناطق داريا والدحاديل وبيادر نادر وكفر سوسة، وبذلك تكون إجمالي المساحات التي تمت المكافحة فيها في المحافظة 2850 دونماً، وفرق التحري والمكافحة مستمرة بعملها على مدار الساعة للتدخل عند مشاهدة أية مجموعات جديدة».
وكذلك جرى الإعلان عن عمليات الرصد والمتابعة والمكافحة من قبل مديريات الزراعة في بعض المحافظات أيضاً، مع التذكير ببعض الواجبات على المزارعين والمواطنين بهذا الصدد.

المساحة المُكافحة 26 ألف دونم

بيّن مدير وقاية النبات في وزارة الزراعة بتاريخ 1/5/2021، أن: «المساحات المكافحة من الجراد الصحراوي في القطر من 17/4/2021 ولغاية 30/4/2021 بلغت 26235 دونماً، منها 4200 دونم في دمشق وريفها، و5200 دونم في درعا، و1400 في القنيطرة، و10850 دونماً في السويداء، و305 دونماً في حمص، و700 دونم في دير الزور، و3540 دونماً في حلب».. وقال: «يرجى من الأخوة المزارعين الإبلاغ عن أيّ ظهور للجراد، ومراقبة الحقول التي تمت مكافحتها لمدة 20 يوماً لملاحظة أية أطوار جديدة، وإعلام دائرة الوقاية، أو الوحدة الإرشادية في المحافظة».

أسئلة مشروعة

بعد التأكيد على أهمية دور وزارة الزراعة وضرورة استمراره، وإذا كانت مساحة الأراضي الزراعية التي تمت مكافحتها رسمياً وفقاً للتصريح أعلاه تجاوزت 26 ألف دونم بحسب المحافظات التي تم رصدها والعمل فيها، فلا بد أن نطرح التساؤلات التالية:
كم هي المساحة الفعلية المتضررة من الآفة حتى الآن؟
ما هي المحاصيل التي أتت عليها هذه الآفة؟ وكم تبلغ كمياتها وقيمتها التقديرية؟!
كم ستبلغ المساحة النهائية التي قد تأتي عليها الآفة، طالما قدوم الأسراب سيستمر حتى نهاية حزيران القادم؟
من سيعوض الفلاحين لقاء الأضرار التي لحقت، أو ستلحق، بمحاصيلهم الزراعية؟

الجفاف والإضرار بالمحاصيل أيضاً

لم تقف حدود الضرر حتى الآن بما قد تتعرض له المواسم جراء قدوم أسراب الجراد فقط، بل يُعتبر الجفاف سبباً إضافياً قد يُؤدي إلى تسجيل المزيد من الإضرار بالمواسم والمحاصيل الزراعية، وخاصة البعلية منها، وطبعاً بالفلاحين ومستوى معيشتهم، وبالاقتصاد الوطني عموماً.
فحسب صفحة الإعلام الزراعي في سورية بتاريخ 27/4/2021، «تتعرض سورية لموجة من الجفاف هذا العام نتيجة للتغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة، تجلت بارتفاع درجات الحرارة فوق معدلاتها بكثير، وانحباس في الأمطار في شهر نيسان، الأمر الذي أدى إلى تضرر كبير في المحاصيل الزراعية البعلية وخصوصاً القمح».
أما النصائح المقدمة للمزارعين والفلاحين فقد كانت على الشكل التالي: «الري التكميلي من وسائل التكيّف مع التغيرات المناخية، ويستخدم الري التكميلي في مناطق الزراعات البعلية، ويقوم مبدأه على تعويض النقص الحاصل في الاحتياج المائي للمحصول عبر تقديم بعض السقايات عند انحباس الأمطار، أو عدم كفايتها في أطوار نمو حرجة ومحددة. بذلك يكون الري التكميلي داعماً لمياه الأمطار في تأمين الاحتياج المائي للمحصول المزروع، وضمان الحصول على أفضل إنتاج ممكن ضمن ظروف الزراعة البعلية.. وللحصول على إنتاجية جيدة من محصول القمح في ظل هذه التغيرات لا بد من استعمال الري التكميلي لتزويد محصول القمح باحتياجه المائي، فالمزارع الذي استعمل الري التكميلي فاق إنتاجه من 3– 10 مرات من المزارع الذي لم يستعمل الري التكميلي».
أما كيف ومن أين سيؤمن الفلاح المياه للري التكميلي؟ أو من أين سيؤمن التكاليف والنفقات الكبيرة المضافة جراء ذلك؟ فهي بعلم الغيب والإمكانات الفعلية المتوفرة لدى هؤلاء المتروكين لمعاناتهم على مبدأ «قلع شوكك بإيدك»!

عام القمح بمهب الريح

نختم بما قاله أحد الفلاحين تهكماً على السياسات الزراعية المطبقة، والسياسات الاقتصادية عموماً، بانعكاساتها السلبية على معيشة الفلاحين في ظل هذا الشكل من التخلي عنهم، وعلى الإنتاج والعملية الإنتاجية في ظل غض الطرف عن ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج التي يتحكم بها بعض الحيتان الكبار، بقوله: «سلملي على عام القمح»، بالإشارة إلى شعار وزارة الزراعة والحكومة عن موسم عام 2021، الذي أصبح بمهب الريح!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1016