موسم المؤونة - ترفٌ مطلق!
دعاء دادو دعاء دادو

موسم المؤونة - ترفٌ مطلق!

اعتاد السوريون على مواسم من السنة، كطقس جماعي تقليدي، هي مواسم المونة، حيث تعتبر عادة شعبية قديمة تعود لزمن طويل، وهي عبارة عن اقتناء بعض البقوليات والخضروات في مواسمها، للتيبيس أو لتخزينها في الثلاجة، وأحياناً بعض الفواكه للمربيات، لاستهلاكها في غير موسمها من أيام السنة، بغية تخفيض المصاريف خلال فترة الشتاء، وتنويع سلة الاستهلاك الاسري ما أمكن ذلك.

ولكن ما حل بالسوريين خلال السنوات الماضية، وهي موجة الغلاء الفاحش التي يشهدونها في كل يوم من أيام السنة، والتي حالت دون قدرة الغالبية على تخزين الطعام، وتموينه من موسم لآخر!

سياسة التجويع

تعتبر مواسم «المؤونة» من المواسم والأمور الهامة، بل حقيقةً تعتبر أساسية في حياة الأسر السورية، إلاّ أن الاستغلال وطمع وجشع المحتكرين والمسيطرين في هذا القطاع تحت الرعاية الحكومية بذرائع مفتعلة- خلق موجة غلاء كبيرة أثّرت بشكل سلبي في كمية المؤونة، وأنواع المواد التي بات غلاء الأسعار يتحكم في كميتها ونوعها، حتى أصبحت الأُسر السورية تقتصرها أو تلغيها كلياً.
فقد فعلت الحكومة ما لم تفعله كما يقال «الخالة مرت الأب» بعد سنوات الحرب، فلم يشهد المواطن من الحكومة وجميع المعنيين إلّا اتباع سياسة التجويع، والتي تجلت بالغلاء الفاحش الذي لاحق لقمة عيشه، وطال أيضاً جميع نواحي الحياة دون الاقتصار على جانب واحد فقط.

لا مؤونة دون كهرباء

من ضمن سلسة السياسات «القهرية» المطبقة بحق الشعب من قبل المعنيين تحت الإشراف الحكومي ودعمها لهم، فإن واقع الكهرباء المزري في سورية عموماً قد قتل فرحة بعض النساء، حيث ضاع تعبهن بعد انتهائهن من إنجاز موسم «المؤونة»، لمن استطاعت منهن إليه سبيلاً!
فمع كل أسف، بظل الواقع المعيشي المتردي، يمكن القول اليوم: إن الأسر التي تستطيع أن تقوم بـ «المؤونة من قريبو» تعيش في ترف! فهل من سوء أكثر من ذلك!؟
ومع ذلك وبسبب الواقع القهري الذي يعيشه المواطن اليوم في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، حيث وصلت لست ساعات قطع مقابل ساعة وصل واحدة فقط في أغلب المناطق، وهذا ما زاد الطين بلة، فقد تسبب هذا الانقطاع الطويل بإفساد المؤونة، وتكبيد العائلات السورية، التي ما زالت محافظة على هذا التقليد التراثي كما يقال «من قريبو وبطلوع الروح» بخسائر مالية كبيرة، ولو كانت الكميات المخزنة قليلة إلّا أنها تعتبر غالية الثمن بسبب موجات الغلاء وشدة النهب!

أسعار جديدة كالعادة

مقارنةً مع الأعوام السابقة- وعاماً عن عام، فإن كلفة «المؤونة» هذا العام هي أضعاف مضاعفة عن الأعوام السابقة، علماً أن الحجج المعتادة لزيادة الأسعار، خصوصاً في هذه المواسم، هي زيادة الطلب!
فاليوم، وبظل تردي الوضع المعيشي والاقتصادي عموماً، وكذلك تردي الواقع الكهربائي، لم يعد هناك ذاك الطلب المتزايد على الغذائيات، وبمختلف أنواعها، إلّا للضروري وبكميات محدودة جداً (يوم بيوم)، وبرغم الواقع المزري الذي يعيشه المواطنون إلّا أن الأسعار زادت بنسب كبيرة، مع تفاوتها بين منطقة وأخرى، وحسب جودة الأصناف.
الجدول التالي فيه رصد أسعار بعض المواد الغذائية، خاصةً التي تدخل ضمن قوام «المؤونة» مثل: الخضروات وبعض أنواع الفواكه لصنع المربيات.. إلخ في هذا الوقت من العام:
لا شك أن الأسعار أعلاه تعتبر أسعار «سياحية» لغالبية المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، لكن الحجج والذرائع لرفع الأسعار ما زالت كما هي، وتتمثل بآليات العرض والطلب، مع عدم إغفال الأسباب الأخرى طبعاً «ارتفاع سعر المحروقات، ورفع أسعار الأعلاف، وبقية مستلزمات الإنتاج الزراعي عموماً... إلخ».
بالمحصلة، المستفيد الأول والأخير من هذه المآسي التي يعيشها المواطنون اليوم، هم كبار الناهبين وتجار الحرب والأزمات المفتعلة، على حساب لقمة عيش المواطن المعدوم.

1029

معلومات إضافية

العدد رقم:
1029
آخر تعديل على الإثنين, 02 آب/أغسطس 2021 17:27