حماية المستهلك بما لا يتعارض مع مصالح الحيتان
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

حماية المستهلك بما لا يتعارض مع مصالح الحيتان

أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتاريخ 29/4/2021 قراراتها التوضيحية التي تحدد قِيم مبالغ الاستبدال لعقوبة الإغلاق الإداري المنصوص عليها في قانون حماية المستهلك الجديد، والتي تبدأ بمبلغ 50 ألف ليرة، وتصل إلى مليون ليرة، عن كل يوم إغلاق، وبحسب نوع المخالفة.

وقد أصدرت أيضاً القرار الذي يحدد الحد الأقصى المسموح لنسب وهوامش الربح لحلقات الوساطة التجارية ببعض المواد والسلع المستوردة أو المنتجة محلياً، والتي تراوحت بين 5% وصولاً إلى 30%، بحسب المادة والحلقة التجارية.
فهل تغير شيء على مستوى حماية حقوق المستهلك ومصلحته؟!

قرارات متتالية والحال كما هي

صدر بتاريخ 29/4/2021 قراران عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، قضى أحدها بتحديد معايير الإغلاق الإداري، وقضى الآخر بتحديد قيمة مبلغ الاستبدال لعقوبة الإغلاق الإداري.
وقبل ذلك بعدة أيام صدر قرار حدد الحد الأقصى المسموح للربح لبعض المواد المستوردة أو المنتجة محلياً، والتي شملت (الألبسة- الأحذية- الحقائب- الأدوات المنزلية- السجاد والموكيت- المدافئ والمواقد- الأقمشة والمنسوجات- الخيوط- ألعاب الأطفال- الأدوات والأجهزة الكهربائية- الدهانات- الإطارات- الورق- الكرتون..).
كذلك كان قد صدر قرار حدد بموجبه المواد والسلع الأساسية، وقرار آخر يلزم مستوردي ومنتجي بعض المواد والسلع (السكر- الأرز- الزيوت والسمون- الشاي- المتة- البن- الحليب المجفف- معلبات الطون والسردين- الموز- الأعلاف) بالتقدم بوثائق تكاليف الاستيراد أو الإنتاج لإصدار الصك السعري لها مركزياً، ولكافة حلقات الوساطة التجارية، قبل طرحها في الأسواق.
وقد تمت الإشارة في متن القرارات أعلاه إلى قانون حماية المستهلك الجديد طبعاً، لكن من الناحية العملية لم يلمس المواطن أية تغييرات تذكر على واقع السوق بعد صدور القرارات أعلاه، لا من حيث السعر ولا من حيث النوع والمواصفة والجودة، فحال السوق لم تتبدل مع صدور القرارات أعلاه.
ولعل ذلك طبيعي جداً، فهوامش الربح المعتمدة لحلقات الوساطة التجارية لم يطرأ عليها أيّ تغيير يُذكر، وكذلك قائمة المواد والسلع الرئيسية، أو المواد والسلع التي تُسعر مركزياً وفقاً لآليات العمل المتبعة، أو المواد والسلع التي تسعر مكانياً من قبل مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك في المحافظات وهوامش ربح حلقاتها التجارية، فكل ذلك لم يتغير وبقي على حاله، وكذلك حال عمليات الرقابة التموينية في الأسواق بعد صدور القانون الجديد، حيث لم تنعكس على المواطنين إيجاباً، لا من قريب ولا من بعيد على الرغم من كثرة التعويل عليه، ومن كثرة التهويل بعقوباته بحال ضبط المخالفات!.

الغرامات المالية مقبولة وتحتسب من ضمن التكاليف

ما ظهر حتى الآن، أن الغاية من القانون ليست ردع المخالفة بما يحقق مصلحة المستهلك بقدر ما هي جباية الأموال تحت عنوان حماية المستهلك، حيث لم تصدر التعليمات التنفيذية للقانون حتى تاريخه، وخاصة بما يتعلق بالمخالفات المقترنة بعقوبة السجن بحال ضبطها، بينما بدأت العقوبات المقترنة بالغرامات المالية تشق طريقها في الأسواق، دون تأثير على مستوى تذبذب الأسعار، أو الاستغلال من خلالها، من الناحية العملية.
فأصحاب الفعاليات التجارية لم يعترضوا على العقوبات المالية، برغم زيادتها، حيث كانت مقبولة بالنسبة لهم على ما يبدو، ولِمَ لا؟ فالغرامة المالية التي قد يتكبدها صاحب أية فعالية تجارية باعتباره مخالفاً بموجب نص أية مادة قانونية سيتم تحميلها إلى المستهلك بالنتيجة، كجزء من التكاليف المحسوبة من قبله، مع الحفاظ على هوامش ربحه طبعاً، وحتى عقوبات الإغلاق الإداري، أتيح المجال لاستبدالها بغرامة مالية، وهو أمر كان معمولاً به سابقاً، لكن جرت زيادة هذه الغرامات بموجب القانون الجديد.
والأهم، أن التقديرات بشأن ما يتم تدوينه من مخالفات بموجب الضبوط التموينية، أو بما يتعلق بمدة الإغلاق، فهي بيد الضابطة التموينية، والوزارة أو المديرية المعنية بحسب الحال!
فأين أصبحت مصلحة المستهلك وحمايته؟!

المخالفون الصغار في واجهة الحدث!

زيادة الغرامات المالية لقاء المخالفات تعتبر محمولة، وخاصة من قبل كبار تجار الجملة والمستوردين، أما المخالفات المترافقة بعقوبة السجن فهي غير مقبولة من قبل هؤلاء، ويتم السعي إلى تغييرها إن أمكن ذلك، وهو ما تم التصريح به والإعلان عنه بحسب ما رشح عن اللقاءات التي جرت مع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، خلال الفترة القريبة الماضية عبر بعض وسائل الإعلام، مع الوعد بذلك على ما يبدو، بدليل تأخر صدور التعليمات التنفيذية للقانون الجديد حتى الآن!
بالمقابل، لم يخف بعض بائعي المفرق خشيتهم من التعديلات المرتقبة على القانون بحسب ما أشيع، أو ما قد تحمله التعليمات التنفيذية، بأن يتم تجيير العقوبات الكبيرة المنصوص عليها بموجب القانون، وخاصة عقوبة السجن، عليهم بالدرجة الأولى والأخيرة، كونهم بالمواجهة المباشرة مع المستهلك، بينما يتهرب الكبار من تحمل مسؤوليتهم عن موبقات السوق، برغم مسؤوليتهم الكبيرة عن ذلك، كما جرت العادة!
بمطلق الأحوال، لم يجد المستهلك من يحميه حتى الآن، فالوزارة تبحث عن زيادة إيراداتها تحت عنوان حمايته، وكبار الحيتان يبحثون عمّن يتحمل أوزارهم في السوق دون المساس بمصالحهم!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1016