افتتاحية قاسيون 1035: في معاني اتفاق درعا

افتتاحية قاسيون 1035: في معاني اتفاق درعا

هدأت الأمور نسبياً في درعا البلد خلال الأسبوع الماضي مع التوصل إلى اتفاقٍ برعاية روسية، وبمراقبة روسية للتنفيذ، وذلك رغم أنّ درجات معينة من التوتر لا تزال قائمةً في مناطق أخرى من المحافظة.

إنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه ليس حلاً نهائياً للمسألة، كما أنّ كل الاتفاقات القائمة ليست إلا حلولاً مؤقتة إلى حين بداية الحل السياسي الشامل على أساس القرار 2254. ولكن مع ذلك فإن النقاط الأساسية التي يمكن تسجيلها حول هذا الاتفاق هي التالية:

أولاً: جاء الاتفاق كحل وسط، ولم يتمكن أي طرفٍ من فرض كل طلباته، بل جرت تسوية الأمور بحثاً عن حدٍ أدنى مشترك، وهو ما جرى.

ثانياً: مجرد الوصول إلى اتفاق، أعاد التأكيد على أنّ الوصول إلى حلول عبر الحوار ممكن وواقعي، وأنّ مقولات الحسم انتهت صلاحيتها التاريخية.

ثالثاً: إصرار الوسيط على الحل عبر الحوار طوال فترة التصعيد، أدى إلى الحد من عدد الضحايا والحد من التدمير ومنع التهجير.

رابعاً: منع التهجير بحد ذاته، هو إنجازٌ يحسب لإرادة السوريين في البقاء في أرضهم، ويعني إنجازاً لكل السوريين من كل الاصطفافات والراغبين بإنهاء الأزمة والوصول إلى حل سياسي... لأنّ الطريق نحو الحل السياسي يمر عبر بقاء السوريين في أرضهم، وعبر حل الأزمات المختلفة بالحوار وليس بالسلاح.

خامساً: لمنع التهجير معنىً آخر أيضاً، هو أنّ المحاولات التي كان المطلوب منها أن يتحول ملف درعا البلد إلى ملفٍ إضافي بالاتجاه نفسه مثل ملفات سابقة خلال مراحل الصراع العسكري، قد فشلت. وبكلام آخر، فإنّ محاولة منع تحويل درعا البلد إلى نقطة انعطاف تثبّت بشكل عملي انتهاء آفاق الحلول العسكرية، قد فشلت، ولذلك نقول إنّ الصلاحية التاريخية لشعار «الحسم» قد انتهت، ليس نظرياً فقط، ولكن عملياً أيضاً.

سادساً: الاتفاق بهذا المعنى، ولأنّ المتشددين كانوا يحلمون بنسف 2254 عبر التصعيد، وعبر عدم الوصول إلى اتفاق، فإنّ معناه يتجاوز درعا البلد إلى سورية كلها؛ عبر التأكيد على أنّه ليس من حلٍ نهائي لأية أزمة من الأزمات المتراكمة في سورية، إلا الحل السياسي الشامل، وعبر 2254 بالذات، وما يمكن القيام به إلى حين الوصول إلى ذلك الحل هو حلول جزئية ومؤقتة.

إنّ ما هو أهم من طموحات ومصالح المتشددين من كل الأطراف، هو أنّ إنهاء حالة تقسيم الأمر الواقع وإعادة توحيد البلاد وشعبها، وإخراج القوات الأجنبية من سورية، له طريق واحد فقط: هو حل سياسي يفتح الباب أمام السوريين بشكل فعلي لتقرير مصيرهم ومصير بلدهم بأنفسهم، وعبر الحوار وعبر الأدوات الديمقراطية والسياسية.

 

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1035
آخر تعديل على الأحد, 12 أيلول/سبتمبر 2021 22:04