الدورة 78 للجمعية العامة هل تنجح أجندة «دول الجنوب»؟

الدورة 78 للجمعية العامة هل تنجح أجندة «دول الجنوب»؟

تتشكل الوفود على مستوى الدول تمهيداً لانطلاق أعمال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، المقرر أن تبدأ يوم الثلاثاء (سنوياً في الأسبوع الأول من أيلول)، وفي الوقت الذي تجري فيه تحضيرات لانعقاد الجلسة مثل وضع مسودة جدول الأعمال وانتخاب رئيس الجلسة، تُعد الدول اجنداتها المعتمدة وتعلن مساعيها في هذا الخصوص.

تعتبر «الجمعية العامة للأمم المتحدة UNGA» «الهيئة الرئيسية للتداول ورسم السياسات والتمثيل في الأمم المتحدة»، وتعمل الجمعية في جلساتها على مجموعة من القضايا الدولية وتصوت على قرارات تمس مجالات مختلفة في الاقتصاد والتنمية والبيئة وقضايا السلام العالمي وفض النزاعات، وغيرها الكثير. وتتوجه الأنظار إلى جلسة المناقشة العامة السنوية (ستعقد بالفترة من 19 أيلول الجاري إلى 26 من الشهر نفسه) التي يجتمع فيها قادة العالم ويعلنون مواقفهم من قضايا ساخنة وأساسية على المستوى العالمي. لذلك تعتبر هذه الجلسة بمثابة إعلان نوايا وساحة للحوار وتبادل الآراء، خاصة أن الدول تعقد على هامش جلسات الجمعية العامة سلسلة من اللقاءات الثنائية والجماعية.

إصلاح الأمم المتحدة

يبدو أن هناك توافق عالمي على ضرورة «إصلاح المؤسسات الدولية» لكن هذا التوافق لا يبدو أنه يتجاوز هذا العنوان العريض، في الوقت الذي تؤكد فيه التصريحات الرسمية أن مفهوم وطبيعة وأهداف هذا «الإصلاح» تكاد تختلف بشكلٍ جذري في وجهة نظر التكتلات الرئيسية على المستوى العالمي. لكن المؤكد أن أي إصلاح في الأمم المتحدة ومنظماتها سينطلق حتماً من الجمعية العامة، التي تسمح لها صلاحياتها ومجالات اختصاصها برسم الأطر العامة ووضع واعتماد ميزانية الأمم المتحدة، وتعيين الأمين العام، هذا بالإضافة إلى أن الصلاحية الموكلة لأعضاء الجمعية بانتخاب الأعضاء المؤقتين في مجلس الأمن تعتبر مدخلاً لنقاش آليات توسيع أعداد المقاعد المؤقتة أو حتى زيادة مقاعد الدول الدائمة، وهو ما يجري الحديث حوله بشكل متزايد مؤخراً.

دول الجنوب و«التفكير المتماثل»

ربما يكون أبرز ما يجري مؤخراً في أروقة المؤسسات والمنظمات الدولية، هو بروز ملامح واضحة لتكتل مؤلف من مجموعة واسعة من الدول المؤثرة، التي تدرك أن عصر الهيمنة الغربية انتهى فعلاً، وحان الوقت لإعادة بناء وإصلاح كافة المنظمات الدولية على هذا الأساس. وتكشف التصريحات الروسية حول المسألة، ملامح المرحلة القادمة، إذ أكدت وزارة الخارجية أن الوفد الروسي المنتدب لحضور أعمال الدورة الحالية والجلسة العامة إلى جانب «الدول ذات التفكير المماثل من دول الجنوب العالمي» سيركزون جهودهم في الجلسة القادمة لبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب، وعادل وديموقراطي حقيقي، لا مكان فيه لتسييس مجالات التعاون بين الدول، ويواجه الأشكال الحديثة للاستعمار الجديد.

وفي هذا السياق قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف «من المهم عدم السماح للأمم المتحدة بالخضوع لمجموعة ضيقة من الدول الغربية التي تسعى إلى استبدال المبادئ المعترف بها عموماً للتفاعل بين الدول بهياكل غير توافقية». وأكدت الخارجية الروسية أن الهدف من أي إصلاح قادم لمجلس الأمن، مرتبط بتوسيع تمثيل الدول النامية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بعد أن كان لافروف اعتبر في وقت سابق من شهر تموز الماضي، أن حصول دول مثل ألمانيا واليابان على عضوية دائمة في مجلس الأمن مسألة «غير مطروحة للتداول» على أساس «أنهما لن تجلبا أي جديد إلى المناقشات» وأضاف حينها أن أكثر من ثلث التكوين الحالي لمجلس الأمن يمثل دول ما يسمى بـ «المليار الذهبي» بينما هناك تمثيل ضعيف للمليارات الثمانية المتبقية!

ربما لن تحمل الأسابيع القادمة أي إجراءات معلنة أو ملموسة في هذا الخصوص إذ ستكون «الجلسة العامة» بمثابة صافرة البداية لمرحلة تاريخية في هذه المؤسسة الدولية، سيزاد فيها تأثير ومساهمة دول الجنوب وخصوصاً إذا ما جرى توسيع التمثيل بالشكل الذي تتبناه روسيا والصين، إذ تعتبر المسألة حتى اللحظة موضوعاً للتجاذب وستكون النتيجة النهائية تعبيراً عن حجم التغيرات في العالم وسنكون أمام تحوّل نوعي تظهر فيه القوى الدولية الجديدة بوصفها صاحبة الكلمة الأعلى في رسم مستقبل العالم.