أسعار الأدوية إلى رفع جديد والفساد مستمر
عمار سليم عمار سليم

أسعار الأدوية إلى رفع جديد والفساد مستمر

لا يزال الشعب السوري يتلقى الضربات تلو الأخرى في وضعه المعيشي ، ومازالت الأزمات تتوالى من الغذاء إلى الوقود إلى السكن إلى التعليم إلى المواصلات، وهي لاشك ضغوطات خانقة تنعكس على الناس سلباً وتودي بحالتهم الصحية بالنتيجة نحو الأمراض والمشكلات التي تأكل من أعمارهم، ولكن السياسات الليبرالية المتبعة في البلاد سوف تجهز على آخر قطرة حياة عند المواطن وستسلبه ما تبقى من صحته، على مرأى ومسمع من وزارة الصحة والمعنيين وهذا ما نرى طلائعه تلوح أمامنا من تصريحات المعنيين مؤخراً حول أسعار الأدوية التي ترتفع يوماً بعد يوم.

وردنا مؤخراً في المواقع الرسمية أن أصحاب معامل الأدوية يطالبون الحكومة برفع أسعار الأدوية وهو مطلب المجلس العلمي للصناعات الدوائية، كما أوضح نائب رئيس مجلس إدارة شركة العالمية للصناعات الدوائية «يونيفارما» أنه تم الاجتماع مع المجلس العلمي للصناعات الدوائية، والطلب منه أن تكون أسس التسعير للصناعات الدوائية بناء على نشرة البنك المركزي التي ارتفعت من 1256 إلى 2550. وكأن ارتفاع أسعار الأدوية طارئ جديد على الشعب السوري، والواقع أن ارتفاع أسعار الأدوية قد اعتدنا عليه منذ بداية الأزمة ومع كل ارتفاع في سعر الصرف، حتى وصل الأمر إلى أن يسعر الصيدلاني الأدوية حسب مزاجه وحسابات الربح لديه، غير أن كثيراً من الأصناف الدوائية قد تم رفع سعرها أيضاً دون إعلان مسبق أو تصريح من المعنيين، مثل: أسعار المتممات الغذائية والفيتامينات والداعمات، وكأنهم يعتبرون هذه الأصناف غير ضرورية ونوعاً من الرفاهية، ومن المعلوم أن من يتناول هذه الأصناف هم مرضى فقر الدم والعظام وكبار السن والأطفال وكلنا رأينا كيف ارتفعت أسعار الفيتامينات في موجة وباء كورونا، وفقدت من الصيدليات كل عبوات فيتامين c ذات الصناعة المحلية ووصل سعر العبوة المستوردة إلى 12 ألف ليرة سورية، وذلك تزامنا مع ازياد طلبه والحاجة إليه في ظل الوباء، وعملية زيادة أسعار الدواء هذه لن تكون المرة الأخيرة مع وجود الذرائع التي لا تنتهي عند أصحاب الأرباح، فهي دوامة لن نخرج منها طالما أن المواطن في نظر الحكومة هو آخر اهتماماتها.

خياران أحلاهما مرّ

خلال اجتماع المجلس العلمي للصناعات الدوائية وبحضور عدد من أصحاب معامل الدواء وممثلين عنهم علت الأصوات أنه في حال استمر الوضع كما هو عليه فإن التأثير سينعكس سلباً وسيتوقف الإنتاج وأنه في حال عدم تدخل وزارة الصحة فهناك معامل مهددة بالإقفال، ما يعني فقدان زمر دوائية واضطرار المواطن إلى اللجوء إلى الدواء المهرّب. وهذا الكلام الخارج من المجلس لا يفضي إلا إلى أحد أمرين أولهما: هو رفع أسعار الدواء بما يتناسب مع سعر الصرف، والثاني هو فقدان الكثير من الزمر الدوائية، وفي كلتا الحالتين الضرر واقع على المواطن المريض والمفقر، والذي يريدونه أنه يدفع ما خسره أصحاب الشركات من جيبه ومن صحته، فإما أن تشتري بالسعر الذي يضمن لنا ربحاً أو أن تحرم من الدواء ولو دفعت ثمن ذلك حياتك! أما الحكومة فهي من فئة المتفرجين أو بالأصح من فئة المنحازين إلى أي طرف إلا إلى طرف المواطن المفقر المريض، أما أن تخرج بقرار يوفر للمواطنين الدواء وبسعر يناسب دخل المواطن الشبيه بالمعدوم فهذا بعيد عن أمثالهم .

إضافة الأعذار إلى الأعذار هي الجهود المبذولة

أكد أصحاب المعامل في الاجتماع أن «هناك معامل لا تزال قيد التأهيل نظراً للأضرار التي طالتها ظلال الأزمة»
بعد مضي سنوات من انتهاء العمليات العسكرية في البلاد واستعادة سيطرة الدولة عليها لاتزال تلك المعامل قيد التأهيل ولم تنته عمليات التأهيل، وربما عمليات المماطلة والتسويف واستنزاف الأموال هي أشد وطأة من الأضرار التي لحقتها جراء الحرب، ولو كانت صحة المواطنين وأمنهم الدوائي من أولويات وزارة الصحة لسارعت إلى تأهيلها قبل تعمق هذه الأزمة لتضاف إلى قائمة الذرائع التي طنبت بها آذاننا.

سعر الدواء بالسعر العالمي والأمراض محلية الصنع!

عبر صفحة شام إف إم الرسمية في فيسبوك وردت إشارة نائب رئيس مجلس إدارة شركة العالمية للصناعات الدوائية «يونيفارما»: أن 80 بالمئة من الأصناف الدوائية بين 10 و30 سنتاً أي: من 1000 إلى 3000 ليرة سورية وهي أرخص الأسعار في العالم. تبدو هذه المقارنة مع السعر العالمي منطقية للوهلة الأولى، هذا إن صح قوله أن نسبة الأصناف هي 80 بالمئة التي يبلغ سعرها من 1000 إلى 3000 ونسي أن يقارن دخل الفرد السوري بدخل الفرد عالمياً ونسي أن الفرد يحصل على أقل من دولار واحد في اليوم وأن راتب العامل في الدولة لا يتعدى 23 دولاراً في أحسن أحواله فمن العجيب أن يعقد مثل هذه المقارنة بمعزل عن دخل الفرد.

خلاصة القول

إن ما رشح عن هذا الاجتماع وهذه المطالبات ماهي إلا امتطاء لبعض الأسباب الموضوعية والقفز منها إلى شرعنة ما بدأ به تجار الدواء والمستوردون من رفع مسبق ومتصاعد لسعر الأدوية، وكل هذه الممارسات يدفعها المواطن من جيبه ومن صحته لتزداد مأساته الصحية وتتفاقم، وبالمقابل ليحافظ أصحاب الثروات على ثرواتهم وليضاعفوها دون أي حسيب أو رقيب من الحكومة... وعلى آلام المواطنين يستمر الفساد

معلومات إضافية

العدد رقم:
1022