كورونا يجتاح ريف دير الزور الشرقي

كورونا يجتاح ريف دير الزور الشرقي

خلال الأسبوعين الماضيين، اجتاح فيروس كوفيد 19 (كورونا) في موجته الرابعة ريف دير الزور الشرقي، وتحديداً ريفي منطقة المياذين الغربي والشرقي.

ما زال كورونا في موجته الرابعة الجديدة يفتك بأرواح الأهالي في ريف دير الزور الشرقي، ففي قرية بقرص غربي المياذين لا تخلو يومياً من وفاتين أو ثلاث، وتجاوز عدد الوفيات فيها 30 وفاةً، مع عدم معرفة عدد الإصابات الفعلية فيها، وفي قرى غريبة ودبلان وصبيخان شرقي المياذين تجاوز فيها عدد الوفيات 50 وفاة في يومين، منهم 5 معلمين حسب ما أفاد الأهالي وهي الحالات المعروفة، عدا الوفيات الأخرى التي لم يعرف سببها المباشر، والتي تدخل ضمن الإطار العام ذاته، وقد لعبت أسباب عديدة في انتشاره، وارتفاع نسبة الوفيات، منها أسباب غير مباشرة، وأخرى مباشرة.

أسباب متراكمة

نتيجة التهميش لمحافظة دير الزور خلال العقود الماضية من جميع النواحي، وخاصةً ريفها الشرقي، الذي كان وما زال بؤرة لانتشار العديد من الجائحات سابقاً كالتهاب الكبد الوبائي، وجاءت السياسات الليبرالية منذ عقدين لتزيد الطين بلة، باتجاهها نحو الخصخصة وتراجع دور الدولة الخدمي ومنها الصحي، سواء بعدم كفاية المنشآت الصحية والكوادر الطبية الحكومية أو النقص الكبير في الأدوية ومع انفجار الأحداث والأزمة وخلال السنوات العشر وهيمنة المسلحين على المنطقة انهارت البنية التحتية الصحية، من مشافٍ حكومية ومستوصفات، وتهجرت الكوادر الطبية وأهالي المنطقة من الشباب، ولم يبق إلا كبار السن والنساء والأطفال، وما رافق ذلك من تردٍ في خدمات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي، يضاف إلى ذلك انهيار النظام الغذائي نتيجة خروج غالبية الأراضي من الزراعة، بسبب تدمير سواقي الري وسرقة محطات الضخ وارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة الأخرى من حراثة وبذار وسماد وأدوية زراعية، وفقدان اليد العاملة وارتفاع أجور العمل الزراعي والنقل وغيرها، وترافق ذلك مع نفوق غالبية قطعان الماشية والأبقار نتيجة الأعمال العسكرية وقلة الأعلاف وارتفاع أسعار، وهما المصدر الأساس للحياة وللغذاء في المنطقة، والطامة الكبرى كانت التكرير البدائي والعشوائي للنفط، والذي رفع نسب التلوث في الماء والهواء والتربة، كل ذلك أضعف نظام المناعة الصحي، لدى المتبقين من أبناء المنطقة، أو الذين عادوا مؤخراً مضطرين، نتيجة العجز عن تحمل ظروف وتكاليف التهجير والنزوح، وعدم تقديم التسهيلات الأمنية اللازمة، وكما نوهنا غالبيتهم من كبار السن والنساء والأطفال، مما سمح بعودة العديد من الأمراض الصدرية والتنفسية والجلدية التي انقرضت، كالجرب والسل، وانتشرت الأمراض السرطانية والتشوهات، وانتشار الجائحات، ومنها التهاب الكبد الوبائي، وآخرها كورونا.

الأسباب المباشرة

إذا كانت الأسباب غير المباشرة أخذت زمناً وتراكمت، فإن الأسباب المباشرة نتائجها تظهر مباشرة، فعلى الرغم من مرور 4 سنوات على دحر المسلحين من المنطقة، فإن إجراءات إعادة الحياة للمنطقة تكاد تكون شبه معدومة، وخاصة مع تدمير البنية التحتية، وعدم إعادة تهيئة البنية الصحية من مستشفيات ومستوصفات وندرة الكوادر الطبية، والتعقيم العام في المنطقة.
ولعل أهمها الآن ما يتعلق بجائحة كورونا، كعدم توفير اللقاحات المناسبة والكافية، وعدم توفير الكمامات والمعقمات مجاناً، هذا من جهة، ومن جهة ثانية النقص الكبير في الوعي الصحي، وانتشار الإشاعات حول انعكاسات اللقاح مما أدى إلى خوف الأهالي، وإحجام بعضهم عن أخذ اللقاح.

تقاعس وانتشار

رغم انتشار جائحة كورونا إلاّ أن الإجراءات المتخذة في مواجهتها، تثير الاستياء والغضب، فقد اقتصرت على تسيير سيارة تقوم بتلقيح من يرغب من المواطنين، ولم تتخذ إجراءات الحجر للمناطق الموبوءة، ولا إجراءات العزل والتعقيم، ولم تقدم الأجهزة الطبية اللازمة من منافس وغيرها، ولم يجر توفير الأدوية الإسعافية والعلاجية التي تساعد على التخفيف من معاناة المصابين وعلاجهم.
وحسب ما ذكر الأهالي في بقرص، أن ذلك اقتصر على العمل الأهلي من خلال تبرعات الأهالي لشراء الأدوية، ومبادرات فردية من بعض الأطباء والصيادلة من أبناء المنطقة، والتي ليست كافية ولا تساوي من جمل الحاجة أذنه، وكان من المفترض إعلان حالة استنفار طبي لمحاصرة الجائحة ومنع انتشارها، لكن ذلك لم يحدث.
وقد انتشرت الجائحة أيضاً وتتوسع الآن في الضفة الشرقية من نهر الفرات، الواقعة خارج سيطرة الدولة، والتابعة لمنطقة المياذين، وهي قرى هجين وغرانيج وأبو حمام، وما زال كورونا يفتك بأرواح الناس، ولا تعرف له نهاية.
وبهذه الأرقام العالية، قياساً لعدد السكان المتواجدين، والتي لا يدخل بعضها ضمن الإحصائيات الرسمية التي تعلن عنها وزارة الصحة ووسائل الإعلام، والتي على الرغم من تجاهلها، فهي تؤكد ارتفاع عدد الإصابات.
وما زال التقاعس والإهمال واللامبالاة مستمراً!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1037
آخر تعديل على الإثنين, 27 أيلول/سبتمبر 2021 17:50