من جديد... أزمة انقطاع حليب الأطفال!
رند الحسين رند الحسين

من جديد... أزمة انقطاع حليب الأطفال!

«مافي داعي أسأل...أكيد مافي».. بهذه الكلمات البائسة تقف أمّ عند باب الصيدلية، مشيرةً إلى علب الحليب القليلة المصفوفة على الرف، لتجيب الصيدلانية بأنّ المستودع لم يوزّع لهم هذا الأسبوع أيضاً!

مسلسل أزمة حليب الأطفال لم ينقطع منذ سنواتٍ عديدة، في تكرارٍ مستمر لحلقة (انقطاع- غلاء أسعار- توفّر) حاله حال الأزمة العامة التي يشهدها القطاع الدوائي.

بين الانقطاع الكلي والجزئي

تقول إحدى الصيدلانيات لقاسيون: «يصلنا من المستودع علبتا حليب نان 1 وعلبتا نان 2 أسبوعياً فقط، أي إن حصة كل صيدلية هي 4 علب في الأسبوع، في حين أن حليب كيكوز 1 و2 مقطوعان بشكلّ كلّي، وهذان النوعان هما الأكثر استهلاكاً. والمشكلة في انقطاع الحليب ليس فقط اضطرار الأهل إلى تبديل نوع الحليب الذي يعتمده طفلهم، والذي من الممكن ألا يتقبله الطفل وأن يسبب له مشكلات هضمية، بل وفي التكلفة التي تتغير بين نوع حليب وآخر، إذ يعد حليب كيكوز أرخص أنواع الحليب المتوفرة بسعر 14000 ليرة، وأكثرها انقطاعاً».
هذا الواقع السيئ بين الحجب الكلي أو الجزئي لحليب الأطفال، والمتحكم به من قبل المستودعات، يدفع ضريبته الطفل وذووه على حد سواء، جهداً وصحةً ومالاً!

أسباب الانقطاع

من جهته أوضح نقيب الصيادلة في طرطوس الدكتور حسام أحمد، أن منتجات «نستله» مقطوعة حالياً في الصيدليات، وهي حليب «نان، وكيكوز، ونيدو»، زاعماً أن «هذا لا يعني أن جميع أنواع حليب الأطفال مقطوعة، إذ ثمة بدائل كثيرة أخرى عربية وأوروبية، كذلك قال إن «سبب انقطاع منتجات «نستله» انتهاء الشحنة الموردة أخيراً إلى الأسواق، وانتظار الشحنة التالية لما يعترض عملية الاستيراد من صعوبات تتعلق بالتحويلات المالية وأجور الشحن».
الحديث أعلاه يعني أن المشكلة ليست محصورة بالمستودعات حجباً وتقنيناً بالتوزيع فقط، بل هناك أسباب إضافية تتعلق بجزء منها بالسياسات المعمول بها بما يخص عمليات الاستيراد نفسها، بالإضافة إلى الصعوبات المرتبطة بالعقوبات!
فقدان الحليب وأزمة سوء التغذية
تعدّ أزمة تأمين حليب الأطفال عبئاً إضافياً يثقل كاهل الأهالي، الذين يعيشون أصلاً أزمات معيشية أخرى، وصعوبات في تأمين المواد الأساسية، بالإضافة إلى ذلك فإنّ تبديل الحليب المستمر للطفل يترافق مع العديد من الأمراض، ما يحمّل الأهل تكاليف أدوية إضافية، خصوصاً في ظل صعوبة اعتماد حليب الأبقار كبديل عن حليب الأم أو الحليب الصناعي لاحتوائه على نسب عالية من البروتينات التي لا يستطيع جسم الطفل هضمها بشكل جيد بعد. ولكن انقطاع الحليب قد اضطر البعض للجوء إلى هذه الخيارات، وبالتالي ازدياد حالات سوء التغذية والأمراض لدى الأطفال.
وكان رئيس قسم الأطفال في المشفى الوطني في السويداء وليد حمزة قد قال في نيسان الماضي: «إن حالات أمراض سوء التغذية بدأت تسجل ازدياداً واضحاً لدى الأطفال بشكل عام، ولدى حديثي الولادة بشكل خاص، نتيجة لعدم حصولهم على القدر الكافي من الغذاء اليومي بسبب الفقر وغلاء الحليب المجفف الذي استعاضت الأمهات عنه بحليب الأبقار أو الأغنام».
خلاصة القول بعد كل ذلك، إن المشكلة بما يخص حليب الأطفال، والتي أصبحت أزمة تتفاقم بين الحين والآخر، على شكل مسلسل (انقطاع- غلاء أسعار- توفّر)، لا تعني الحكومة لا من قريب ولا من بعيد، تاركة الأطفال وذويهم لحكم الأمر الواقع الذي يفرضه عليهم السوق وقواه المتحكمة به، كما هي عليه الحال بالنسبة لكل السلع والمواد الأخرى!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1088