معالجة التهرب الضريبي ضرب من العبث!
سمير علي سمير علي

معالجة التهرب الضريبي ضرب من العبث!

ما زال الحديث الرسمي عن التهرب الضريبي عبارة عن مقولات عائمة يتم إدراجها وتداولها والترويج لها من خلال الاجتماعات المتتالية للجنة المختصة بإصلاح النظام الضريبي، أو من خلال بعض التصريحات الرسمية، فيما تمنح المزيد من الإعفاءات الضريبية الكبيرة، وبشكل رسمي ومقونن، من خلال بعض التشريعات التي تصدر تباعاً، وليس آخرها قانون الاستثمار بحلته الجديدة.

فقد نقل عن وزير المالية قوله، عبر إحدى الصحف المحلية مؤخراً، أن: «اللجنة المختصة بإصلاح النظام الضريبي عقدت 6 اجتماعات، وتم خلال الاجتماعين الأخيرين البدء بمناقشة مسودة التعديل لقانون الضريبة على الدخل، وأخذ ملاحظات الأعضاء بما يتوافق مع المرحلة القريبة القادمة».
وكذلك نقل عن الوزير قوله: إن «الوزارة تعمل على الحد من ظاهرة التهرب الضريبي التي تفوّت مبالغ ضخمة جداً على الخزينة العامة للدولة، والتي يجب أن توظف في الإنفاق العام لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين والخدمات المقدمة».

لجنة عاملة وتشريعات تبتلع مهامها

يشار إلى أنه في مطلع العام الحالي أصدر وزير المالية قراراً بتشكيل لجنة برئاسته لإصلاح السياسة الضريبية في سورية، مهمتها «دراسة النظام الضريبي السوري، ومراجعة التشريعات الضريبية النافذة، واقتراح التعديلات التشريعية اللازمة في إطار إصلاح السياسة الضريبية، في ضوء السياسة المالية والاقتصادية العامة للدولة»، وحدد القرار اجتماعات اللجنة باجتماعين كل شهر على أقل تقدير، مع ملاحظة أن القرار لم يتضمن وضع سقف زمني لإنهاء عمل ومهمة اللجنة، بل تركه مفتوحاً.
والملاحظة واجبة التدوين هنا، من حيث الشكل على أقل تقدير، أنه كان من المفترض أن يكون قد أنجز ما لا يقل عن 10 اجتماعات للجنة منذ تشكيلها وحتى الآن، إلا أن التصريح أعلاه يوضح أن الاجتماعات لم تتجاوز 6 فقط، فكيف هي الحال عند الحديث عن مضمون مهمة اللجنة نفسها؟
الملاحظة الثانية: هي أنه وخلال فترة عمل اللجنة، بمهامها المنصوص عليها بموجب قرار تشكيلها، صدر قانون البيوع العقارية، وكذلك قانون الاستثمار الجديد، مع ما تضمنه هذان التشريعان من حيثيات بما يتعلق بالضرائب والإعفاءات الكبيرة، والتهرب الضريبي بالنتيجة كالتفاف على بعض النصوص في متنها عند التطبيق العملي لها، على حساب الخزينة العامة وإيراداتها.
فأين هو عمل الوزارة عبر لجنتها، بحسب الوزير، على: «الحد من ظاهرة التهرب الضريبي التي تفوّت مبالغ ضخمة جداً على الخزينة العامة للدولة، والتي يجب أن توظف في الإنفاق العام لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين والخدمات المقدمة»؟!
أم إن الإعفاءات الضريبية الممنوحة والمتزايدة تدخل ضمن سياق العبارة «في ضوء السياسة المالية والاقتصادية العامة للدولة»، أي: بما يتوافق مع السياسات الليبرالية المحابية لمصالح كبار أصحاب الأرباح على طول الخط، المعفيين من الكثير من الضرائب والرسوم، والمتهربين ضريبياً من الناحية العملية، على حساب الخزينة العامة والمواطن؟!

تريليونا ليرة تهرب ضريبي فقط

في حديث صحفي عبر إحدى وسائل الإعلام مطلع العام أيضاً، على لسان أحد أعضاء اللجنة المشكلة بالقرار أعلاه، رئيس قسم المحاسبة في كلية الاقتصاد بفي جامعة دمشق د. إبراهيم عدي، قال: « يقدر التهرب الضريبي في سورية بنحو تريليوني ليرة سورية، وذلك رغم صعوبة قياس حجم التهرب الضريبي بسبب تأخر وزارة المالية في إعداد قطع الحسابات وتداخل السنوات بعضها مع بعض».
فهل من الممكن معالجة ملف التهرب الضريبي بحجمه الكبير التقديري أعلاه، عن لسان أحد أعضاء اللجنة المعنية بالموضوع بشكل رسمي، في ظل هذا التعارض بين التوجهات «في ضوء السياسة المالية والاقتصادية العامة للدولة»، أي: السياسات الليبرالية المعمول بها، والمهام الموكلة لعمل لجنة إصلاح النظام الضريبي بحسب قرار تشكيلها، وبين مضمون التشريعات الصادرة تباعاً؟!
عبثٌ.. ففي ظل استمرار العمل بالسياسات المحابية لمصالح الحيتان الكبار، لا إصلاح ضريبي حقيقياً، ولا عدالة ضريبية، ولا تحسيناً للمستوى المعيشي والخدمي للمواطنين، ولا من يحزنون!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1020