نُحسد على مسؤولينا

نُحسد على مسؤولينا

نحن السوريون محسودون على مسؤولينا جملةً وتفصيلاً، حقاً، فإن لم نقتل من السياسات التي يمثلونها ويدفعون بها، فإنهم يسعون- بغير قصدٍ طبعاً- لأن يقتلونا مللاً في بعض الأحيان، وضحكاً في أحيانٍ أخرى.

يقال إن «الحكي ببلاش» وهو ما يعتمده هؤلاء، ليخرجوا على منابرهم وعلى المنصات الإعلامية ليقولوا للسوريين كل شيء، وأي شيء، إنها مدرسة المنظومة السورية للإدلاء باللاشيء عبر قول أي شيء.. ليتحفنا– مثلاً – مدير حماية المستهلك في حماة بالتذكير أنّ «قطر رغيف الخبز يجب ألا يقل عن 33 سم وعدد الأرغفة في الربطة 7 أرغفة ووزن الربطة 1100 غرام وسعرها 120 ليرة لدى المعتمد ويحق للمواطن تقديم شكوى عند أية مخالفة» انتهى!
علينا أن نشكر المسؤول السابق حقاً لهذا التذكير -من غير ضحك لو سمحتم، ولا غضب- فبعضنا بدأ ينسى تماماً شكل الخبز من أساسه، تستطيعون تخيل أبعاد الربطة الآن، بمقاسها ووزنها، ولتشبعوا في تخيلاتكم، كلوا منها ما استطعتم، واسعدوا، تحديداً في سعرها «المدعوم» 120 ليرة والذي نسيناه كذلك، ولا نعلم بأي مخبز سحريّ يباع.
يا حبذا مثلاً لو يخرج إلينا الكثير من هؤلاء المسؤولين، والأكبر من بينهم، بنفس هذه التصريحات، بتذكيرنا بكل شيء مصوغ «قانوناً» بل حتى وصولاً إلى «دستوراً»!
بدأنا من رغيف الخبز، ماذا عن نوعية وسعر الدجاج؟ أو اللحم مثلاً! هذا الأخير لا يتجرأ المسؤول على ذكره أمامنا أساساً، يتخيل لو أننا تخيلنا اللحم فيرتعد، لربما نأكله؟ لا نعلم... ماذا عن البيض؟ الأرز؟ حسناً عوضاً عن المواد الغذائية، قوانين السير مثلاً؟ حقوق السكن وتداوله في البيع والآجار؟ ماذا لو خرج إلينا مسؤولٌ ما وذكّرنا بالدستور السوري المعمول به أن الحدّ الأدنى للأجور يجب ألا يقل عن تكاليف المعيشة الضرورية؟ عن حقّ الإضراب والتظاهر؟
إنّ المسؤول السابق أخطأ والله، جعلنا نتذكر ونتخيل أحد أبسط وأصغر وأقل الحقوق المتلاعب بها، رغيف خبز! والفارق ما بين أقواله والواقع، هو تماماً الفارق ما بين كل هذه الحكومة ومنظومة الفساد وبين الواقع بمعيشة السوريين والظرف السياسي والتهديدات القائمة والمحيطة بنا وببلادنا ووحدتنا ووجودنا وكل شيء.
تخيلوا مثلاً أن يخرج رئيس الوزراء ليذكرنا بالبند الدستوري السابق بالأجور؟ مصيبة! ويطلب من السوريين تقديم الشكوى، للمحكمة الدستورية؟ من غير مبالغة أكثر من نصف السوريون لا يعلمون بوجود «محكمة دستورية» أساساً، مثلما لا يعرفون لمن ستقدم الشكوى جراء رغيف الخبز غير المطابق لهذه المواصفات؟ «لمين تشكي إذا القاضي مش حيادي؟»
لن يشتكي السوريون على أية حال، لقد قطعوا هذه المرحلة منذ سنواتٍ طوال، لن يشتكوا على رغيف الخبز، ولا على الأجور، أية محاولات تخدير بائسة هذه التي لا تزال تحاول الحكومة دفعنا إليها؟ ... سوف يستردونها وينتزعونها انتزاعاً، ككل حقوقهم، من أمام أعين أعدائهم غداً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1022