افتتاحية قاسيون 1022: ما الذي أعاق تنفيذ 2254؟

افتتاحية قاسيون 1022: ما الذي أعاق تنفيذ 2254؟

مرّت حتى الآن قرابة خمسة أعوام ونصف منذ صدر القرار الدولي رقم 2254 الخاص بحل الأزمة السورية، والذي صدر في حينه بإجماع أعضاء مجلس الأمن الدولي، ورغم ذلك لم يتمّ تنفيذه بعد.

ليس خافياً على عموم السوريين أنّ المتشددين من الأطراف السورية لم يوفروا جهداً في إعاقة تنفيذ القرار، وفي إعاقة أية خطوة باتجاه حوار حقيقي وحل حقيقي، وطوال الوقت كانت مصالحهم الأنانية والضيقة هي بوصلتهم في كل تحركاتهم ومواقفهم.

مع ذلك، ولأنّ الأزمة السورية قد دخلت منذ سنوات عديدة طور التدويل، فإنّ المتشددين السوريين أنفسهم لم يتمكنوا من تعطيل الحل كل هذه السنوات إلا على أساس التقاطع المصلحي بينهم وبين قوى دولية وإقليمية، وبالذات: القوى الغربية.

القرار الذي تمّ الاتفاق عليه بالإجماع أواخر 2015، حمل في نصه كلاماً صريحاً وواضحاً حول حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه، وحول عملية سياسية يملكها ويقودها السوريون وتيسرها الأمم المتحدة. ولكنّ الوقائع أثبتت أنّ سبب الإجماع حول القرار هو أنّ هنالك من الأساس طريقتين متناقضتين تماماً في فهمه وفي فهم طريقة تنفيذه...

على الضفة الغربية، فإنّ المطلوب كان على الدوام هو إجراء تغييرات شكلية لا تمس جوهر المنظومة القائمة بعلاقتها التبعية اقتصادياً مع الغرب، وبتخلفها وفسادها وضعفها... وهذا يتطلب أن يكون الحل السياسي تمثيلاً على السوريين، وليس تمثيلاً لهم.

الأدلة الملموسة على العقلية الاستعلائية الاستعمارية لدى الغرب وواشنطن خصوصاً، لا تكاد تنتهي. وفي المسألة السورية ربما يكفي التذكير بلاورقة تيلرسون ولا ورقة بومبيو اللتين حاولتا مصادرة إرادة السوريين عبر تقديم تصميم جاهز لسورية المستقبل يناسب المصالح الغربية.

بالمقابل، فإنّ الطريقة الروسية الصينية في فهم القرار، تنطلق من مصلحة هذه القوى الصاعدة اقتصادياً في تحقيق استقرار وهدوء بلدٍ هي على التخوم المباشرة تقريباً، وهي جزء أساسي لا يمكن دونه استكمال المشاريع الإنمائية الكبرى (الحزام والطريق والأوراسي). البحث عن الاستقرار يتطلب بالضرورة تأريض التدخلات الخارجية من جهة، ولكن من جهة أخرى فتح الباب لتمكين الشعب السوري حقاً وفعلاً من تقرير مصيره بنفسه، لأنّ ذلك وحده هو ضمانة استقرار حقيقي، بعكس المنطق الغربي الذي يرى في احتمال «الفوضى الخلاقة» احتمالاً إيجابياً دائماً ما دامت تلك الفوضى «ضمن أراضي الأعداء»...

ضمن هذا الفهم، وعلى أساس استمرار تحرك ميزان القوى الدولي لغير مصلحة الأمريكان، يمكن القول: إنّ إحدى النتائج المنتظرة من قمة بوتين- بايدن يوم 16 من الجاري، هي أن يتم الاتفاق على شكل وآلية تنفيذ القرار 2254، لأنّ حسم هذه المسألة بات ضرورياً للمضي قدماً، ولكسر إرادة تجار الحرب والمتشددين من كل الأطراف...

(النسخة الانكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1022
آخر تعديل على الأحد, 13 حزيران/يونيو 2021 21:33